الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تداعيات غياب الدور الأميركي في سوريا 

تداعيات غياب الدور الأميركي في سوريا 

10.06.2021
حازم غبرا

 
العرب اللندنية 
الاربعاء 9/6/2021 
نجاح بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية لم يغير شيئا في المعادلة السياسية، فالنتيجة كانت محسومة سلفا ومعظم دول المجتمع الدولي طعنت في شرعية هذه الانتخابات حتى قبل إجرائها. ورغم الضجة الإعلامية والاحتفالات العارمة التي رافقت الانتخابات من طرف النظام السوري، لكن الاهتمام الفعلي لدمشق وحلفاء النظام ما زال مركزاً على استعادة السيطرة على جميع الأراضي السورية بغية إعلان انتصار شامل لا تشوبه شائبة. 
وتبدو المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال الغربي السوري الهدف القادم، لكن التوجه لن يكون عسكريا هذه المرة، حيث يعتمد سكان هذه المناطق البالغ عددهم ما يقارب ثلاثة ملايين نسمة بشكل شبه كامل على المساعدات الأممية من غذاء ودواء الآتية من معبر باب الهوى، والنظام السوري وحليفه الروسي يدركان أن قطع هذا الدعم سيجبر من بقي هناك على الاستسلام. وعلى الرغم من أن بقاء هذا المعبر مفتوحا مؤمّن بالقرار الأممي 2533 للعام 2020، لكن هذا القرار سينتهي مفعوله في العاشر من شهر يوليو القادم. 
ومن الواضح، حسب أحداث الأسبوع الماضي، أن مواجهة ستشتعل بين الولايات المتحدة وروسيا حول إيصال المساعدات للسكان واللاجئين في إدلب. فبينما كانت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تعلن عن حزمة مساعدات بقيمة 240 مليون دولار، لمّحت روسيا عن نيتها استعمال حق الفيتو بغية إبطال القرار وإغلاق المعبر بشكل نهائي. 
وستكون هذه المواجهة المرتقبة التجربة الكبرى الأولى لإدارة الرئيس جو بايدن في سوريا. فهذه الإدارة التي تواجه انتقادات متكررة حول عدم إعلانها عن سياسات خارجية واضحة، خصوصا في الشرق الأوسط، أصبحت مضطرة لتحديد موقف صريح من الأزمة السورية ولن تستطيع الاستمرار في هذا التوجه الضبابي نحو أزمات كبرى. 
ومع أن السفيرة غرينفيلد تعتزم زيارة تركيا هذا الأسبوع وعقد اجتماعات مع الحكومة التركية حول إبقاء المعبر مفتوحا، إلا أن عدم وجود خطة شاملة في واشنطن للتعامل مع دمشق بدأ يزعج حلفاء واشنطن وشركاءها في المنطقة خصوصا بعد فشل توجه العقوبات الاقتصادية في ردع النظام السوري وحلفائه. 
ولا شك أن الإدارة الذاتية في منطقة شرق الفرات تراقب الخطوات الأميركية الآتية باهتمام كبير خصوصا بعد أن قامت إدارة بايدن بإلغاء الترخيص الاستثنائي لشركة “دلتا كرسنت” الأميركية التي تقوم بمساعدة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا على استخراج النفط واستثماره. وبعد إلغاء هذا الترخيص بدأت الشكوك تدور حول ما إذا كان البيت الأبيض سيسحب القوات الأميركية التي تحمي حقول النفط أم سيبقيها لحماية شرق الفرات من عمليات عسكرية قد تقوم بها دمشق وحلفائها من الإيرانيين والروس. 
هذا الغياب للدور الأميركي يقدم فرصة ذهبية لدمشق وموسكو لتحقيق أهدافهم حسب تصريحات مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية طلب عدم نشر اسمه. وعند سؤاله عن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الملف السوري في الفترة القادمة، أجاب، وبجدية، أن محاولاته هو للحصول على جواب واضح من البيت الأبيض على هذا السؤال باءت بالفشل. وحسب معلومات هذا المسؤول، لن تكون سوريا على رأس أولويات اجتماع القمة القادم بين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي في سويسرا والذي سيركز على شؤون أوروبا وأزمة الهجمات السيبرانية. 
الأيام القادمة ستبيّن جدية إدارة بايدن في التعامل مع الملف السوري، وإن كان سيكرر أخطاء سياسة الخطوط الحمراء التي ميزت توجه الرئيس الأسبق باراك أوباما نحو سوريا أم سيستطيع وضع سياسات جديدة ودعم هذه السياسات نحو تغيير ملموس يخفف معاناة الشعب السوري. 
وتبدو اليوم التطلعات الأميركية إلى فرض تغيير سياسي في سوريا حلما بعيد المنال، ولن يؤدي الانتظار إلا إلى المزيد من الانحسار للنفوذ الأميركي في المنطقة.