الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بين خطاب الأسد البوليسي.. و غطرسة نتنياهو وبطولات الثوار !

بين خطاب الأسد البوليسي.. و غطرسة نتنياهو وبطولات الثوار !

23.07.2014
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الثلاثاء 22/7/2014
لم يكن يروق لنا أن نكتب أسطرا عن خطاب القسم الذي قام به بشار المجرم لولاية ثالثة في الحكم على سورية استكمالا قميئا للكوميديا التراجيدية التي بدأها منذ انتخابه الأول المزور عام 2000 ومرورا بالانتخابات اللاحقة والعملية الانتخابية الأخيرة قبل شهر حيث اقتصرت على نسبة محدودة من مؤيديه رغبا ورهبا وبعضا من طائفته ومن حشدهم حزب الله والجنرال ميشيل عون في لبنان وزورت مع ذلك النتيجة لتبلغ حوالي 89% ولا عجب فتلك عادات المنافقين والمأجورين فكيف إذا انضم إلى ذلك الحقد الطائفي والتركيز على الايدلوجيا المعارضة لأكثرية السكان في سورية. أجل كنا نريد أن نتحدث عن غزة وتداعيات الحرب الإسرائيلية الوحشية عليها في ليل ادلهم الخطب فيه بالمجازر عليها وعلى أختها سورية هذه الأيام فالهدف واحد من قبل إسرائيل والأسد وهو فعل السيد والعبد ليس إلا. مع أن البطولات الأسطورية التي دكت تل أبيب بنيران حماس والبطولات العجيبة التي يتصدى بها ثوار سورية ضد الأسد لن تدعى للسيد ولا للعبد مكانا وهنا ومنذ البداية لا بد أن نبين وجهة نظرنا في هذه المسألة الحساسة. حيث إن الأسد بحقده العارم على حركة حماس وادعائه أنها أنكرت الجميل معه وهو الذي احتضنها كما يقول. - وهل كان هذا لوجه الله في عالم لا يجري فيه شيء إلا بدافع المصالح والأهداف البعيدة. إذ لما رفضت حماس أن تنصاع لأي تنازل للأسد وتدين الثورة السورية ونصحته بالتصالح مع شعبه. حرن الديكتاتور وجاءته الفرصة لحربها. وها هي إسرائيل تحارب حماس. والأسد يدعي أنه ملتزم تجاه فلسطين. ونحن نسأل متى كان ملتزما من قبل حتى يلتزم اليوم فهو ووالده قبله منذ أربعة عقود لم يطلقوا رصاصة واحدة على بني صهيون بل ها دنوهم وأصبحت الجولان المتوترة اليوم خوفا من حماس هادئة على مر تلك العقود حتى توسعت في مستوطناتها بما يثير الدهشة ولذا بقي القرار بضرورة بقاء بشار الأسد لأن في بقائه مصلحة إسرائيلية فهو أسد على شعبه أرنب أمام اليهود وهذا هو الواقع والحقيقة وإنه لحماية إسرائيل لابد من الطلاق مع حماس بل العمل مع السيسي إذ هما اليوم وربما من السابق في خلية أزمة مضاف إليهم المالكي المؤتمر بأمر إيران التي هي في حقيقة الأمر مع إسرائيل وأمريكا لمن عرف الوثائق والحقائق. وهكذا وبالتنسيق مع روسيا والصين التي لا تدين إسرائيل تكتمل اللعبة الدولية على حماس وعلى أهلنا في غزة لدرجة أصبح هجاء حماس مطلوبا مرغوبا عند البعض. وذم اليهود أعداء الله والبشرية محجوبا. ولا غرابة في ذلك مع أناس هم إلى الذكور أقرب منهم إلى الرجال ولتصبح غزة رهينة إيران كذلك التي تعمل على ضرب الوحدة الفلسطينية لإفساح المجال لإسرائيل أن تسفك الدماء وتنهي حماس إذا استطاعت. ولذا فإن إيران توصيها اليوم بالمفاوضات مع إسرائيل حيث إنها أدركت الأداء الممتاز لها مما يغير المعادلة. أما الوقف الفوري لإطلاق النار فإنه يدع مجالا لإسرائيل كي تلتقط أنفاسها وتتحرك مع المجتمع الغربي لتقلب النصر هزيمة وتراوغ من جديد كما هو شأنها دوما. ويأتي خطاب القسم البوليسي الأسدي اليوم متزامنا مع تصعيد العدو على غزة ومع التوتر السائد في الجولان ليؤكد على شخصية القائد الأسد المنتصر في زعمه ويأخذ سطرا واحدا يذكر فيه فلسطين من خطاب دام طويلا لذر الرماد في العيون وللضحك على الذقون فالشخصانية أهم المهمات ولذلك بدأ دخول الأسد على شكل المشهد القيصري الروسي ليعطي شيئا من الهيبة وليبرهن على التزامه مع الحليف الروسي وطبعا تم الخطاب في قصر الشعب المحصن أمنيا ولم يكن في مجلس النواب كما هو العرف التقليدي في أداء القسم ورغم تبرير المبررين من خدمة الأسد أن ذلك لم يكن لذعره وخوفه من الثوار المسلحين إلا أن الواقع يثبت أن القصر الجمهوري هو على مرمى سلاحهم وعلى بعد 4 كم فقط والدليل أنهم رموا 14 قذيفة هاون فور وصول الأخبار عن احتفالية القسم. وهم في قلب دمشق وفي كراج العباسيين على وجه التحديد المكان الذي لم تستطع