الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بين روسيا.. وتركيا!

بين روسيا.. وتركيا!

02.12.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الثلاثاء 1/12/2015
 ستبقى تشغلنا "الأزمة السورية" لأنها لم تعد قضية داخلية, بعدما فتح هذا النظام أبواب "القطر العربي السوري" لإيران ولروسيا ولكل شذاذ الآفاق من تنظيمات مذهبية وطائفية جاءت بهدف الانتقام التاريخي والسلب والنهب, بل أصبحت قضية قومية وإقليمية ودولية وحتى إذا أراد البعض قضية إسرائيلية على اعتبار أن إسرائيل غدت حليفاً لروسيا ولدولة الولي الفقيه وأن بنيامين نتنياهو بات لا يأوي إلى فراشه ليلاً إلا بعد الاتصال بـ "الرفيق" ليس فلاديمير لينين بل فلاديمير بوتين .
 ولعل ما تجب الإشارة إليه في إطار هذا الانشغال أنَّ شركاءنا في التاريخ القريب والبعيد أيْ الأتراك قد استغلوا مشكلة اللاجئين السوريين, وربما معهم الحق كله, لطرق أبواب الاتحاد الأوروبي التي بقوا يطرقونها منذ نهايات خمسينات القرن الماضي بدون أي نتيجة وذلك بينما سارعت روسيا إلى احتلال سوريا احتلالاً عسكرياً باتت تشارك فيه قوات برية وعلى رؤوس الأشهاد وبلا خجل ولا وجل ليس لإنقاذ بشار الأسد ونظامه, كما يروج الطائفيون الذين ينظرون إلى هذا الصراع من زاوية دينية ومذهبية, وإنما لاستعادة مكانة الاتحاد السوفياتي (الراحل) في المعادلة الدولية .
 ربما أن من حق تركيا (الأردوغانية) بحكم الجوار والتدخل الجغرافي والسكاني والتاريخ المشترك, القريب والبعيد, وبحكم الخوف على نفسها أن تتدخل في الأزمة السورية وأن تمنع إنشاء ما يسمى تحالف الأقليات الذي يروج له نظام بشار الأسد ومعه إيران (الطائفية والمذهبية) وبعض الطائفيين الذين لم يندمجوا عملياً مع الأكثرية في هذه المنطقة رغم كل هذا التاريخ الطويل والذي إن هو أُقيم فإنه سيؤثر سلباً على التركيبة الداخلية في هذه الدولة, أيْ تركيا, ذات التركيب الفسيفسائي حيث هناك فئتان علويتان وهذا بالإضافة إلى الأكراد الذين يشكلون الفئة الأكبر وهناك البكداشيون واللاز وأقليات صغيرة مثل الأرمن والقوقاريين وغيرهم .
 إنَّ هذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها وتفهمها ولكن مع التأكيد على أنه لا يحق لتركيا وفي كل الأحوال أن تتدخل في الشؤون الداخلية السورية إلَّا بما يعزز وحدة شعبها ووحدة أراضيها ويدعم المعارضة السورية (المعتدلة) ويبعد عنها المتدخلون عن بعد وكل هذا وأنه لا بد من التنسيق مع الدول العربية المعنية المجاورة والقريبة والبعيدة .
 أمَّا بالنسبة لروسيا فإنها مرفوضة لأنها مدَّت يدها إلى هذا البلد العربي من فوق حدودها البعيدة ولأنها تدخلها قد اتخذ صيغة احتلالية سافرة ولأنها أمعنت ومنذ بداية هذا الاحتلال, أي قبل نحو شهرين, في ذبح الشعب السوري وتدمير مدنه وقراه واستهداف فئة معينة من مكونات هذا الشعب وهي وبكل وضوح وصراحة: "العرب السنة" المستهدفون أيضاً في العراق والذين كانت أسقطتهم معادلة ذلك المجرم بول بريمر من أرقامها الرئيسية واعتبرتهم طرفاً مهزوماً يجب أن تحمله مسؤولية كل ما جرى ليس إبان حكم حزب البعث وصدام حسين بل منذ بداية حكم العباسيين وقبل ذلك !!
 إن من حق الروس أن "يشاغبوا" دولياً وأن يستخدموا كل ما يستطيعون استخدامه لتحسين مواقعهم في المعادلة الدولية وليستعيدوا ولو بعض مكانة الاتحاد السوفياتي (الراحل) لكن ما هو ليس من حقهم هو أنْ يحتلوا سوريا احتلالاً عسكرياً مباشراً وهو أن يفرضوا هذا النظام المتهاوي فرضاً على الشعب السوري وهو أن يتحالفوا مع إيران ومع نظام بشار الأسد وفقاً لصيغة شديدة الوضوح بأنها مذهبية وطائفية ضد الأغلبية السورية التي هي العرب السنة الذين تواصل القاذفات الإستراتيجية الروسية تدمير مدنهم وقراهم ويومياً وفي كل ساعة ودقيقة وقتل أطفالهم وها هو الذي جرى في دوما وفي أريحا في إدلب في الأيام الأخيرة شاهد على ذلك !!