الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تراجع الأولوية الدولية للملف السوري

تراجع الأولوية الدولية للملف السوري

06.05.2014
ثريا شاهين


المستقبل
الاثنين 5/5/2014
كل من لبنان وسوريا لديه استحقاقه في الانتخابات الرئاسية. وكل استحقاق منفصل عن الآخر في الظروف والتداعيات. إذا لم ينتخب لبنان رئيساً، فلن يكون هناك رئيس، أي سيصبح هناك فراغ. وإذا انتُخب يكون هناك رئيس.
بالنسبة إلى الاستحقاق السوري، إذا لم يُصر إلى الانتخاب فإنّ الرئيس يبقى سنتين يُصرِّف أعمالاً. لذلك فإنّ الغرب لا يعتقد أنّ هناك حاجة إلى انتخابات في سوريا على عكس لبنان. وأنّ في سوريا مساراً تفاوضياً سياسياً سيبلور شكل الحل النهائي لاحقاً، وعليه تتم الانتخابات.
والنظام السوري يخشى في حالة تصريف الأعمال، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، خسارة بعض الصلاحيات، لذا يريد الانتخابات.
الأمم المتحدة ستتعامل مع أي حكومة سورية موجودة، ولا يمكنها إلاّ أن تقوم بذلك. أي أنّ المنظمة الدولية لن تكون تحت تأثير مواقف الدول الغربية الرافضة الاعتراف بالانتخابات وبشرعيتها، مع أنّ الصين وإيران وروسيا ستقول إنّ الموضوع داخلي وستعترف بالنتيجة. على اعتبار أنّ الشرعية لأي دولة لا تؤخذ من دولة بل من الواقع على الأرض، ومن الأمم المتحدة، وبالتالي لن يتغيّر شيء بعد الانتخابات السورية. فبعض الدول لديها توريث في السلطة، ودول أخرى لا تقوم بالانتخابات، ولذلك تعد شرعية الحكم في دستوريته بغض النظر عمَّن استطاع أن ينتخب، ومَن لم ينتخب، وفي أية ظروف سياسية وأمنية تمت الانتخابات، وكيف أُعلنت نتيجتها.
الغرب سيصف هذه الانتخابات بمهزلة الديموقراطية، لكن لا يعني أنّ المُنتخب لن يكون رئيساً. وإذا ما أرسل هذا الرئيس سفيراً جديداً إلى بيروت أو إلى الأمم المتحدة، فلا يمكن القول له أي شيء. السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري يمثّل الحكومة السورية وليس المعارضة، والأمم المتحدة تعترف بالنظام كممثل لسوريا. ومثلاً لدى الدول الخليجية مكاتب تمثيلية للمعارضة، لكن لا يمكنها أن تعطي تأشيرات الدخول.
هناك ثلاثة عوامل أدّت إلى تحويل النظر الدولي عن الوضع السوري كأولوية، وهي:
أولاً: الوضع في اوكرانيا الذي يحظى باهتمام دولي كبير ما أدّى إلى تراجع الاهتمام بالموضوع السوري على الرغم من مرحلة التحضير للانتخابات وتوقّع انتخاب الرئيس بشار الأسد مجدّداً. الموضوع السوري مؤجّل الآن والعمل ينصبّ على التفاهم حول اوكرانيا، مع الإشارة إلى أنّ "اتفاق جنيف" حول اوكرانيا جيّد لمصلحة الروس، وأنّ الغرب الذي لم يعلّق على وضع القرم، يبدو أنّه سلّم بالواقع الاوكراني الجديد، وأنّ السعي هو إلى تنفيذ الاتفاق. كذلك في ظل تبادل المصالح الدولية والأميركية الروسية تحديداً فإنّ الأنظار تتّجه إلى الملف الذي يمكن أن يكون ثمناً أو مقابِلاً لتخلي واشنطن عن موقفها حيال اوكرانيا. فهل سيكون في الموضوع السوري، أم في الملف النووي، أو في الوضع اللبناني؟.
ثانياً: في مسألة "جنيف3"، فإنّ كل طرف سوري أو اقليمي ودولي داعم له، يضع شروطاً لاستئناف التفاوض. فالمعارضة تريد بحث هيئة الحكم، فيما النظام يريد بحث مكافحة الإرهاب. إلاّ أنّ الأخضر الابراهيمي اقترح بحث الموضوعَين بالتزامن. قَبِلت المعارضة مبدئياً، في حين أنّ النظام لم يقبل. وهذه هي النقطة العالقة والتي تحول دون استئناف التفاوض. سبب تمسك النظام بذلك، هو اعتباره أنّ مسار جنيف بدأ في منتصف العام 2012 عندما كان وضعه على الأرض مهتزّاً، أمّا الآن فقد يرى أنّه حقّق تقدّماً، وأنّ ذلك أوجب تغيير المعطيات على الأرض ما يستوجب تغيير مفهوم الهيئة الانتقالية التي نصّ عليها "جنيف1"، ما يعني أنّ الميدان يحدّد شكل الحل النهائي.
وتشير المصادر إلى أنّ تفسير جنيف واسع ومطّاط لأنّه يحتمل التفسير لمصلحة المعارضة ولمصلحة النظام على حدّ سواء. إيران وروسيا لديهما تفسير يناسب النظام ما يعني أنّ الوضع العسكري على الأرض يحكم الطرفين، ويلعب الحل السياسي لمصلحة الأقوى. الآن التدخّل العسكري لا يزال مستبعداً في سوريا، ودعم المعارضة عسكرياً بسلاح نوعي لن يحصل خوفاً من وصوله إلى أيادٍ متطرّفة، إن كانت شيعية أو سنّية، والولايات المتحدة ليست مع انعقاد "جنيف3" حالياً، لأنّها تخشى في مجال التوازنات الحالية عسكرياً على الأرض من قوّة النظام وتقدّمه ميدانياً، وتأثير ذلك على التفاوض والحل السياسي الذي يكون لمصلحته. والغرب لا يريد انتخابات رئاسية في سوريا طالما لم يتم التوصّل إلى اتفاق سياسي. والنظام يعمل لانتخابات رئاسية في انتظار التوصّل إلى اتفاق سياسي قد يطول أمده.
ثالثاً: لا تزال المجموعات المتطرّفة والإرهابية في سوريا تثير قلقاً دولياً كبيراً، الأمر الذي أدّى إلى التريّث في مزيد من الدعم للمعارضة. فالتجربة الليبية أنتجت فوضى ولم تكن المثال الأفضل للتدخّل العسكري. وفي ليبيا تنتشر العصابات والمافيات، ولم يتوافر فيها الاستقرار بعد إسقاط النظام بحسب ما كان يأمل الغرب، ولا يزال هناك حذر من البديل عن النظام السوري.