الرئيسة \  مشاركات  \  بين ريف حمص وريف إدلب.... يضيع الهدف

بين ريف حمص وريف إدلب.... يضيع الهدف

17.12.2014
وليد فارس


حمص- وليد فارس
"سيروا إلى الله فإننا معكم حتى ينجلي هذا الطاغية عن أرض الشام" استوقفتني هذه العبارة وأخواتها, في أحد الفيدوهات التي أتت تحمل عنوان "فرحة الأهالي بتحرير حواجز وادي الضيف", العبارة التي تدل على رضىً عما يقوم به الثوار, وتأكيداً على أن أربع سنوات من الجوع والتعب والتشرد والقصف لم تثني عزيمة المدنيين السوريين الذين ينتظرون النصر في كل لحظة, ويترقبون ملامحه في كل عملية, فتُشع وجوههم أملاً, ويستبشرون.
على جانبٍ أخر من أرض سوريّة, نتابع بقلق ما يحصل بين أخوتنا في ريف حمص الشمالي, من تصرفات تدمي قلوبنا, وتحط من عزيمتنا, وتزيدنا ألماً فوق ألامنا, فتشفي صدور أعدائنا, ولا تخدم إلا المتربصين بالثورة والشامتين, وعند هذه الأحداث يقف الأهالي مشدوهين, متحسرين, يضربون أيديهم ببعضها, خاوية من حولها, ويضربون أبصارهم نحو السماء, واثقين بحول الله وقوته.
 يشاهدون ما يحصل من انتصار للنفس, وحسدٍ وتباغضٍ, وفقدان للبوصلة, ونسيان لدم الشهداء, واستهتار بالثورة وأهلها, متسائلين بينهم إن كان هؤلاء أبنائهم الذين خرجوا قبل أربعة سنوات!, أم أن القلوب تقلبت, رغم ثبات الوجوه!؟.
يتكلم بعض علماء الاجتماع عن البيئة التي يجري فيها العمل, ويتكلم أخرون عن صفات نفسية وجسدية للثوار, وأخرون عن فرق السلاح والعتاد, وغيرهم عن التخطيط والتنظيم...فهل الثوار غير الثوار, أم أن الأهالي غير الأهالي؟.
ليأتي نمط إدراكنا متطلعاً نحو الفرق الحقيقي: "العمل", العمل الذي يجعل الأشياء تتغير, والأراضي تتغير, والنفوس تتغير, العمل الذي يركز على أهدافه من غير انحراف أو تغيّر.
ولعل هذا ما يفسر مرور ثوار ريف إدلب -وغيرها من المناطق- بنفس المشاكل التي تعترض الريف الحمصي اليوم, عندما كان همهم التحاسد فيما بينهم, وتفضيل مصلحة الكتيبة أو الجماعة على مصلحة الجميع, وعندما كانت البوصلة في غير اتجاهها.
لقد ضحى هذا الشعب بكل ما يملك لأجل هذه الثورة, أبنائه, ممتلكاته, أوقاته, لكنه لم يتخلى عن مستقبله الذي طالما حلم به, حلمه الذي ترتسم صورته أمام عينيه كل يوم, فأتى الجهاد في هذه الثورة طريقاً لتحقيق هذا الحلم, فصارت صراطاً معلوم النهاية, وانفتحت على جوانبها شُعباً من رغبات النفوس, وأحلام المراهقين, وطموح الضعفاء, فثبت من ثبت على صراط الثورة ولا يزال يسير عليه نهجاً مستقراً مهما حصل, وضل من ضل في تلك الشُعب, فأتت ردات فعل هؤلاء الناس وصيحاتهم نذيراً, للضالين, ومؤنساً مبشراً للسالكين.
فلينظر كل "ثورجي" في أعين الأطفال ويراقب بريقها, وفي جبهات الشيوخ وليراقب طهرها, وفي رؤوس النساء وليلحظ شموخها, وفي كلمات الرضى عند الرجال, فإذا وجد غير ذلك فقد ضل الطريق.