الرئيسة \  مشاركات  \  بيان فصائل الجيش الحر.. هل هو انقلاب! وعلى من؟

بيان فصائل الجيش الحر.. هل هو انقلاب! وعلى من؟

28.09.2013
الطاهر إبراهيم




في خطوة مفاجئة، وربما لم تكن محسوبة عند الائتلاف السوري، اجتمع ثلاثة عشر من فصائل الجيش الحر وأعلنوا ما أسموه البيان رقم (1)، كان أهم ما جاء فيه:
1- تدعو هذه القوى والفصائل جميع الجهات العسكرية والمدنية إلى التوحد ضمن إطار إسلامي واضح ينطلق من سعة الإسلام ويقوم على أساس تحكيم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع.
2- تعتبر هذه القوى أن كل ما يتم من تشكيلات في الخارج دون الرجوع إلى الداخل لا يمثلها ولا تعترف به. وبالتالي فإن الائتلاف والحكومة المفترضة برئاسة "أحمد طعمة" لا تمثلها ولا تعترف بها.
وقد وقّع على البيان ثلاثة عشر فصيلا كان أهمها: جبهة النصرة التي ينضوي تحت قيادتها أكثر من عشرين ألف مقاتل، وحركة أحرار الشام التي ينتمي إليها حوالي عشرين ألف مقاتل، ولواء التوحيد( انضم إليه لواء الفتح قبل نصف شهر ) ويضم اثني عشر ألف مقاتل، وألوية صقور الشام وعدد مقاتليها أكثر من عشرة آلاف مقاتل. الفصيلان الأخيران مع لواء الإسلام ينتمون إلى تجمع أعلن عن تشكيله بداية هذا العام تحت اسم "جبهة سورية الإسلامية الحرة"، وتنشط في حلب وإدلب وشمال شرق سورية، ولديها وجود في ريف دمشق.
جدير بالذكر أن هذه التشكيلات تضم في صفوفها مايزيد عن75% من المقاتلين الذين يشكلون قوام الجيش الحر. كما أن معظم مقاتلي هذه التشكيلات هم من المدنيين الذين التحقوا بالجيش الحر، وقياداته مدنية. فما الذي دعا هذه التشكيلات إلى هذا الإعلان، وفي هذا الوقت بالذات؟
نستعجل القول: فخلافا لما تريده واشنطن، فإن هذه التشكيلات كانت تنسق فيما بينها في كل المعارك التي خاضتها ضد النظام، وأنه كان لديها غرفة قيادة مشتركة، كما صرح بذلك العقيد "عبد الجبار العكيدي" الذي ينتمي إلى لواء التوحيد،وأن اختلاف التوجه الفكري لم يكن ليؤثر على نتائج المعارك، بل كان المؤثر الأهم هو وحدة الهدف، ووجود السلاح ونوعيته.
إن فشل الائتلاف المعارض في أن يكون قيادة سياسية للثورة السورية  بسبب ما كان يعصف به من خلافات، جعل الألوية المقاتلة تنظر إليه بعين الريبة. وإن أسلوب "فرق تسد"الذي تتبعه واشنطن مع ألوية الجيش الحر وتقسيمها بين "قاعدة" ومعتدلين، والتصاق الائتلاف بواشنطن خصوصا في عهد رئيسه الجديد "أحمد الجربا"، وقيام واشنطن بتحريض دول عربية مانحة لتحجب مساعداتها عن الفصائل التي تتهمها بأنها من القاعدة، كل هذا سرّع بالفصائل المتمردة على الائتلاف فيما بينها وإصدار البيان(1). نلفت إلى أن رئيس الأركان اللواء "سليم إدريس" لم يرد له ذكر في هذا البيان، فهو يحتفظ بعلاقات طيبة مع معظم فصائل القتال.
خلت ورقة البيان(1) من اسم (الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام) "داغش"، فقد استثني عن عمد، لأن معظم التشكيلات الواردة في البيان لا تربطها علاقة طيبة مع دولة العراق التي يرأسها "أبو بكر البغدادي"، خصوصا أن "داغش" حاولت طرد بعض ألوية الجيش الحر من بعض المناطق المحررة مثل "أعزاز" على الحدود مع تركيا. كما أن البغدادي حرض بعض المجموعات للانشقاق عن جبهة النصرة والالتحاق بداغش.
بعض رموز الائتلاف حاولوا التقليل من البيان (1). وزعم بعضهم أنها فقاعة صابون لا تلبث أن تنطفئ، وستعود المياه إلى مجاريها. ما هو مؤكد أن هناك تذمرا ضد الائتلاف في صفوف المقاتلين في الداخل. ويزعم البعض: أن الائتلاف ومن قبله المجلس الوطني،وصلتهم معونات  مالية لتوزيعها كإغاثة على المحافظات السورية، فوزعها بعض من استلمها على أبناء مدينته واستثنى باقي البلدات، وهذا ما أثار نقمة المقاتلين.
بعض المراقبين لحركات الجهاد في سورية يعتقدون أن البيان (1) لم يأت من خلفية معونات وأسلحة تحجب عن فصائل معينة فحسب، بل إن هناك قناعة أن الائتلاف لم يستطع أن يقاوم ضغوط واشنطن عليه، وأنها تخشى أن يصبح هذا الائتلاف عبئا لا معينا.
لكن!لماذا هذا البيان الآن؟: لا تنظر معظم وحدات الجيش الحر نظرة اطمئنان إلى الائتلاف لأنه لم يتم اختيار أعضائه من قبل الشعب السوري، أي أن الائتلاف لا يملك قاعدة شعبية في الداخل السوري. ثم هو يتكلم على أنه سيشكل الحكومة المؤقتة، ولم يقدم للجيش الحر شيئا. هذه الميكيافيلية أوغرت الصدور، حتى بدا كأن المقاتلون يقدمون أرواحهم ثم ليأتي الائتلاف ويستلم الحكم على "بارد المستريح".
يتحدث البعض أن مقاتلي "داغش" نادرا ما يشتركون في قتال جيش النظام. بل يسعون إلى   السيطرة على المناطق المحررة، ليستولوا على خيرات تلك المناطق، مثلما حصل في الرقة. وسعى هذه الفصائل للوقوف في وجه البغدادي ودولة العراق والشام، سيما وأنه يستنزف هذه التشكيلات ويحرض عناصرها على الانشقاق لتنضم إليه، كما حدث مع جبهة الأقصى التي انشقت عن جبهة النصرة والتحقت ب"داغش". التشكيل الذي أعلن عنه البيان (1) سيكون حجر عثرة أمام أطماع "داغش" والبغدادي.     
كاتب سوري