الرئيسة \  تقارير  \  تصعيد استراتيجي في الحرب الإيرانية ـ الإسرائيلية

تصعيد استراتيجي في الحرب الإيرانية ـ الإسرائيلية

13.02.2022
نظير مجلي


تل أبيب: نظير مجلي
الشرق الاوسط          
السبت 12/2/2022
لا شك في أن التخطيط الذي نسبته الاستخبارات التركية و”الموساد” إلى إيران، لاغتيال رجل أعمال إسرائيلي في إسطنبول، يعد تصعيداً ذا طابع جيوسياسي واستراتيجي في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل. فالحديث هنا عن رجل أعمال يصدر التكنولوجيا الاستخبارية، وعن اغتيال إسرائيلي على الأراضي التركية، وعن اغتيال وصف بأنه انتقام إيراني لاغتيال عالم الفيزياء النووية محسن فخري زاده في طهران. وحرب كهذه، إذا سارت على هذا النمط، وقامت إيران بقتل تجار إسرائيليين، وقامت إسرائيل بقتل تجار إيرانيين، على أراضي بلدان أخرى، لن تكون لها حدود. وستجر إلى حرب أكبر حدة وشدة. لقد تبادلت إسرائيل وإيران حتى الآن الضربات، التي تعد الكثير منها شديدة وقاسية، لكن الطرفين حرصا على إبقائها تحت الرادار. لا أحد يتبناها ولا أحد يأخذ مسؤولية مباشرة عنها. فقامت إسرائيل، وفقاً لوسائل إعلام أجنبية، بتنفيذ عمليات تخريب في المفاعلات النووية الإيرانية، آخرها في نطنز في أبريل (نيسان) الماضي، حيث وقع انفجار غامض قطع الطاقة عن منشأة لتخصيب اليورانيوم.
وقبل ذلك بشهر، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن سلاح البحرية الإسرائيلي استهدف سفناً إيرانية لنقل النفط كانت متوجهة إلى سوريا. وقالت إن هذا الاعتداء هو الثاني عشر الذي تنفذه إسرائيل على سفن نقل النفط الإيرانية وبعضها يزود وكلاء طهران بالأسلحة. وأضافت أن مسؤولين أميركيين وإقليميين يحذرون من اشتعال “جبهة جديدة في الصراع بين تل أبيب وطهران”.
وتبين أن إسرائيل تقف أيضاً وراء التفجير الذي وقع في شهر يوليو (تموز) الماضي في منشأة نووية في كرج، يقال إنها تنتج أجهزة طرد مركزي لتحل محل تلك التي تضررت في الهجمات السرية السابقة على منشأة نطنز النووية في إيران. وحسب مصادر في تل أبيب، فإن هذه العملية تمت بمصادقة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بنيت، الذي تسلم الحكم في يونيو (حزيران)، وأراد أن يقوم بعمل مهم يساهم في تثبيت أقدامه في الحكم والبرهنة على أنه يصلح قائداً يجابه التحدي الإيراني.
لكن الضربات الأقوى التي وجهتها إسرائيل على الأراضي الإيرانية ونشرت بشكل صارخ، هي عملية اغتيال عالم الذرة محسن فخري زاده في ديسمبر (كانون الأول) 2020، وسرقة الأرشيف النووي الإيراني في يناير (كانون الثاني) 2018، من مخزن في طهران العاصمة وتحميله على سيارة شحن وعبور الحدود ووصوله إلى تل أبيب.
بالمقابل، قامت إيران بالرد الانتقامي بعمليات محدودة. فهي لم تتمكن من تنفيذ عمليات في قلب إسرائيل، مع أنها نجحت في تجنيد عدد من الإسرائيليين للتخابر معها. وقبل شهرين، كشفت إسرائيل خلية من المواطنين اليهود ذوي الأصول الإيرانية لخدمة الاستخبارات في طهران، وقالت إنها ألقت القبض على أفرادها قبل أن يقدموا خدمات جدية. وكانت إسرائيل قد اعتقلت وزيراً سابقاً في حكومتها، غونين سيجف، وأدانته بتهمة تقديم خدمات لإيران. وحكمت عليه بالسجن 11 عاماً.
وأقدمت إيران على عمليات تفجير وتخريب في السنتين الأخيرتين ضد سفن تجارية يملكها إسرائيليون، قبالة شواطئ عمان. ونفذت إيران سلسلة هجمات سايبر، شلت إحداها شبكتي المياه والكهرباء في إسرائيل لعدة ساعات وردت إسرائيل بهجمة مضادة شلت فيها حركة السفن والقطارات في إيران. وخلال السنوات الأخيرة يتبادل الطرفان هجمات سايبر بشكل حثيث. ويتولى هاكرز من الطرفين إدارة معارك سايبر على مستوى منخفض.
إلا أن محاولة إيران اغتيال إسرائيلي على أرض تركيا، في الوقت الذي تتحسن فيه العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، والتهديد الإيراني غير المباشر بأن توثيق العلاقات بين إسرائيل والإمارات سيكلف ثمناً، يحدثان قلقاً لافتاً في إسرائيل بأن هناك تصعيداً استراتيجياً. وحتى لو استمر الطرفان في إجراء هذه الضربات المتبادلة تحت الرادار، فإنها تحمل في طياتها تهديداً للرادار نفسه.