قوات الأسد تحريره إلى اليوم. ورغم أن الخطاب كان ممجوجا مكررا يبدو فيه الأسد منفصلا عن الواقع أو أنه يعرف كل شيء ولكنه يتغابى ويمثل ويهرج ليصدر الكلام إلى الخارج فقط وهذا هو الثابت حيث إنه هو يوقن أن الأمور ليست في صالحه وأنه مهزوم مأزوم يخطب في قصره ثم يختبئ فيه ويبيع العالم عنتريات الطغاة على شعوبهم النعامات في الحروب مع الأعداء لا كما علق الدكتور فواز جرجس أن فيه جديدا ذاهبا إلى التحليلات السطحية ليس إلا. وطبعا فحتى لا ننسى فإن الأسد يستدعي مستشاريه الكثيرين ويأخذ من كل العبارة المناسبة ويدعو لجنة الصياغة أن تختار الكلمات والصفات والتشابيه ليظهر كأنه عبقري زمانه. ولأنا نحن السوريين نعرف ما يجري فإن ذلك لا يتم إلا بالأوامر الناعمة أو الخشنة. ولتتقن اللغة فيعوض بها النقص المركب في أدائه وعمره السياسي الميت مؤخرا. والذي بدأ في يوم واحد من 11 إلى 12 يونيو على 2000 لتنقل السلطة من الأب إلى الابن وتعكس مدى شمولية النظام ومركزيته ورضى الغرب وأمريكا عنه بحجة عملية السلام مع إسرائيل. وفي خطاب القسم وقتها ركز الأسد على ضرورة التقدم في زمن المعلوماتية وحث على إصلاح الاقتصاد وبدا كأنه منفتح على الشعب وما إن قام ربيع دمشق بمجالسه ومنتدياته حتى سلط عليه القمع ومنع الرأي الآخر وسجن من سجن. ومن دون الدخول في تفاصيل فإن القسم الثاني للولاية الثانية كان مثله وانتشرت البيرقراطية والطائفية واحتقن الشعب غضبا لسوء الإدارة رغم كل النصائح من المؤيدين والمعارضين. أما في خطاب القسم هذا فيمكننا أن نركز على أهم القضايا.
أولا: تحدث كثيرا عن الأخلاق والفضائل وأن بها يتقدم المجتمع فكان كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن حيلة إبليس "صدقك وهو كذوب" فنحن لا نقول إنه آخر من يحق له التحدث عن هذا الجانب ولكن نقول إنه العديم من أي ضمير وخلق ونخوة وإحساس لما جرى ويجري للبلاد والعباد وخصوصا قتل وسجن وتشريد الأطفال والشيوخ والنساء.
ثانيا: التهديد الواضح بدفع الثمن الباهظ للدول التي ساعدت من وصفهم بالإرهابيين وإن الجيش الحر والثوار لهم أطهر وأنقى أن يوصفوا بذلك ولكن الكلام صفة المتكلم وإن الدول التي أعانت الإخوة الثوار لهي في جانب العدل والإعانة والنصرة للمظلومين وليس كالدول التي أعانته بالمال والرجال والسلاح كروسيا وإيران والصين وحزب الله ومالكي العراق.
ثالثا: أكد محاربة الإرهاب. وإن هذه الاسطوانة المشروخة لم تعد خافية على أحد فكل مسؤول بذريعة الإرهاب يعمل على سحق معارضيه ومن كانوا يمتلكون الحق ويطالبون بالحرية وإن إرهاب الدولة الذي يقوده الأسد لهو أشد الإرهاب ولا يوجد إرهاب في العالم اليوم يوازي إرهاب الأسد ولا حتى نتنياهو!
رابعا: أكد أنه منتصر وأراد أن يوهم العالم أنه انتهى كل شيء وإن حلب والرقة سوف تعودان ولم يذكر أنه خسر على الأقل 60 % من أراضي سورية وأكثر من 11 مليونا ضده في الداخل والخارج وأما الذين حوله فأكثرهم صامتون لأنهم يقعون تحت مناطق سيطرته وأكثرهم ضده ولكن ماذا يفعلون مع البراميل وغاز الكلور وجحيم البارود؟
خامسا: هاجم الإخوان المسلمين ووصفهم بالشياطين ليؤكد دخوله في المؤامرة الحقيقية الصهيونية الخمينية الفاتيكانية عليهم اليوم ولواحد منهم أطهر منه ومن إيران والصليبين جميعا والمنسوبين إلى العلم من رجال الدين المنافقين للسلطة.
سادسا: تحدث عن الإعمار وأنه سيقوم به ويدعو كل فرد لذلك فكيف يمكن ملء أي خزان بالماء وأسفله مثقوب وكيف سيبني وهو الذي يدمر وإن الحرب ضده لن تتوقف أبداً حتى يتم التغيير فإن هول المشهد لا يسمح بذلك وعليه فالنظام كما يسمى مجازا – فاسد عبر عمره الحكومي المفسد اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا وتعليميا ولا هو على العقل يسير ولا يسمح بالنصيحة والرأي الآخر ولا هو على العدل يقف ليرضى عنه الناس ويتغاضوا عما قد يقع من أخطاء مقبولة فجل الذي لا يخطئ وهكذا فلا يمكن أن يسمى نظاما بل هو اللانظام كما هو شأن إيران والعراق ومصر فيمن يحكمها اليوم وإنما مسرحية الأسد الفاشلة ستكون بداية النهاية له بإذن الله وما مثله ومثل السوريين إلا كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
ونظام الأمور عقل وعدل فإذا وليا تولى النظام