الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تسليح الجيش الحُر

تسليح الجيش الحُر

13.04.2013
زيد عيسى العتوم

القدس العربي
السبت 13/4/2013
دخلت الأزمة السورية عامها الثالث، والبانوراما السورية زاخرة بأنواع القتل والدمار والفوضى، وبصور الضحايا والمصابين، وما تبقى من عناوين الحياة والطفولة والبقاء، ورغم الإجماع شبه الكامل، سواء أكان إقليمياً أم دولياً، بضرورة وحتمية رحيل النظام السوري، وإطفاء نار المحرقة السورية، وما رافق ذلك من ملامح التوتر والتعقيد، لعدم قدرة أطراف الأزمة من الداخل والخارج، على حسم الصراع وانهاء العنف، بمختلف الطرق والأساليب، إلا أن أكثر المسائل جدلاً وخلافاً كانت لا تفارق موضوع تسليح الجيش الحر، كونه الأداة الفاعلة والوسيلة الضاغطة لفرض واقع جديد على أرض وشعب ذاق الأمرّين، فكانت البداية برفض التسليح لتبقى الثورة السورية تتزيّن بطابعها السلمي، ثم دعم الثوار بما خفّ من الوسائل اللوجستية غير القتالية، وأخيراً وليس آخراً بتزويد الثوار ببعض الأسلحة المقنّنة للتسريع بزوال النظام، ورغم زيادة تفهم أصدقاء الثورة السورية لضرورة دعم الثورة عسكرياً، إلا أن الدعم المنشود قد بقي حبيس الشد والجذب لجملة عريضة من الرؤى والمبررات.
إن كانت قسوة ووحشية النظام السوري هي السبب الأول والأكبر لشقاء السوريين، فإن تأخر وتردد أصدقاء الثورة السورية هو السبب الثاني لما يعانون، فالجامعة العربية أكدت مراراً أنها لا تملك مفاتيح الأزمة، بعد قوافل الزيارات والمراسلات والمراقبين، لتصطفّ كغيرها في مقاعد المنظمة الدولية، ثم لتجيز أخيراً ولمن يرغب من أعضائها بتسليح الجيش الحر، كونه يقاتل منذ عامين من أجل الخلاص والتحرر، أما الاتحاد الأوروبي فما انفك يدعو لتوخي الحيطة والحذر بشأن رفع حظر توريد الأسلحة إلى سورية، ليبقى الموقف الأمريكي حجر الزاوية في تسليح الثورة السورية، ليكون مزيجاً من عدم تسليح الثوار السوريين مع غض النظر عن أي دول أخرى قد تسلّحهم، مع مشاعر الخوف من وقوع هذه الادوات القتالية بيد فصائل من الإرهابيين والمتطرفين على حد وصفهم، وتحت مبررات الحاجة الأمريكية للضمانات بأن تصل الأسلحة إلى مستحقيها من الوطنيين والليبراليين قبل أي شيء آخر.
بعد سنوات دامية من المراوغة السياسية، والفقاعات الدبلوماسية التي فشل وأجرم فيها النظام السوري، وبعد أن تفتّت ونزفت سورية التاريخ والحضارة، وبعد خطوات متواصلة من نزع شرعية النظام بعد أن فقدها بيديه، وإعطاء مقعده العربي لمن يمثل الثورة السورية، وتشديد العقوبات وتجميد الأرصدة، وتسليم السفارات وغيرها وغيرها، لماذا يبقى ملف تسليح الثورة يسير بخطى لا تتواكب مع مستجدات الواقع الجيوسياسي على أرض سورية من أقصاها إلى أقصاها، وهل ضرر بعض الجماعات السورية المفترضة سيكون أكثر دماراً وأشد فتكاً من آلة النظام وبطشها، وهل سيقف أحرار سورية ونخبها عاجزين أمام بعض الفصائل المتشددة، التي إن كتب لها أن تعيش الحرية وتذوق المستقبل الديمقراطي السوري المنشود، فقد تجد نفسها ذائبةً لا محالة في نسيج سوري كبير، يجمع السوريين ولا يفرقهم، وهل من الإجحاف وعدم الإنصاف مقارنة مشهد سوري، غلب عليه تمدن السوريّ وتحضره رغم الظلم والقهر، بواقع أفغانيّ أو ليبيّ كان تاريخه تراكماً من التأخر والإحباط والتشرذم والضياع؟
ما كان السوريون سيحملون بنادقهم، لولا أن انتزعت أظافر أطفالهم، وعُذّب وقتل شيبهم وشبابهم، وكُسِّرت أصابع وأيدي نخبهم ومثقفيهم، وسُحـِلت كراماتهم تحت شعارات التصحيح والمقاومة والممانعة والمواجهة، وما كانت حلب وحمص وحماة ودير الزور ودرعا تُعاني وتقاوم وتصمد، تناشد وتستصرخ، لو أدرك العالم أن ذراع الثورة السورية هي وحدها من سيحسم الصراع وينهي الكارثة، وأن إسنادها بعوامل القوة والتمكّن، سيختصر على سورية عقوداً من الــــدمار وأنهاراً من الدماء ومستقبلاً سيبقى يبكي الحاضر والماضي.