الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تركيا تراقب الانتخابات النصفية الأميركية

تركيا تراقب الانتخابات النصفية الأميركية

06.11.2014
مراد يتكين



الحياة
الاربعاء 5-11-2014
كل مسؤول في أميركا يتحدث بلسان مختلف: ما يقوله البيت الأبيض يخالفه المتحدث باسم الخارجية، وهو يختلف عن موقف المتحدث باسم البنتاغون، وهذا بدوره يختلف عما يجري على لسان مسؤولي مجلس الأمن القومي. هذه الشكوى حول تضارب المواقف في إدارة أوباما لم تأتِ على لسان الجمهوريين المعارضين في واشنطن بل هي شكوى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اثناء عودته من باريس. ووراء الشكوى هذه الخلاف بين سياسات أنقرة وسياسات واشنطن في عدد من القضايا المهمة، على رأسها داعش وعين العرب (كوباني) والمسألة الكردية، والأهم مستقبل الرئيس بشار الأسد والحرب في سورية. ويقول أردوغان: "يزعمون أن تركيا لا تدعم أميركا في محاربة داعش، وهذا كذب وافتراء. نحن نقدم الدعم ولكنه دعم يلتزم ... خطط الناتو. وفاق إنفاق أنقرة إنفاق أميركا على الحرب. ودفعت تركيا أكثر من الاموال الاميركية من أجل إغاثة لاجئي كوباني وإيوائهم".
ولا يجافي أردوغان الصواب في موضوع فوضى مواقف الإدارة الأميركية. ويتجاهل وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، تصريحات تركيا حول مستقبل سورية، في وقت يكاد وزير الدفاع الاميركي، تشاك هاغل، يعلن "تركيا محقة في موقفها. ولكن قد يتغير طاقم صناع القرار في مجلس الامن القومي الأميركي قريباً، إثر انتخابات الكونغرس. وأنقرة تراقب نتائج هذه الانتخابات. فكيري قد يغادر منصبه، ويرجح أن هاغل قد يبقى وزيراً للدفاع، بحسب تحليلات في الصحف الاميركية واستطلاعات رأي. البرلمان الاميركي في يد الجمهوريين ولا نتوقع أن يتغير هذا الأمر بعد الانتخابات. ويغلب الديموقراطيون على مجلس الأعيان (الشيوخ) الاميركي، لكن الانتخابات قد ترجح كفة الجمهوريين المعارضين لأوباما في المجلس هذا. فيصير أوباما في حال أصعب من الحال التي يوصف بها الرئيس الأميركي عادة بالبطة العرجاء، ويتعذر عليه إقرار اي قانون أو مشروع في الكونغرس. ولن يبقى شاغل له بعد فقدان السيطرة على الكونغرس سوى السياسة الخارجية.
ولذا، تلتزم أنقرة الحذر والتيقظ لترى كيف قد يؤثر هذا السيناريو في سياسة أوباما الخارجية؟ يراهن أردوغان ورئيس وزرائه، داود أوغلو، على تغير سياسة واشنطن ازاء سورية والملف الكردي تغيراً يصب في مصلحتهما. ويريد الجمهوريون أن يلتزم أوباما سياسة أكثر صرامة في الشرق الأوسط. ولا يخفى عليهم ان القوات الاميركية حاضرة عسكرياً في البحر والجو، وأنها تحارب "داعش". ولكنهم يرغبون في العودة بقوة وعلى الأرض الى الشرق الأوسط. وأوباما يسعى الى التمسك بوعوده الانتخابية القاضية بعدم جر جيش بلاده الى حرب جديدة. لكن انتخابات الكونغرس قد تجعله أضعف امام ضغوط الجمهوريين، فيضطر الى التشدد في سياسته الخارجية. ومن بين السيناريوات المتداولة، احتمال أن يعين أوباما سوزان رايس وزيرة للخارجية بعد الانتخابات. ولا يخفى أن تجارب رايس كانت سيئة وفاشلة في منصب مستشارة الأمن القومي الرئاسية. ويترتب على ترشيحها لوزراة الخارجية إخفاق جديد قد لا تتحمله هي ولا الإدارة. وعلى رغم الخلاف بين أنقرة وواشنطن، يدرك أردوغان أن أميركا، في وقت تدور حرب باردة جديدة بين واشنطن وموسكو، ويتعاظم الدور الإيراني في المنطقة، لا يمكنها أن تحرج تركيا كثيراً أو تزعجها.
* كاتب، عن "راديكال" التركية، 3/11/2014، إعداد يوسف الشريف