الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترتيب الأحجام في المنطقة يبدأ بعزل المالكي

ترتيب الأحجام في المنطقة يبدأ بعزل المالكي

16.08.2014
ربى كبّارة



المستقبل
الخميس 14/8/2014
وافقت إيران، بعد معاندة شديدة، على التخلي عن ترؤس نوري المالكي الحكومة العراقية لولاية ثالثة لتضمن انخراط الولايات المتحدة أساساً، والغرب عموماً، في عمليات عسكرية تحول دون تمّدد سيطرة داعش. فهل يشكل الانصياع الإيراني لحلّ، يؤمن للأميركيين مشاركة وازنة في السيطرة على العراق، بداية لعملية ترتيب الأحجام والأوزان في منطقة الشرق الأوسط بحيث تنسحب لاحقاً على سوريا وبالتأكيد على لبنان؟
ويذكّر سياسي سيادي لبناني مخضرم بأن طهران تفرّدت بالهيمنة على العراق حتى قبل الانسحاب الفعلي للقوات الأميركية. وهو يستشهد على ذلك بالجهود التي بذلتها الجمهورية الإسلامية لإقناع الولايات المتحدة عام 2010 بالموافقة على ترؤس المالكي الحكومة لولاية ثانية رغم معارضة السعودية التي كانت تفضل وصول أياد علاوي الحائز على أكبر عدد من المقاعد الانتخابية والمدعوم من الطائفة السنية.
ويعزو المصدر التبدل الإيراني الى خشية تمدّد "الإرهاب" الداعشي في أوساط بيئة سنية عراقية همشها المالكي طوال عشر سنوات واجتثّ فعالياتها بذريعة انتمائها الى "حزب البعث". ومرد ذلك خصوصاً الى سرعة انهيار الجيش العراقي الذي سلحه الأميركيون وراهن عليه الإيرانيون بحيث قضى ذلك على الحلم الفارسي بهيمنة تنتشر من أفغانستان الى شواطئ البحر المتوسط. ويرى بأن نجاح إيران في التوصل الى بديل للمالكي يحفظ لها ما تبقى من نفوذها ساعدها على الموافقة على خيار لقي ترحيباً إقليمياً من جانب أكبر دولتين مؤثرتين السعودية وتركيا.
وقد فتح حلّ أزمة الحكومة العراقية باب تحديد الأوزان والأحجام في المنطقة وفق المصدر نفسه. وسيعيد ذلك إحياء الحلّ السياسي في سوريا عبر استئناف مؤتمرات جنيف ليخرج بشار الأسد بنفس الطريقة التي تم بها لفظ المالكي الى خارج السلطة. ويتساءل المصدر هل أن بشار الأسد اغلى على قلب نظام الملالي من المالكي. وهو يستبعد ما تروجه بعض المعلومات الصحافية المعروفة المصادر من أن إيران ستعوض خسارتها في العراق عبر المحافظة على حصة الأسد في سوريا وعلى تضخيم حصة حليفها "حزب الله" اللبناني. ويلفت الى أن المؤشرات توحي بأن ثمة توافقاً إيرانياً-سعودياً برعاية أميركية للحل في الإقليم يتخطى بحدوده التفاهم الذي أدى في آذار الماضي الى ولادة "حكومة المصلحة الوطنية" فيما كانت الدلائل توحي باستحالتها مع تشبث "حزب الله" بتركيبة 9-9-6 التي ستخسرها "قوى 14 آذار" إذا لم تقتنصها ليعود صاغراً موافقاً على قسمة 8-8-8 .
كما ستطاول عملية تحديد الأحجام والأوزان في المنطقة لبنان حيث يتطّلب الاستقرار، الذي ما زالت مظلته الإقليمية والدولية قائمة، اكتمال المؤسسات الدستورية وبالتالي سدّ الفراغ في الرئاسة الأولى. لكن معايير الانتخاب الرئاسي ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان لم تعد محض محلية والتسويات الداخلية لم تعد وحدها صالحة للإنقاذ الذي بات يتطلب هندسة أكبر.
ويلفت سياسي سيادي آخر الى أن الانتخابات الرئاسية تخطّت مفهوم المعركة بين أقوياء الى مفهوم التسوية التي تفترض جملة شخصيات مختلفة بحيث تتأمن حماية الاعتدال باعتباره الأوسع انتشاراً رغم كل الإحباط، وهو ما دلّ عليه حجم الآمال التي تفتحت مع عودة الرئيس سعد الحريري لتعلن للملأ بأن ما بعد عرسال لن يكون كما قبلها.
ويشدّد المصدر الأخير على أن الحفاظ على الاستقرار، وخصوصاً بعد تعنت "حزب الله" في مواصلة القتال الى جانب الأسد بما استدعى "الإرهابيين" الى عرسال مؤخراً، يتطّلب فعليّاً حلاًّ وحيداً لا بديل له يتمثل في مدّ ولاية القرار 1701 من الحدود مع إسرائيل الى الحدود مع سوريا. وهو ما سارع "حزب الله" وحلفاؤه الى رفضه مطالبين بحل يقوم على الحوار مع النظام السوري الذي لم تغير انتصاراته الوهمية أو انتخاباته المهزلة موقف دول العالم من وحشيته.