الرئيسة \  مشاركات  \  تفجيرات الريحانية- رسائلُ مُتبادَلة

تفجيرات الريحانية- رسائلُ مُتبادَلة

14.05.2013
محمد عبد الرازق


تأتي تفجيرات الريحانية ظهيرة يوم السبت ( 11/ أيار/ 2013م )،عقب التصريحات التركية المتصاعدة حول موضوع استخدام الأسد السلاح الكيمياوي، و بعد عزمها على نشر وحدات طبية على طول الحدود التركية السورية لفحص الجثث والجرحى؛ للتأكد من وجود أية آثار كيمياوية عليها.
هذه التصريحات التي جاءت بالتزامن مع التصريحات الأمريكية المشابهة التي تؤكد فيها على توفر أدلة قوية حول إقدام الأسد على فعل ذلك؛ الأمر الذي يعني الاقتراب من كشف المسكوت عنه منذ أشهر عدة حول تخطي الأسد الخطوط الحمراء.
و بهذا أرادت الأطراف المناهضة للموقف التركي أن تُعجِّل له في العقاب، قبل أن يقوم أردوغان بوضع هذه الحقائق الدامغة على طاولة مباحثاته في واشنطن مع أوباما، في السادس عشر من هذا الشهر.
و تأتي أيضًا بعد جملة من التصريحات التي أطلقها أردوغان عقب مجازر بانياس ذات الصبغة الطائفية، التي قال فيها:إن كنت سأسكت على ما يجري في سورية من المجازر؛ فمن الأولى أن أستقيل وأترك السياسة. و ستبقى صور المجازر التي جاءت من بانياس أمام عيني إلى أن أموت، ولن أنساها. و غدًا سيسألني ربي ويقول: يا رئيس وزراء تركيا: ماذا فعلت من أجل هؤلاء الأطفال الذين قتلوا في المجازر في سورية ؟بماذا سأجيب؟
و هو قد أبدى استعداده للمشاركة في أية حملة عسكرية تشنها واشنطن ضد نظام الأسد.
لقد كان متوقعًا أن تُصيب نيران الأزمة السورية الخاصرة الرخوة في دول الجوار (لبنان أو الأردن)، بيد أن الضربة قد وقعت داخل أراضي الجار التركي القوي، وعضو حلف الناتو، بتفجيرين نتج عنهماستة و أربعون قتيلاً ( بينهم ثلاثة سوريين )، و ما يقرب من مائة جريح.
لقد جاء ردّ أنقرة سريعًا بتحميل مسؤولي نظام الأسد، ومخابراته المسؤولية، وأعلنت عن امتلاكها اعترافات من تسعة أشخاص مشتبه بهم، تشير إلى صلتهم بالمخابرات السورية؛الأمر الذي جعل أردوغان يصف الأسد مجددًا بأنه ( قاتل وسفاح ).
فمؤشرات( كاميرات المراقبة، وآثار الجريمة) تظهر قيام مقربين من المخابرات السورية، بتنفيذ التفجيرين، وهناك أدلة جديدة تعكف الأجهزة المختصة على دراستها؛ للتأكد من هوية المنفذين بشكل قاطع.بحسب ما صرّح به أرشد هرموزلو( كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غل )،الذي قال: إن تركيا تدفع ثمن دعمها للثورة السورية. و هو يرى أن هذه الجريمة البشعة امتداد لمجزرة بانياس، وهي محاولة لجر تركيا إلى الساحة السورية، أو لإثارة الحساسيات الموجودة في هذه المنطقة الحدودية.
و في هذا الصدد يكشف محمد زاهد غل ( كاتب، و محلل سياسي )النقاب عن وجود معتقلين سوريين علويين،وبعض الأتراك المتعاونين معهم بسبب الانتماء الطائفي، بين يدي السلطات التركية، و هم قد أدلوا بمعلومات إلى الأجهزة المختصة؛ ممّا أمكنها إحباط أكثر من عشرين عملية مماثلة لتفجيري الريحانية.
إنّ هذه التفجيرات قد جاءت في وقت أشدّ ما يكون فيه الأسد توترًا؛ فهو قد خرج من اختبار خضعت له قواته، من خلال الضربة الجوية ( قد تكون أمريكية بصواريخ كروز )، التي طالتها في أطراف دمشق. 
و بعد سحب الروس يدهم من الضمانات التي قطعوها للأمريكان، بالضغط على حليفهم الأسد بالقبول بترك سورية، و اللجوء إلى منفاه الاختياري في إحدى هذه الدول ( الجزائر، أو فنزويلا، أو الأرغواي )؛ الأمر الذي جعل مؤتمر نهاية هذا الشهر في مهب الريح.
و بعد فشل قواته، و قوات المرتزقة المنخرطة معها في جبهة القصير ـ على وجه الخصوص ـ من تحقيق مكاسب تذكر، يمكن له من خلالها الذهاب إلى هذا المؤتمر ـ قبل إعلان تأجيله؛ لا بلْ موته ـ بما يتيح له فرض شرط بقائه في المفاوضات مع أطراف الثوار.
و بعد فشل حلفائه الإيرانيين من التسويق لوجهة نظرهم، في حل المعضلة السورية، و هو ما ظهر جليًّا في المؤتمر الصحفي للوزير صالحي في الأردن. و يأتي ذلك قبيل أيام من الانتخابات الرئاسية، التي من المتوقع أن تشهد الأمور بعدها تغيرًا ما في العلاقات الإيرانية مع دول الإقليم، و في مقدمتها الملف السوري.
و عليه فإنّه من المتوقع أن تكون الأيام القادمة حبلى بكثير من المفاجآت، التي لن تحمل ما يسرّ الأسد؛ و لعلّ من طلائعها الزيارة التي قام بها السفير فورد ( المسؤول عن الملف السوري في وزارة الخارجية ) إلى الأراضي المحررة في شمال حلب، عن طريق معبر كلِّس، برفقة قافلة المساعدات الأمريكية، و لقائه مع قائد المجلس العسكري في حلب ( العقيد عبد الجبار العكيدي )، و تصريحه بعد ذلك أنه لا مكان للأسد في المرحلة القادمة.