الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تحرشات السفير .. والإنذار الأخير!

تحرشات السفير .. والإنذار الأخير!

08.06.2013
حسين الرواشدة

الدستور
السبت 8/6/2013
لم يتوقف السفير السوري في عمان منذ شهور عن “تحرشاته” ببلدنا، وحتى بعد الانذار الأخير الذي وجهته اليه وزارة الخارجية “غرّد” على وسائل التواصل الاجتماعية بعبارات رمزية ساخرة ومستفزة، وكأنه يريد أن يقول لنا: افعلوا ما تريدون!
لا شك بان الدولة الاردنية حريصة على “استمرار” العلاقات مع سوريا، وهي لم تبادر كما فعل بعض أشقائنا الى طرد السفير السوري من عمان، وكان يمكن لاخواننا في دمشق أن يفهموا هذه الرسالة وان يتعاملوا معها باحترام، لكن يبدو أن الموقف الاردني فهم في سياقات اخرى تعكس ما يفكر به النظام هناك وما يبيته من نوايا غير بريئة تجاه الاردن، وقد ترك “لسفيره” هنا تنفيذ هذه المهمة، ليس - فقط - بالتصريحات الاستفزازية والمواقف المسيئة والاتهامات غير الصحيحة، وانما - ايضا - من خلال “ادارة” خلية الدفاع عن “النظام” من السفارة، وتحريض الاردنيين المتعاطفين مع النظام السوري وتحريكهم للاعتصام والكتابة والتحشيد للضغط على الدولة والمجتمع انتصاراً “للاسد” وحلفائه حتى لو تعارضت مواقف هؤلاء مع المصالح الاردنية.. وحتى لو خرج السفير وأركان نظامه عن أبسط قواعد “اللياقة” السياسية في تعاملهم مع البلد الذي ما زال يستضيف سفارة لهم في عاصمته.
أعرف - بالطبع - ان تجاوزات السفير السوري التي خرجت عن كل “الاعراف” الدبلوماسية لم تكن بعيدة عن “عين” الدولة واجهزتها المختلفة، فقد سبق لوزير الخارجية ان نبه “السفير” أكثر من مرة لضرورة الالتزام بالأصول المعتمدة، لكنه لم يستجب، وحين دعا رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية في مجلس النواب الى اعتبار السفير “شخصاً غير مرغوب فيه” كان رد السفير “مسيئاً” جداً، وكان لا بد ان تتحرك الحكومة لضبط ايقاع ممارساته التي لم تعد تحتمل، واعتقد ان “الانذار” الأخير سيكون بداية لمرحلة جديدة في التعامل الاردني الرسمي تجاه الملف السوري عموماً، وتحرشات السفير وتدخلاته غير المشروعة في الشأن الداخلي لبلدنا.
للأردن - بالتاكيد - حساباته السياسية، فهو يشعر بالقلق تجاه الصراع الدائر في سوريا، ويتخوف من امتداد “شرارته” اليه، وهو يتحمل عبء نصف مليون من “اللاجئين” ومثلهم من “الضيوف” المقيمين في مدنه، وهو يريد ان “ينأى” بنفسه عن الاطراف المتصارعة، وان يكون له “دور” في حل الأزمة سياسياً، كما انه يحرص على “بقاء” الدولة السورية موحدة ومتماسكة، كما يحرص على “الدفاع” عن نفسه والاستعداد لأية تداعيات او مفاجآت أمنية أو عسكرية، وهذا يدفعه الى “الانحياز” سياسياً لمنطق “الاعتدال” في التعامل مع دمشق وسفيرها في عمان، والى “الصبر” على ما يصله من رسائل “مفخخة” وعدم الانجرار الى الرد على استفزازاتهما المتكررة، لكن هذا الاحتمال لا يمكن ان يستمر اذا ما تعلق الأمر “بهيبة” الدولة، و”بالاعمال” غير المشروعة التي يمارسها السفير ضد أمن واستقرار الاردن، وبالتالي فان اعتبار السفير “شخصاً غير مرغوب فيه” يبدو أنه بات قراراً وشيكاً، وهو لا يعني قطع العلاقات - بالضرورة - وانما المقصود منه دفع النظام الى استبدال السفير بآخر مع الالتزام بعدم تكرار تجاوزات السفير السابق.
يبقى الجزء الآخر من المشكلة، وهو يتعلق بمجموعة “اصدقاء السفارة” من الاردنيين الذين انحازوا للنظام السوري وجرائمه ضد شعبه، لا دفاعاً عن “المصالح” الاردنية، ولا من زاوية حق “التعبير” عن الرأي والمواقف السياسية، وانما لاسباب اخرى تبدو مفهومة تماماً، وهؤلاء اعتقد بأن “للسفير” الحالي دور في توجيههم والتنسيق معهم.. وبالتالي فان رحيله سيفقدهم جزءاً كبيراً من نشاطاتهم الذي استفز هو الآخر مشاعر الاردنيين، اما ما تبقى من حضور فان الاردنيين كفيلون بالرد عليه وتفنيده ومحاصرته.. ذلك انه لا يمكن لأحد ان يفهم كيف يدافع هؤلاء عن نظام قاتل.. وان يهاجم بلده ويسيء اليها من اجل بقاء سفير تجاوز حدود عمله الدبلوماسي وتحول الى “شخص” لا يجيد الا الردح!