الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تقاطع الدم في سوريا

تقاطع الدم في سوريا

07.12.2013
سمير الحجاوي


الشرق القطرية
5/12/2013
تحاول كل الأطراف جر الثورة السورية في اتجاهات مختلفة، وكان ما يجري في سوريا قد تحول إلى "ملف" لا بد من الانتهاء منه ولو كان ذلك على حساب الشعب السوري، فنظام الأسد وحلفاؤه "الحقيقيون" من إيران وروسيا إلى حزب الله يسارعون الخطى من أجل خلق وقائع على الأرض للتفاوض عليها في المرحلة المقبلة، ولذلك فهم يستميتون في القتال من أجل الحفاظ على مواقعهم بل واكتساب مواقع جديدة على الأرض تطبيقا لاستراتيجية "التفاوض بالرصاص قبل التفاوض على طاولة الحوار"، وهم يعلنون على الأقل "إيران وحزب الله" أن الحرب التي يخوضونها في سوريا هي حرب وجود وأنه لا عودة إلى الوراء أبدا، هذا الموقف من حلفاء الأسد "الحقيقيين" ترجم على الأرض مساندة وسلاحا ومالا ورجالا ودعما دبلوماسيا وحملات إعلامية.
في المقابل يقف الطرف الثاني من أصدقاء الشعب السوري "المزيفين" بانتظار المعجزات التي تؤدي إلى تفكيك الثورة السورية والتخلص من هذا الصداع، وخلافا للدعم المبدئي الايديولوجي الديني للأسد من إيران وحزب الله يتملص "الأصدقاء غير الحقيقيين" من تقديم أي دعم حقيقي للثورة السورية باستثناء بعض المساعدات الإنسانية وكان ما يجري في سوريا مجرد "أزمة إنسانية" تحتاج إلى بعض البطانيات والخيم، كما حدث مع الشعب الفلسطيني قبل 65 عاما.
هؤلاء الأصدقاء غير الحقيقيين للشعب السوري يبحثون عن مصالحهم على حساب الدم السوري، ولهذا تعقد المباحثات السرية في موسكو وواشنطن والكل يتفق على أن "جنيف هي الحل" ولو على حساب الدماء السورية، ويتوافق الكل على أن الحل السياسي هو المخرج "للأزمة السورية" مرورا بمرحلة انتقالية يتقاسم فيها نظام الأسد المجرم السلطة مع المعارضة بوجود الأسد وحتى بقيادته كما قال وزير إعلامه، فتنحية بشار الأسد صارت وراءنا كما قال نائب وزير خارجية بشار، وبعض الأصدقاء المزيفين يضغطون على المعارضة السورية في الائتلاف الوطني من أجل القبول بالمرحلة الانتقالية وتقاسم السلطة على قاعدة "عفا الله عما سلف، ويا دار ما دخلك شر" رغم استشهاد 150 ألف سوري على يد جلاوزة نظام الأسد الإرهابي المجرم ورغم جرح نصف مليون سوري وتشريد 8 ملايين شخص وتدمير المدن السورية.
الطرف الثالث وهو أمريكا تحديدا وصل إلى هدفه وهو تأمين الكيان الإسرائيلي من أي مخاطر محتملة، بنزع السلاح الكيماوي السوري وتدميره، وبالتالي انتهى بالنسبة إليه أصل المشكلة وبقيت "الأعراض الجانبية"، وبما أن نظام الأسد مطيع للغرب وأمريكا فلا مانع من بقائه، فهذا النظام حرس الكيان الإسرائيلي 40 عاما ومستعد لحراسته 40 عاما أخرى، ولهذا يريدون للمعارضة أن تتقاسم السلطة مع نظام بشار.
يدفع الشعب السوري البطل ثمن بطولته وثمن موقعه الجغرافي وثمن عمقه الحضاري، فهذا الشعب يقع على "مفترق طرق المصالح" بين الأمم والأديان، ولذلك تحولت سوريا إلى "مفترق طرق الدم" الذي يسحب من الجسد السوري الذي أنهكه الأصدقاء المزعومون قبل الأعداء الألداء.
الكل يعيد تموضعه في سوريا بحثا عن قطعة من "الكعكة السورية" التي يريدون تقاسمها في "جنيف المؤتمر والمؤامرة والصفقة"، إعادة موضعة بحثا عن مصلحة أو بقاء عرش أو تأكيدا لتبعية أو خلاصا من "هم" الثورة والثوار والثورات والربيع العربي كله.. ووحده الشعب السوري المغوار يقاتل في الميدان بلا أخ أو صديق بحثا عن الحرية والكرامة التي يحققها سقوط نظام الأسد وليس تقاسم السلطة في مؤامرة جنيف.