الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تحصّن "حزب الله" لفقدانه المواقع الوسطية فهل تساهم المتغيرات إيجاباً أم تزيد التعقيدات؟

تحصّن "حزب الله" لفقدانه المواقع الوسطية فهل تساهم المتغيرات إيجاباً أم تزيد التعقيدات؟

05.08.2013
روزانا بومنصف

النهار
السبت 5/8/2013
فهم مراقبون سياسيون الخطاب الذي القاه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والذي سبق خطابا للرئيس سعد الحريري، على انه حمل نقاطا عدة قد يكون ابرزها:
ان المضمون وان كان مرتكزا على اسرائيل وفلسطين في يوم القدس، الا انه تضمن ردا ضمنيا واضحا على الرسائل الاساسية التي وجهت الى الحزب اخيرا، آخرها ما قاله رئيس الجمهورية ميشال سليمان في عيد الجيش في الاول من آب. اذ في قول نصرالله ان القضية التي نحارب من اجلها ستستمر حتى الانتصار، وهو زوال اسرائيل، ردّ بأن اعلانه ان سلاحه باق الى الابد نظرا الى ان الهدف هو زوال اسرائيل.
اعتبر الامين العام للحزب ان زوال اسرائيل قضية لبنانية، وبما انها كذلك فانه يدحض الاتهامات بانه يعمل خارج نطاق المصلحة اللبنانية، باعتبار ان قضية فلسطين لبنانية، مثلما هي قضية اي دولة عربية اخرى.
وحين يتوجه وللمرة الاولى الى الشيعة بكونهم مستهدفين، فان الخطوة تنم عن اتجاه الى التحصن المذهبي. اذ ليس سهلا بالنسبة الى الحزب الموقف الاخير لرئيس الجمهورية، المركز المسيحي والدستوري الاول في البلاد والذي يكتسب موقعه اهمية كبرى في ظل تعطيل المؤسسات الدستورية الاخرى، في شأن عدم ازدواجية السلاح في الداخل وانتفاء طابع المقاومة متى خرجت من اطار الدفاع عن الارض اللبنانية، وقد لاقاه فيه ركنان كان يعتمد عليهما الحزب في حيادهما النسبي في هذا الاطار، هما النائب وليد جنبلاط والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. فتوجهه الى الشيعة على انهم مستهدفون، وتحصين نفسه بدورهم في رسالة تحذير قوية الى الآخرين، يعكسان خسارته مواقع وسطية وازدياد الرفض لاداء الحزب من الدولة اللبنانية، في حين كان يعتقد ان هذه المقامات هي في موقع مقبول بالنسبة الى سلاحه، مما يساهم في تثبيت الاشكالية الموجودة حول صعوبة الخروج من النفق الذي يمضي فيه لبنان.
وفهم المراقبون خطاب الرئيس الحريري في مساء اليوم نفسه تثبيتا للمواقف المعلنة لتياره وللمعادلة الداخلية كما يراها، ليس من باب الشروط انما من باب الوقائع، مع جديد في شأن الموقف من الحوار، حاسما اشكالية لم تكن واضحة قبل بعض الوقت لجهة نقض وجود شروط موضوعة قبل الحوار الذي يدعو اليه رئيس الجمهورية، على ان يكون هادفا ولايجاد معالجات ليس عن طريق التكاذب. وهو بذلك وضع خريطة طريق كما الرئيس سليمان لجهة التنبيه الى مدى الازمة الخطيرة في البلد، كاشفا عدم وجود اوهام بأن "حزب الله" قد يقدم على نقلة نوعية استراتيجية تبعا لذلك.
فحكومة الوحدة الوطنية صعبة، ليس من باب الشروط والشروط المضادة بل من باب وجود الطرفين السياسيين الاساسيين في لبنان على طرفي نقيض. فالشراكة في البلد لا يمكن ترجمتها شراكة في السلطة، لان ادارة البلد لا يمكن ان تسير في ظل التناقض الكبير القائم، لان الشراكة تكون مزيفة في هذه الحال ولا تؤدي الى اي مكان.
والسؤال المهم بالنسبة الى المراقبين هل تساهم التطورات الاخيرة في تعديل المواقف وتشكل ثغرة في الازمة الخطيرة التي بات عليها البلد، بعدما كانت المحافظة على الستاتيكو السياسي الحالي مريحة جدا لـ"حزب الله"، فتساهم المتغيرات في المواقف السياسية لاركان الدولة في تغيير وجهة الامور، او ان الحزب قد يذهب في الاتجاه المعاكس، اي في اتجاه تحصين مذهبي اقوى او ربما اكثر من ذلك بعدما اعطى كلام السيد نصرالله مؤشرا سلبيا بهذا المعنى؟