الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تركيا وإيران، أبرز وأصعب تحديات بايدن في الشرق الأوسط 

تركيا وإيران، أبرز وأصعب تحديات بايدن في الشرق الأوسط 

01.02.2021
النهار العربي


النهار العربي 
الاحد 31/1/2021 
يقوم الرئيس جوزف بايدن، عبر القرارات التنفيذية العديدة التي يوقعها يومياً بنقض أو تفكيك معظم سياسات سلفه الرئيس ترامب في مختلف المجالات الداخلية والخارجية، في عملية مماثلة لما قام به ترامب حين أوضح بسلوكه وقراراته وبتصريحاته انه يعتزم نقض سياسات سلفه الرئيس باراك اوباما. 
في مجال السياسة الخارجية والأمنية سوف يسعى بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن لاعادة بناء العلاقات التقليدية مع اوروبا من خلال اعادة الاعتبار الى حلف شمال الاطلسي، وهو الحلف الذي شكك ترامب بجدواه، وكذلك العلاقات مع الحلفاء في الشرق الاقصى مثل اليابان وكوريا الجنوبية. المكالمة الهاتفية التي اجراها بايدن مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لم تكن ودية، ويتبين من بيان البيت الابيض حولها أنها تطرقت الى القضايا الخلافية بين الطرفين، من رفض التدخل الروسي في الانتخابات الاميركية الى حقوق الانسان في روسيا والمطالبة بالافراج عن المعارض الروسي أليكسي نافالني، الى الخلاف القديم حول احتلال وضم جزيرة القرم. العلاقات المتوترة حاليا مع الصين، سوف تبقى على توترها. 
وتبين التعيينات في مجلس الأمن القومي والاجهزة الحكومية الاخرى ان ادارة بايدن سوف تركز على شرق آسيا، وتحديداً على الصين بصفتها المنافس الاقتصادي والاستراتيجي الاكبر للولايات المتحدة في المنطقة التي تعتبر الاكثر اهمية للاقتصاد الاميركي.  وكان الرئيس الاسبق اوباما، قد سعى الى تحويل اهتمام الولايات المتحدة الى الشرق ىالاقصى، ولكنه لم يحقق هذه السياسة بشكل كامل لان حروب العراق وسوريا وافغانستان وليبيا وأزمات المنطقة المستعصية على الحلول مثل النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي، منعته من ذلك.  
الرئيس بايدن أجرى اتصالات هاتفية مع قادة كندا والمكسيك، وهذا تقليد قديم، وايضاً مع قادة فرنسا وبريطانيا والمانيا، واليابان وكوريا الجنوبية. ولكنه لم يتحدث حتى الآن مع أي من قادة منطقة الشرق الاوسط. 
الرئيس بايدن يريد إعادة النظر بعلاقات الولايات المتحدة مع عدد من خصومها وحلفائها القدامى، بدءاً من خصمها الرئيسي ايران، حيث سيحاول التوصل الى اتفاق نووي معّدل معها، وايضا بحليفها التقليدي  وخصمها الحالي تركيا. الوزير بلينكن، قال انه لا يتوقع بدء المفاوضات مع ايران في أي وقت قريب. لكن احياء المفاوضات مع طهران سوف يكون محفوفاً بالمشاكل والصعوبات. الرئيس بايدن يريد ان تعود طهران الى الالتزام الكامل ببنود اتفاق 2015 على ان يتبع ذلك تطوير الاتفاق لاطالة مدة العمل به، وليشمل الترسانة الصاروخية الايران. ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم تعلموا درساً هاماً من مفاوضاتهم الاخيرة مع ايران، وهو أن التفاوض النووي مع إيران لا يعني عدم تحدي سلوكها التخريبي في العراق وسوريا ولبنان واليمن. كل هذه الاعتبارات تبين أن استئناف المفاوضات سوف يكون عملية صعبة ومعقدة جداً، وحتماً لن تكون في أي وقت قريب. 
الرئيس بايدن قال قبل انتخابه إنه يريد مراجعة العلاقات مع السعودية، لأكثر من سبب من ابرزها معارضته للحرب في اليمن ورغبته في انهائها . ويجب وضع قرار ادارة بايدن الاخير بتعليق "موقت" لصفقات اسلحة  للسعودية ودولة الامارات العربية المتحدة أبرمت خلال الأشهر الأخيرة مع سلفه ترامب، في هذا السياق. أيضا انتقد انطوني بلينكن في الكونغرس قرار ادارة الرئيس السابق ترامب تصنيف الحوثيين كتنظيم ارهابي، لانه سيؤثر سلباً في إغاثة اليمنيين. وانتقد بلينكن بشدة سلوك الحوثيين وانتهاكاتهم لحقوق اليمنيين.  
