الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تحديات تواجه الائتلاف الوطني السوري

تحديات تواجه الائتلاف الوطني السوري

29.07.2013
عمر كوش

المستقبل
الاثنين 29/7/2013
بعد انتخاب الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة المعارضة السورية رئيساً جديداً، ونواباً للرئيس وأميناً عاماً وهيئة سياسية، فإن القيادة الجديدة مطالبة بأن تؤكد للسوريين أن الائتلاف يشكل مظلة للثورة وحاضنتها، يثق بها السوريون من خلال ما تقدمه على الأرض، وأن تثبت كذلك للمجتمع الدولي أنها تحظى بتأييد وقبول الداخل، كي تحظى بمكانها المستحق في كل المؤسسات الدولية والإقليمية لتمثيل الشعب السوري بمختلف أطيافه ومكوناته. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تقديم بديل سياسي وعملي، يمكنه الإسهام في تغيير موازين القوى، والتأثير على مسارات الثورة السورية، ومن خلال إقناع السوريين بأنها تشكل بديلاً مقنعاً، يثبت جدارته في دعم الثورة، وفي العمل على توحيد عمل الكتائب والمجموعات العسكرية، بالتعاون الوثيق مع قيادة أركان الجيش الحر والكتائب الأخرى، من خلال وضع أسس عملية لبسط السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وتوحيد كافة الجهود لإحداث تغيير في موازين القوى على الأرض، بهدف إسقاط نظام بشار الأسد بكل أركانه، خاصة وأن معركة إسقاط النظام باتت، اليوم، معركة بقاء السوريين أيضاً.
ويأتي انتخاب قيادة جديدة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في وقت يركز النظام حربه الشاملة المدمرة على المناطق الثائرة، خاصة على مدينة حمص، حيث تخرج نداءات استغاثة من أحيائها القديمة، التي يحاصرها النظام منذ أكثر من عام، ويشن عليه حرباً طاحنة، بمساندة ميليشيات حزب الله، وفق منهج التدمير الشامل والأرض المحروقة، الأمر الذي فرض نفسه على اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف في اسطنبول، وألقى بظلال ثقيلة عليها.
وتفرض المسؤولية الملقاة على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تحديات واستحقاقات عديدة، في الداخل السوري والخارج، إذ يتعين عليه أن يضع خطة عامة لمواجهتها، يكون منطلقها التوجه إلى الداخل، وهذا يعني التواصل مع كافة الأطياف السياسية والاجتماعية، ومع الجهاز العسكري، ومع القوى الأخرى داخل تشكيلة الهيئة العامة لائتلاف قوى المعارضة والثورة السورية.
ولا شك في أن الاستحقاقات والتحديات المطروحة على قيادة الائتلاف الوطني السوري ليست بالسهلة، وطريق مواجهتها ومعالجتها شاق، ويتطلب عملاً جماعياً، ودعماً داخلياً ودولياً، من خلال وضع خطة واضحة المعالم والأهداف، تقطع الطريق أمام نظام الأسد الآيل إلى السقوط لا محالة، وأمام تلاعب الداعمين له، وبخاصة النظامين الإيراني والروسي، والتحرك دولياً للمطالبة بتحقيق الوعود التي أعلنتها كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وبعض الدول الخليجية، التي تحدثت عن تسليح الجيش الحر، وعن سعيها إلى إحداث تغيير في موازين القوى على الأرض، والاستفادة من ذلك في التعجيل بنهاية النظام الأسدي.
وتتجسد ممكنات تغيير موازين القوى في تأمين الدعم الدولي والإقليمي والعربي الضروري، من أجل تمكين الجيش الحر والمجموعات الأخرى، من تحقيق مزيد من التقدم على الأرض، بما يعني إمداد الثوار بأسلحة نوعية تمكنهم من المقاومة، والاستمرار بالثورة حتى إسقاط النظام الدموي، وتجنيب البلاد المزيد من الويلات والدمار. كما تتجسد في بناء علاقات قوية مع قوى الداخل، من مجالس مدنية ومنظمات مدنية وإغاثية وطبية، واتباع أسلوب تمويل محدد لهذه القوى، وفق آلية معروفة وممأسسة لوصول المال والمعدات إليها. والأهم هو تأمين احتياجات الناس في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، من مواد معيشية واحتياجات ضرورية، وتوفير الأمن لهم وسبل عيشهم الكريم.
ولعل المطلوب من قيادة الائتلاف في المرحلة الحالية هو إنجاز خطة سياسية توافقية طويلة الأمد، يشارك في إعدادها كل أطياف الائتلاف ومكونات المعارضة الأخرى، وذلك بعد انتخاب الهيئة العامة للائتلاف هيئة سياسية، تمثل جميع التيارات والقوى، ما يعني أن تكون أعمال الائتلاف منطلقة من إرادة سورية مشتركة، من خلال تولي جميع الأطراف في الهيئة السياسية مسؤولية الاشراف على عمل الائتلاف في فترة ما بين انعقاد اجتماعات الهيئة العامة له. وهذا يتطلب وضع خارطة طريق، تكون بمثابة خطة تتوافق عليها كل أطياف المعارضة وتتبناها، وتقوم بتوحيد جهود المعارضة، وتقرب أهدافها من بعضها البعض.
غير أن مثل هكذا خطة لن تنجح إلا بالتواصل مع جميع شرائح المجتمع، ما يعني أن وضعها أمام مسؤولية تاريخية في زمن الثورة السورية، وتقتضي من الائتلاف أن يثبت أهليته وجدارته، حيث يتوجب عليه أن يؤكد للسوريين أنه يشكل مظلة للثورة وحاضنتها، يثق بها السوريون من خلال ما تقدمه على الأرض، وأن تثبت كذلك للمجتمع الدولي أنها تحظى بتأييد وقبول الداخل، كي تحظى بمكانها المستحق في كل المؤسسات الدولية والإقليمية لتمثيل الشعب السوري بمختلف أطيافه ومكوناته.
ويشير النظر في الموقف الراهن إلى أن مسار الأحداث في سوريا، مرهون بمدى قدرة قوى الثورة السورية على التأثير في موازين القوى، وتغييرها باتجاه الدفع بكل إمكانيات الثورة في مواجهة النظام، وذلك من خلال إعطاء دفعة قوية لحراك الناس، ووضع رؤية واضحة استراتيجية للمرحلة الراهنة، وطمأنة السوريين، بمختلف أطيافهم وحساسياتهم، والإجابة على مخاوفهم وهواجسهم من المستقبل في مرحلة ما بعد الأسد.