الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تقسيم بشار أم تقسيم سورية؟

تقسيم بشار أم تقسيم سورية؟

04.12.2014
د. مطلق سعود المطيري



الرياض
3-12-2014
    تحولت الثورة الشعبية السورية من ثورة شعب يطالب بحريته من قبضة الحكم الدكتاتوري وتحسين مستوى معيشته الى محاربة الإرهاب، واصبح النظام وكافة التجمعات الشعبية المعارضة مجبرين على إبراز مجهوداتهم العسكرية لمكافحة الارهاب.. تحولٌ يستقيم مع نتائج الثورات العربية التي قدمت نموذجا سيئا لثقافة الشعوب عندما تقود مؤسسات الحكم فاستبدلت البيروقراطيات الفاسدة بفوضى شعبية تحيا على إنهاء جهاز الحكومة بغضب الشارع.
فأين تتجه النهايات بالشعب السوري المنكوب الى تقسيم أرضه بين النظام والجماعات الارهابية أم استعادة النظام للأراضي التي وقعت تحت سيطرة داعش واخواتها؟
فالنهاية المنصفة للشعب السوري أصبحت أمرا مستعصيا ومستحيلا، فلا حرية له الا خارج بلاده، ولا أمن له الا بالمخيمات الممتلئة بالبؤس على حدوده.. فثورة الشعب السوري انتقلت الى أولويات دولية وإقليمية من محاربة الارهاب الى صراع الأقليات مع دول الجوار، فكرد سورية اصبحوا جزءا من مكون كردي يتمدد في العراق وتركيا فانتفت عنهم هويتهم السورية فالربيع العربي سلمهم الى ربيع كردي ترسم خطوط حدوده وبيانه السياسي المؤسسات السياسية النخبوية في الغرب، وان استمر هذا الامر فسوف يبرز صراع القوميات العربية والكردية والتركية صراعا تقدر نهايته الا ينتهي، ويتطلب الاستخدام السيئ لقوة داعش المتوحشة، فلا انتصار لقومية على قومية الا بالتحالف مع داعش ولا شرعية لاستخدامها القوة الا بالحرب على داعش.. وهنا تكون داعش ضرورة من ضرورات الحسم بالهزيمة والانتصار.
هذا التحول المرير في اتجاهات الثورة سيجعل الشعب السوري يتوجه مضطرا الى معسكر النظام او معسكر داعش، لكي يستطيع أن يؤمن الحدود الدنيا من احتياجاته المعيشية، إما مع الدولة القومية التي يمثلها النظام أو مع تنظيم داعش، تحولات غربية تجبر الانسان السوري على الحياة بشكلين اما دكتاتوري عسكري او ارهابي يدافع عن خيالات هلامية، فسورية الدولة التي تمثل شعبا يختلف في مذاهبه واعراقه انتهت ولن تسمح لها معطيات الاحداث ان تجمع المواطن بارضه من جديد، فالانسان السوري اليوم مواطن ينسب الى مشروع وليس الى دولة، فلا شكل للدولة الا مع وجود عسكر البعث وهذا امر تجاوزه الانسان السوري الذي تحول من مواطن دولة الى مواطن مشروع.. حتى التدخل الخارجي المنتظر في الشأن السوري وخاصة تدخل واشنطن لن يقدم للمواطن السوري اكثر من الموجود الان على أرض الواقع، فواشنطن تريد شعبا يقاتل النظام وداعش وهذا أمر كان ممكنا في بداية الثورة اما اليوم فمن المستحيل ان تجد قوة تحارب النظام والارهاب معا.
بشار الاسد الرئيس اصبح وجوده ضرورة استراتيجية من ضرورات المشروع الذي قسم سورية الى احداث وليس تقسيما في الأرض، حدث يعمل على نزع الحكم من بشار وحدث يحارب الارهاب وحدث يعمل على تأسيس تنظيمات إرهابية، فمثل هذه الاحداث الكبيرة لايوجد لها أرض تطالب بها أو تحافظ عليها بل يوجد لها مشروع يتحرك بتوسع حسب القوة ويتراجع حسب القوة ايضا، فبشار الاسد عرف ذلك جيدا وقسم قوته على أغلب الاحداث، هو جزء من الارهاب ومحاربته وهو ضمن الحسابات الغربية التي تطمح لبناء دولة للكرد، فبشار مثل داعش كل منهما يبرر وجود الآخر.