المسؤولون الأميركيون لا يتوقعون الغاء هذه الصفقات العسكرية للسعودية ودولة الامارات، ولكن تعليقها يعني ان المفاوضات اللاحقة بشأن هذه الصفقات ومسألة استخدام الاسلحة الاميركية في حرب اليمن، هي دليل جديد على ان العلاقات الودية التي ربطت ادارة الرئيس السابق ترامب بالبلدين الخليجيين سوف تدخل في مرحلة جديدة. وقال مسؤول سابق مطلع على مواقف المسؤولين الجدد في ادارة بايدن في هذا السياق ان واشنطن تريد ان تكون صفقات الاسلحة هي المدخل لمناقشة سبل انهاء الحرب  في اليمن، وتوقع ان لا يستمر تعليق الصفقات لوقت طويل. 
 سفارة دولة الامارات في واشنطن قالت إنها توقعت مراجعة للعلاقات كما حدث في السابق، واضافت ان صفقة طائرات اف-35 سوف تساعد الإمارات على تحمل جزء من "اعباء الامن الجماعي الاقليمي، الامر الذي يسمح للولايات المتحدة استخدام اسلحتها لمواجهة التحديات الدولية الاخرى". وأشارت السفارة الى ان دولة الامارات "قد حاربت مع الولايات المتحدة، وسلاح جو الامارات قام بمئات الطلعات الجوية وشارك في ستة حروب قام بها ائتلاف دولي برئاسة الولايات المتحدة". 
 العلاقات القوية التقليدية بين الولايات المتحدة وإسرائيل مرشحة ايضاً للدخول في مرحلة توتر وفتور لأن ادارة بايدن تريد ابقاء حل الدولتين للنزاع بين الفلسطينيين واسرائيل هو الحل المنشود. ولكن الخلاف المتوقع أن يهيمن على العلاقات هو رفض اسرائيل القوي لأي اتفاق نووي مع ايران يعطيها حق تخصيب ولو كميات ضئيلة من اليورانيوم. العلاقات الجيدة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي والرئيس السابق ترامب، سوف تتسم ايضاً بالفتور مع الرئيس بايدن. 
 ولكن الدولة الاقليمية الحليفة رسمياً للولايات المتحدة التي ستجد أن علاقتها سوف تزداد توتراً مع ادارة الرئيس بايدن فهي تركيا. وخلال الحملة الانتخابية دعا بايدن الى اعتماد اسلوب مختلف في التعاون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بما في ذلك التعاون مع المعارضة التركية، وتمكين أكراد تركيا للعب دور سياسي أكبر، وقال ان أردوغان "يجب ان يدفع " ثمن تصرفاته بسبب شرائه لمنظومة صواريخ أس -400 الروسية الصنع. 
وأضاف بايدن في مقابلة اجرتها معه صحيفة "النيويورك تايمس" انه قلق جداً جراء سياسات اردوغان. واضافة الى أزمة الصواريخ الروسية التي ادت الى فرض عقوبات اميركية ضد تركيا، هناك الخلافات الاخرى ومن بينها سلوك تركيا العدائي في شرق المتوسط وارسالها لسفنها الحربية إلى المياه المتنازع عليها مع اليونان وقبرص بشأن التنقيب عن الغاز والنفط، والخلاف حول أكراد سوريا، والدور التركي العسكري في دعم أذربيجان في النزاع مع أرمينيا، والوضع المتدهور لحقوق الانسان في تركيا. وكان لافتاً أن الوزير بلينكن في شهادته في الكونغرس، لفت إلى أن تركيا لا تتصرف كدولة حليفة، وقال "فكرة أن شريكاً استراتيجياً، أو ما يسمى شريك استراتيجي لنا يقف في الصف ذاته مع أحد اكبر المنافسين لنا، أي روسيا، هذا أمر غير مقبول". 
ولوح بلينكن بأن الادارة الجديدة لا تستبعد فرض عقوبات جديدة ضد تركيا، حين قال: "أعتقد انه علينا ان نلقي نظرة على وقع العقوبات الحالية وان نقرر ما اذا كان علينا فرض المزيد" وتابع: "تركيا هي حليف، ولكنها بأكثر من طريقة لا تتصرف كما يجب ان يتصرف الحليف، وهذا يمثل تحدياً كبيراً جداً لنا، ونحن نتعامل معه بعيون مفتوحة".  
 تركيا الحليف اللدود، وايران الخصم اللدود، هما أبرز تحديات بايدن في منطقة يريد تخفيف التزاماته فيها، ويعرفها أكثر من اسلافه، بما في ذلك صعوبة حل نزاعاتها وصعوبة الخروج منها.