الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تحدي القراءة... النسخة السورية

تحدي القراءة... النسخة السورية

31.10.2016
أحمد طه


العربي الجديد
الاحد 30-10-2016
بينما كان يعتلي الأطفال المشاركون في تحدّي القراءة منصّة التكريم في دبي، كان طلاب سوريون كثيرون يحاولون إكمال تعليمهم في الكهوف والأقبية، فضلاً عن عدد أكبر لم تتح لهم فرصة الالتحاق حتى بهذه الأماكن التي تسمّى مجازاً مدارس.
وإذا ما نظرنا إلى أهمية المبادرة التي شجّعت الملايين من طلاب الوطن العربي على القراءة والمنافسة، فإنّ التحدّي في سورية يأخذ شكلاً آخر، فطلاب سورية الذين غاب تمثيلهم في تحدّي القراءة العربي في دبي كان لهم تمثيل مختلف في إدلب، حيث وصل التحدي إلى مستوياتٍ دمويةٍ، بعد قصف جوي لمدرسة في ريف إدلب، راح ضحيته 22 طفلا وستة معلّمين، كلّفهم تحدّي طلب العلم أرواحهم، بخلاف أقرانهم الذين نالوا الأضواء والجوائز القيّمة خلال تكريمهم في المسابقة.
كان الاعتداء على المدرسة في ريف إدلب يوم الاربعاء 26 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري الأعنف، بحسب تقارير أممية، ولكنه لم يكن الأول، فقد سبق أن تعرّضت المدارس لعشرات، إن لم نقل مئات الاعتداءات، مثل القصف الذي تعرضت له مدرسة ذات النطاقين في درعا في 12 اكتوبر، وتسبّب بمقتل خمسة تلاميذ، وإصابة 15 آخرين والاعتداء على مدرسة حاتم الطائي الابتدائية في حلب في 14 أكتوبر، وراح ضحيته أربعة أطفال وجرح ثلاثة آخرين، وقد يطول سرد المرّات التي تحصي ما تعرّضت له المدارس وطلابها في سورية في السنوات الخمس الماضية.
تخبر الإحصائيات الحديثة لمنظمة اليونسيف أنّ أكثر من 1.7 مليون طفل ما زالوا من دون تعليم و1.3 مليون طفل معرّضون لخطر التسرب المدرسي، وأنّ واحدة من كلّ ثلاث مدارس في أنحاء سورية غير صالحة للاستخدام، لتعرّضها للقصف، أو بسبب استخدامها لإيواء النازحين أو لأغراض عسكرية، وتحصي المنظمة تعرّض أكثر من 4000 مدرسة للاعتداء منذ عام 2011.
تقوم المنظمة صاحبة الإحصاء بحملات لحث الطلاب على العودة إلى المدارس، لكن هذه الحملات لا تتعدّى أسوار المناطق التي يسيطر عليها النظام، إلا في حالات نادرة. أما أطفال المناطق الثائرة فلا بواكي لهم، ولا تصل إليهم إلا أصوات وبيانات الإدانة الخجولة من هنا و هناك.
قد تكون مظاهر الخراب والدمار والدماء الأوضح في المشهد السوري. لكن، وراء هذه المشاهد تكمن مخاطر جسيمة، فالجهل والأمية قد تشكّل المشكلة الأعقد لمستقبل سورية في حال توقفت الحرب أم لم تتوّقف.
والمعركة التي قد تضع أوزارها على الجبهات ستأخذ أشكالا جديدة في عقول جيل إن لم تملأها المعرفة، فقد تكون وعاء جاهزاً لاستيعاب أيّ فكر قد يعرّض عليها، خصوصاً مع شعور بالنقص والاضطهاد، ناتج عن حرمانهم من أبسط حقوقهم في التعلّم، فهل يكون حال المدارس في سورية عقوبة للحراك الشعبي الذي بدأ على جدرانها، وبكتابات خطتها أنامل أطفالها؟