الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترامب رئيساً: نظامٌ عالميٌ جديد!!

ترامب رئيساً: نظامٌ عالميٌ جديد!!

14.11.2016
وائل مرزا


المدينة
الاحد 13/11/2016
ترامب رئيساً: نظامٌ عالميٌ جديد!! لم يكن ثمة بدٌ من انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأمريكا ليكون هذا المشهدَ الأخير من مسرح الهزل الراهن في السياسة الدولية. وما لم تحدث معجزات لايُعرف مصدرُها في مثل هذا الوضع، فالعالم مقبلٌ على شتاءٍ طويلٍ وقاسٍ، فيه الكثير من الفوضى.
نحن اليوم أمام أربعة عناصر للموضوع نفتح ملفها هنا، والمطلوب أن تغدو مجالاً للبحث والدراسة من أصحاب العلاقة في المستقبل: شخصية الرجل، والعلاقة بينه وبين النظام السياسي الأمريكي، والوضع العالمي في سنوات حكمه، وحال العرب معه.
كلامنا هنا في معرض التوصيف المعروف، بعيداً عن معاني الشتيمة والهجاء، فلا مانع أبداً من الصراحة والشفافية عند الحديث عن خلفية الرئيس القادم لأمريكا باختصار، بعيداً عن الاعتبارات الدبلوماسية.
ستحاول "المنظومة" التقليدية الأمريكية استيعاب النتوءات المتطرفة جداً في طروحات ترامب وسياساته المتوقعة. لكن هذه المنظومة نفسها تحاول أن تقلب كل تحدٍ إلى فرصة، وتصيدَ أكثر من عصفور بطلقةٍ واحدة. من هنا، سيتم فسح المجال لبعض سياسات ترامب تجاه العالم، ما يُشكِّل ورقة ضغطٍ على الدول الكبرى والقوية فيه للحصول على تنازلات، بدعوى أن الرجل رئيسٌ شرعيٌ منتخب نهايةَ المطاف، ولايمكن تجاهل آرائه وتوجهاته كلياً.
هكذا، سنرى مسارين متوازيين في السياسة الخارجية الأمريكية. واحدٌ يمثله الرئيس الجديد بمواقفه المعلنة، وبسقفٍ عالٍ جداً. وآخر دبلوماسي سري، من خلال المبعوثين الخاصين والعسكر وأجهزة الأمن، يفاوض الدول الأخرى، طالباً منها التنازلات (الضرورية) لمحاولة تخفيض السقف المذكور. ومرةً أخرى، سيكون نصيب العرب كبيراً، وكبيراً جداً، من هذه الاستراتيجية.
نحن الآن أمام مشهدٍ عالمي فريد. فبين ترامب في غرب الكرة الأرضية وماري تيريز في وسطها وفلاديمير بوتين في شرقها، لايمكن للعالم بأسره إلا أن يتوقع الأصعب. ثمة تقاطعات حساسة في رؤى القادة الثالثة، تتمحور حول (الشعبوية) مصدراً لاتخاذ القرارات السياسية، وسبيلاً لتصدير مشكلات الداخل إلى الخارج. من هنا، ليس مستبعداً حصول درجةٍ من التنسيق والتعاون بينهم، غير مسبوقة ولامُتوقَّعة. وبحسبةٍ بسيطة تتضمن حجم الأزمات في الدول الثلاثة، من جهة، واستراتيجية تصدير تلك الأزمات إلى العالم خارجها، من جهةٍ ثانية، تبدو نتيجة الحسابات مرعبةً بكل المقاييس.
بالنسبة للعرب. ثمة نوعان من التغيير في عالَمهم دائماً، واحدٌ يحصل بناءً على تخطيطٍ ورؤيةٍ ودراسات. بينما يجري الآخر تحت ضرب المطارق. وفي كثيرٍ من الأحيان، يكون هذا الأخير أكثر جديةً وشمولاً وحسماً.
في خطاب الانتصار، قدم الرئيس المنتخب خطاباً تصالحياً مع الداخل والخارج. كان هذا تكتيكاً حتمياً فرَضَهُ عليه الجميع، بما فيهم فريقه ومستشاروه، وهو في نهاية المطاف تركيبٌ لكلمات استهلاك لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت به.
سيكون أسهل على العرب، طبعاً، التعامل مع سياساتٍ تنسجم مع فقرات الخطاب المذكور، إذا حصلت المعجزة في المستقبل وتوافقت سياسات ترامب معها.
لكن الواقعية السياسية تفرض الاستعداد للتعامل مع أسوأ الاحتمالات في جميع مسارات العلاقة العربية الأمريكية. ما من رؤيةٍ سياسية عربية، حالياً، للتعامل مع تلك الاحتمالات، لأن وصول الرجل للرئاسة نتيجةٌ لم يتوقعها أحدٌ أصلاً. وإذ تبقى الوقاية خيراً من العلاج، فإن ثمة استنفاراً مطلوباً لمحاولة تحضير ملامح تلك الرؤية في نافذة فرصة لاتتعدى الشهرين.
هناك قاعدةٌ في أمريكا تقول إن يوم الانتخابات يكون، عادةً، نهاية مهرجانٍ تعود بعده البلاد لحياتها الطبيعية، لكن ثمة إجماعاً بين الإعلاميين والخبراء والمثقفين يؤكد بأنه سيكون، بالعكس، بداية أزمةٍ كبرى فيها. إذا كان هذا هو الواقع، وكانت قاعدة (وجود العدو الخارجي يُؤمِّنُ الوحدة الداخلية) صحيحةً في علم السياسة وعالمها، فلا حاجة لكثير ذكاء ونحن نتوقع القادم من بلاد العم سام