الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تسليح ثوار سوريا لن يحسم المعركة!

تسليح ثوار سوريا لن يحسم المعركة!

27.06.2013
د. عبدالله خليفة الشايجي

الوطن القطرية
الخميس 27/6/2013
«المهم ليس ما نقوله هنا(الدوحة)، بل ما سيحدث على الأرض خلال الأيام والأسابيع والأشهر التي آمل أن تكون قليلة... ولكن الواقع أن اجتماع اليوم هنا مختلف لأن الوضع على الأرض في سوريا مختلف» وزير الخارجية الأميركي- جون كيري من الدوحة عقب مشاركته في المؤتمر الرابع لأصدقاء سوريا.. في إشارة من كيري لتغير موقف إدارة الرئيس أوباما من موقفها وقرارها تزويد الجيش الحر بالسلاح.. كانت الدوحة خلال الأيام الماضية محطة مهمة لاجتماعات حول الشأن السوري والإقليمي والأفغاني من احتضان اجتماع مجموعة سوريا والاتفاق على تسليح الثوار السوريين بحضور دولي بارز بما فيه وزير الخارجية الأميركي الذي يحمل ملفين مهمين السوري والأفغاني بعد فتح مكتب لحركة طالبان للتفاوض حول مستقبل الحركة في أفغانستان في سابقة مع الجانب الأميركي. وكذلك كانت زيارة الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند إلى الدوحة ولقائه مع القيادة القطرية والذي رحب بقرار مجموعة أصدقاء سوريا بتعزيز دعمها لمقاتلي المعارضة السورية الذي اتاح «رسم خط وهو دعم المعارضة السورية. مؤكداً أن كل ما يحصل هنا، في هذه المنطقة، يهم ايضا أوروبا وفرنسا». تزامن ذلك مع تسريب في الإعلام الأميركي أن المخابرات المركزية الأميركية تقوم منذ أشهر بتدريب قوات من الجيش الحر على استخدام مضادات للدبابات والمدرعات والصواريخ في تغير واضح للموقف الأميركي الذي أشار إليه الوزير كيري في الدوحة. وأشار البيان الختامي لمجوعة أصدقاء سوريا إلى أن الدول الاحدى عشرة المجتمعة باستثناء دولتين وافقوا على تزويد الجيش الحر السوري بالسلاح على وجه السرعة وحسب ما تراه كل دولة. وانتقد البيان الختامي لمجموعة أصدقاء سوريا تدخل ميليشيات حزب الله ومقاتلين من إيران والعراق وطالب أن يغادر هؤلاء المقاتلون سوريا على الفور. وإذا اسقطنا هذا المفهوم اليوم على الحالة السورية البائسة والنازفة، نرى أنه منذ البداية لم يكن هناك اندفاع أو اهتمام دولي بل وانقسام عربي في كيفية التعاطي مع الثورة السورية التي تدرجت من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة مرورا بحرب أهلية ومذهبية وبالوكالة إلى تهديدها بحرب إقليمية طاحنة وبفتنة سنية- شيعية بتداعيات غير مسبوقة. وما نراه في لبنان من احتقان طائفي في طرابلس بين السنة والعلويين في جولاته المتعددة، وفي صيدا في جنوب لبنان بين جماعة الشيخ السلفي أحمد الأسير ومليشيات حزب الله وآخرها الاشتباكات بين مناصري الشيخ أحمد الأسير وقوات الجيش اللبناني ينذر بتفجر حرب مذهبية في لبنان. وكنا أوضحنا في العديد من المقالات في الوطن- بأن التدخل العسكري على الأرض في سوريا كان مرفوضا من البداية. وأن الحالة الليبية لن تتكرر في سوريا وحتى قيام أميركا بقيادة تحالف دولي من الخلف كما كانت الحالة الأميركية في الثورة السورية. بل تركت القيادة لحلفائها وخاصة فرنسا ولحلف الناتو. وكذلك تردي الأوضاع وتحول الثورة السورية لكرة نار محرقة تتدحرج بسرعة لتلتهم بنيرانها المنطقة وتهدد كما علق السناتور الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين