الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تغيير نبرة الفضائيات يعكس تبدلا في الازمة السورية

تغيير نبرة الفضائيات يعكس تبدلا في الازمة السورية

15.06.2013
نزار حسين راشد

القدس العربي
السبت 15/6/2013
تغيير النبرة او اللهجة المُعدَّلة، الذي تبنته الفضائيات الإعلامية، المرتبطة بالدول الداعمة للثورة السورية،ُ يؤشر في اتجاه واحد: أن هناك توجيها أمريكيا بالتصعيد الإعلامي ضد جبهة النصرة، وهي العنوان الأبرز للتيار الإسلامي داخل صفوف الفصائل المقاتلة على الأرض السورية. ويبدو أن هذا التوجه الصريح دفع بعض المقاتلين للاعتقاد، بأن تدخل حزب الله، تم بضوء أخضر أمريكي، بهدف إشغال الخصمين اللدودين ببعضهما، حتى يفني أحدهما الآخر!
الولايات المتحدة ومنذ ثمانينيات القرن الماضي تتحرّك تحت عنوان ‘مكافحة الإرهاب’، وبالذات الإرهاب الإسلامي، وهي صفة ألصقتها بحركات وأحزاب ودول، ويضيق مداها ويتّسع، حسب مزاجها ورؤيتها، إن كانت تمتلك رؤيا بالفعل! والمفارقة الكـــــبرى، أنّ هذا البعــــبع نشأ على أرض أفغانستان بحاضنة ورعاية أمريكية، ثم ألصقت به كل خطــــايا العصر، من 11 سبتمبر إلى مترو لندن فمدريد فطالبان أفغانستان وباكستان، وكل ما جرى ويجري على أرض العراق وقائمة بدأت ولم تنته، آخرها بالطبع ما نسب إلى هذا الإرهاب، من إعدام طفل في سورية بعد جلده بتهمة الكفر!
وطبعاً دخلت الدرونز ‘الطائرات بلا طيّار’ إلى الميدان وقتلت منْ قتلت من نساء وأطفال وأعراس، في اليمن وباكستان وأفغانستان!
هذا المشهد العبثي، الذي صنعته السياسة الأمريكية، وتستعدُّ الآن لاستكمال فصوله أو حلقاته على أرض سورية، التي أضحت حطاماً وهشيماً، وجبالاً من الجثث! كل ذلك لإسقاط دكتاتورية طائفية، لم تعد أمريكا راغبة في إسقاطها، خشية أن يستولي الإرهابيون الإسلاميون على مقاليد السلطة! لقد مهدت الولايات المتحدة لفصل الاجتياح هذا، بحديث طويل عن السلاح الكيماوي، ذارفة دموع التماسيح،على ضحاياه من الشعب السوري البريء! الآن جفّت هذه الدموع، واستبدلت بصيحات الفزع من سقوط هذا السلاح في يد الإرهابيين المسلمين! الإرهابيون الذين استُورِدُوا ووضع السلاح في أيديهم لإسقاط النظام الكافر الذي لم يسقط بعد!
بالأمس كان الحديث عن الجيش الحر والمقاومة المعتدلة أو حتّى العلمانية! الآن تراجع هذا الحديث إلى خلف المشهد، وتصدّره الحديث عن الإرهاب الإسلامي، وضرورة قص أجنحته أو القضاء عليه نهائياً، حتى لا يتغوّل أو يقفز إلى كرسي السلطة! وإذن فلا إسقاط بشّار ولا جيش حر ولا يحزنون! كل هذه إضافات وزوائد على المشهد الأصلي، أو المواجهة الأزليّة، بين أمريكا والإرهاب الإسلامي، الذي بايع الظواهري على الخلافة وشرع الآن في قطع أعناق المرتدين حتّى لو كانوا أطفالأً! أولا يذكرنّا ذلك بالوحشية نفسها الّتي مارسها النظام السوري، وتعيد إلى الذهن الذي استهلكه الإعلام المجنّد،صورة الطفل حمزة الخطيب؟ كل ذلك يجعلك تتساءل:
هل كل ما يحدث صناعة إعلامية؟ وهل تجند السياسة الأمريكية كل العوامل المتاحة،من طغيان الدكتاتوريات إلى عواطف الشعوب إلى الاستحواذ الطائقي،إلى التعصب الديني، إلى بنادق الإرهاب؟وصولا إلى النتيجة ذاتها:تحطيم مقومات دول الطوق التي تقف حغرافيا وتاريخيا في الدائرة المحيطة بإسرائيل؟
بوضوح شديد هذا هو الهدف النهائي!وحتّى لو سقط بشّار أو استمرّت المواجهة أو جيء بكرزاي آخر يتولّى مكافحة الإرهاب بالنيابة: فالنتيجة نفسها عراق آخر: دولة عربية محطّمة أخرى! سيولة سياسية ودولة هلاميّة وحالة بدائية، ودائرة خبيثة من المواجهات تحت شعار أو آخر بين مكوّنات الأمّة نفسها، والأمثلة حاضرة وموجودة وملء العينين!