الرئيسة \  تقارير  \  تقارير عن طلب كييف مساعدتها عسكريا.. لماذا تلتزم إسرائيل الصمت حيال أزمة أوكرانيا؟

تقارير عن طلب كييف مساعدتها عسكريا.. لماذا تلتزم إسرائيل الصمت حيال أزمة أوكرانيا؟

13.02.2022
محمد وتد


محمد وتد                                
الجزيرة
السبت 12/2/2022
القدس المحتلة- تلتزم الحكومة الإسرائيلية الصمت حيال الأزمة الأوكرانية وتمتنع عن الإعلان عن موقف رسمي منحاز لأحد قطبي الصراع على كييف، سعيا منها للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية التي تتقاطع مع حليفها التقليدي الولايات المتحدة، وعدم الإضرار بعلاقاتها الاستثنائية مع روسيا.
ومع نهج اللاموقف مما يحدث في أوكرانيا، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن تل أبيب وفي توجيهات سرية، حظرت على دول البلطيق توريد الأسلحة الإسرائيلية والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات إلى أوكرانيا.
وعلى الرغم من ذلك، تواصل إسرائيل التكتم وامتنعت عن التعليق بالنفي أو التأكيد على الأخبار التي نقلتها الإذاعة الرسمية "كان"، حول تطلع كييف لإبرام صفقات أسلحة مع الصناعات العسكرية لتل أبيب، أو حول تعميمها لدول البلطيق
العَلم الإسرائيلي فوق ميدان بكييف خلال فعالية نظمها نشطاء مؤيدون لإسرائيل بالعاصمة الأوكرانية 14 مايو/أيار 2021 (رويترز)
بين روسيا والولايات المتحدة
وفي استعراض لتقاطع مصالح تل أبيب بين موسكو وواشنطن، يرى محللون وباحثون أن إسرائيل ومنذ بدء الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط وتراجع نفوذها، شرعت بفتح مجالات لتحالفات جديدة مع دول كانت بالسابق بمثابة خط أحمر، وهذا التوجه الإسرائيلي ينطبق على روسيا والصين.
وأمام صمت الحكومة الإسرائيلية ونهجها الدبلوماسي لتجنب إثارة غضب موسكو وواشنطن، دعا تقرير صادر عن معهد "أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إلى ضرورة صياغة موقف يضمن الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا وضرورة مراعاة مصالح الولايات المتحدة، وهو التوجه الذي يعبر عن الموقف الرسمي لإسرائيل.
ويجمع محللون على أن إسرائيل تسعى من خلال الصمت تجاه الأزمة الأوكرانية إلى استرضاء موسكو وواشنطن، بسبب هواجسها ومخاوفها من مغبة أي إجراء إسرائيلي من شأنه إثارة غضب روسيا والانعكاس سلبا على ساحة التنسيق المشتركة بينهما في سوريا.
وتعيش تل أبيب الدوامة ذاتها قبالة واشنطن، وفقا للباحثين والمحللين، حيث تخشى أن الصمت حيال ما يحدث في كييف، من شأنه أن يثير غضب الإدارة الأميركية التي ترى بإسرائيل حليفها الإستراتيجي ويدها الطولى في الشرق الأوسط.
في حال الحرب          
ووفقا لمدير المعهد الإسرائيلي "ميتفيم" المتخصص بالسياسات الخارجية للشرق الأوسط، نمرود غورن، فإن إسرائيل في دوامة ما بين الرغبة في الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا وضرورة مراعاة المصالح الأميركية.
وأوضح غورن للجزيرة نت أن السياسة الخارجية الإسرائيلية التي نجحت خلال ولاية يائير لبيد، وحكومة نفتالي بينيت من إعادة الثقة وتدعيم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، تلزم تل أبيب اعتماد مسار الدبلوماسية والحفاظ على مسافة واحدة من الجميع، وبالتالي تتجنب اتخاذ موقف قدر الإمكان من الأزمة في أوروبا الشرقية، وعدم الانحياز لأي طرف.