من أن الحرب الطائفية والمذهبية في سوريا تهدد بتفجير الشرق الأوسط. وكذلك انتصار المشروع الإيراني بالرغم من كلفته الكبيرة على إيران والشعب السوري ببقاء الأسد في السلطة عن طريق إلقاء ثقل إيران ومعها روسيا وحلفاء إيران وعلى رأسهم حزب الله ما يشكل انتكاسة كبيرة لقوى التغيير ويبقي نظام قمعيا قتل من شعبه أكثر من 100 ألف وشرد 5 ملايين ولا تزال آلة قتل النظام السوري تبيد الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة بما فيها الكيمائية وصواريخ أرض-أرض وغيرها من الأسلحة. وهكذا وجدت واشنطن نفسها وسط ضغوط من قيادات سياسية في الولايات المتحدة وخاصة من الجمهوريين في مجلس الشيوخ ومن حلفائها الذين عبروا عن انتقادات للموقف الأميركي المنكفئ بالإضافة إلى تمادي الروس والإيرانيين في دعم نظام بشار الأسد والذي من الواضح حسب تصريحات رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ووزير الخارجية الأميركي في مؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا باتخاذ قرارات سرية لتغيير الوضع على الأرض في سوريا والتحرك العملي لتغيير الوضع على الأرض. وللحاجة لتوحيد الجهد الميداني للفصائل المعارضة. وجاءت تأكيدات رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم بأن النظام السوري مصر على البقاء ولو قتل مليون سوري وتدمير سوريا، والحاجة لوضع حد لما يجري بدعم دعم المعارضة السورية. وبتقديم كل اشكال الدعم للمعارضة مؤكدا ان القوة ضرورية لإحقاق الحق ولا يمكن انتظار اتفاق اعضاء مجلس الامن لحل الازمة والدعم المعنوي لم يعد كافيا. وأن هناك شكوكا برغبة دمشق بحل سلمي للأزمة السورية. وأن مشاركة حزب الله في القتال في سوريا زاد من القتل وسفك الدماء وأن المجتمع الدولي مقصر تجاه سوريا. وكذلك تأكيد وزير الخارجية الأميركي بأن دور إيران في سوريا يعيق التوصل لحل سلمي. أما وزير الخارجية الإيراني علي صالحي الذي اجتمع مع نظيره اللبناني في طهران في رده على قرار مجموعة أصدقاء سوريا بتسليح المعارضة رفض التدخلات الخارجية وكذلك رفض وحذر مما أسماه «لا ندعم التدخلات الخارجية وإرسال أسلحة للمأجورين والمرتزقة في سوريا لأن تسليح «المأجورين» «يصعّد من الأزمة السورية ويؤدي إلى تدمير هذا البلد». في المجمل، تسليح الثوار في سوريا هو لإحداث توازن قوي على الأرض، وليس لحسم الثورة.. تبقى الحالة السورية مسألة معقدة ومتشعبة بتداعيات داخلية وإقليمية خطيرة تهدد وحدة ومستقبل سوريا نفسها وأمن وتماسك المجتمعات التي تتعرض اليوم لشحن وفرز وحتى حرب مذهبية تمتد من لبنان إلى العراق. أما عن تغير الموقف الأميركي والقرار بتدريب وتأهيل وتزويد المعارضة السورية خاصة الجيش السوري الحر بالسلاح فهو في أحسن الأحوال يهدف لتعديل موازين القوى على الأرض وجعلها أكثر توازنا ما قد يمنح الثوار بمختلف أصنافهم فرصة لتحقيق اختراق وإجبار النظام على تغيير موقفه وسلوكه والاقتناع بجدية التفاوض لتأمين مخرج لقيادات النظام ووقف حمامات الدم. وما اعتراف وزير الخارجية الأميركي جون كيري للحاجة على ضرورة العمل لتغيير ميزان القوى على الأرض في سوريا سوى تأكيد على أن قرار إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا ما زال لم يتخذ في عواصم صنع القرار وأن الطريق لا يزال وعرا وداميا بتداعيات خطيرة على سوريا والمنطقة معاً!!