ومع ذلك، يعتقد مدير المعهد أنه في حال اندلعت مواجهة عسكرية واتُّخذت قرارات بتكثيف العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية المفروضة على روسيا بشكل كبير، يجب ألا تتعارض سياسة الحكومة الإسرائيلية مع سياسة الإدارة الأميركية التي هي الحليف الإستراتيجي في الشرق الأوسط.
وبمعزل عن الهواجس الإسرائيلية من إمكانية أن تؤثر الأزمة الأوكرانية على مساحة المناورة والتنسيق مع روسيا في الساحة السورية، يعتقد غورن أن موقفا حازما من قِبَل واشنطن والغرب في مواجهة تهديدات موسكو، وبالتأكيد نجاحهما في مواجهة عسكرية، إذا ما اندلعت وتطورت، "هو في مصلحة إسرائيل الواضحة".
الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت: ترشيح ليفني للأمم المتحدة من شأنه أن يسهم في تبيض صفحتها من ناحية قضائية بالمحافل الدولية وتعزيز النفوذ والهيمنة الإسرائيليةالباحث أنطوان شلحت: إسرائيل تنأى بنفسها عن أزمة أوكرانيا كي تضمن استمرار التنسيق مع روسيا في سوريا (الجزيرة)
النووي الإيراني أيضا
يقول الباحث بالشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن ما يحدث في كييف يعني إسرائيل بقضيتين، الأولى عدم تأثير الأحداث والمواقف على التنسيق الأمني مع روسيا في الأراضي السورية، وهو التنسيق الذي يصل حالة الذروة حاليا بين البلدين، والقضية الثانية الحفاظ على تنسيق بالشرق الأوسط مع حليفتها أميركا.
وأوضح شلحت في حديثه للجزيرة نت أن إسرائيل تنأى بنفسها عن اتخاذ موقف علني حيال الأزمة في أوكرانيا لكيلا تغضب أميركا، وأيضا من أجل الحفاظ على التنسيق الأمني وساحة الشراكة مع روسيا في سوريا، حيث إن أي موقف أو تصريح يصدر عن تل أبيب قد يثير غضب موسكو التي لن تتوانى عن محاسبة إسرائيل ميدانيا من دمشق.
ورجح الباحث بالشأن الإسرائيلي أن تل أبيب تبدو قلقة من إمكانية أن ينعكس دورها وتعاملها الدبلوماسي بين موسكو وواشنطن في أوكرانيا، على مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني التي تشهد مرحلة حاسمة.
وأشار شلحت إلى أن تل أبيب التي لديها موقف مفارق ومستقل عن أميركا بالملف النووي الإيراني، تخشى أن يتسبب أي دور لإسرائيل مساند للموقف الروسي بالأزمة الأوكرانية، بتسريع خطى واشنطن نحو إبرام صفقة جديدة والعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وهو الاتفاق الذي مهما كانت بنوده تعارضه إسرائيل بشدة.
وفي ظل تعقيدات المشهد الأوكراني، يقول شلحت، إن "إسرائيل واقعة بين النار الروسية والنار الأميركية، وعليه تلتزم الصمت من أجل مرضاة الطرفين، حيث لا يمكنها التصريح بالعلن والانحياز لطرف على حساب آخر وذلك حفاظا على مصالحها التي تتقاطع بين واشنطن وموسكو".
وأوضح أن إسرائيل لن تترد بالقيام بأي خطوات تتعلق بالأزمة الأوكرانية لتظهر حيادها، بما في ذلك منع دول البلقان من توريد أسلحة إسرائيلية إلى كييف، فهي بذلك تبعث رسالة لموسكو بأنها ليست ضد موقفها في أوكرانيا، وأيضا تظهر لإدارة الرئيس جو بايدن، أنها لا تقوم بأي دور أو إجراء من خلف ظهرها.
المصدر : الجزيرة