الرئيسة \  تقارير  \  تقليص أعباء مرض السرطان في العالم العربي يتطلب تحركاً جماعياً عاجلاً

تقليص أعباء مرض السرطان في العالم العربي يتطلب تحركاً جماعياً عاجلاً

13.03.2022
بيلين إنجيسو


بيلين إنجيسو
نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى “أسترازينيكا”
الشرق الاوسط
السبت 12/3/2022
تزامناً مع سعينا المتسارع لتوسيع نطاق فهمنا لمرض السرطان وسبل الوقاية منه وتشخيصه وعلاجه، بوسعنا القول إن الجهود الحثيثة التي تم بذلها على مدار السنين في مجالات البحث والتطوير وتحسين الصحة العامة، إضافة إلى مساعي تغيير السلوكيات غير الصحية، بدأت الآن تؤتي ثمارها. فقد شهدنا انخفاضاً بنسبة 15 في المئة في معدلات الوفيات بسبب السرطان بحسب الفئة العمرية بين عامي 1990 و2016.
لكن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن عدد مرضى السرطان في العالم العربي مرشحٌ للارتفاع بمعدل الضعف بحلول عام 2030. ويبرز التغيير الديموغرافي كأحد أكثر الأسباب وضوحاً لذلك، إذ يزداد عدد السكان في العديد من بلدان هذه المنطقة وترتفع فيها معدلات الشيخوخة أيضاً، أي أن هذين العاملين مسؤولان عن ارتفاع أعداد مرضى السرطان، وثمة عوامل خطر أخرى للإصابة بالسرطان في هذه البلدان مثل ارتفاع معدلات التدخين والبدانة .
وعلى الرغم من الصورة القاتمة التي قد ترسمها تلك العوامل، يمكن لاتخاذ الخطوات العملية المناسبة، ضمن مسارات فحوصات مرض السرطان والتشخيص المبكر والعلاج، أن يساعدنا على تحقيق تقدم ملحوظ في معركتنا مع مرض السرطان، وبالتالي تقليص المخاطر التي تهدد السكان وأنظمة الرعاية الصحية.
لكن التصدي لهذه المهمة بكفاءة يستدعي جهوداً تعاونية تشارك فيها جميع القطاعات، سواء الجهات الحكومية أو مزودي خدمات الرعاية الصحية أو الجهات المعنية بالابتكارات من القطاع الخاص.
واستجابة لذلك، تطلق أسترازينيكا بالتعاون مع شركائها وأطراف استشارية أخرى من مجتمع الأورام العالمي اليوم تحالف "التعاون لتسريع التغيير في مكافحة السرطان" خلال القمة العالمية لمرض السرطان في إكسبو 2020 دبي. ويتمحور هدفنا عبر هذه الخطوة حول إحداث تغيير جوهري في سبل تشخيص مرض السرطان وعلاجه بين أفراد المجتمع.
وسيعمل تحالف "التعاون لتسريع التغيير في مكافحة السرطان" على تفعيل دور صناع التغيير في أنظمة الرعاية الصحية ورواد الأبحاث والمبتكرين في المجال الصحي من مجتمع الأورام والقطاعات الأخرى، وحشد جهودهم معاً لضخ المزيد من الاستثمارات في عمليات التشخيص المبكر للمرض، واستخدام الأدوات التشخيصية المناسبة وتطبيق برامج الفحوصات الشاملة، ناهيك عن نشر الوعي وتثقيف أفراد المجتمع بالمرض، وتيسير الوصول إلى خدمات الرعاية الطبية الدقيقة.
وعلى الرغم من نمو معدلات الإصابة بأمراض السرطان في المنطقة، حيث يبدو أن هذا النمو لا مفر منه اليوم، يبقى التشخيص المبكر قادراً على كبح هذا المنحنى التصاعدي، وربما عكس اتجاهه بالكامل .
وعلى سبيل المثال، يعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم العربي، لكن احتمالات البقاء على قيد الحياة لمدة خمسة أعوام كحد أدنى بعد تشخيص المرض ترتفع من 27 في المئة لدى الحالات التي تم تشخيصها في مرحلة متأخرة، لتصل إلى 99 في المئة بين الحالات التي تم تشخيصها مبكراً.
وبالنسبة لسرطان القولون والمستقيم، ندرك بأن الفحوصات الشاملة على مستوى المجتمع تعتبر وسيلة فعالة للغاية. فالمرضى الذين يتم تشخيص مرضهم باستخدام تنظير القولون تنخفض مخاطر فقدان حياتهم بسبب المرض بنسبة 67 في المئة وقد انتشر هذا النوع من التشخيص بالفعل على مستوى واسع بين سكان دولة الإمارات وقطر والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية، إلا أنه يتعين على المزيد من بلدان المنطقة تطبيق هذا النموذج.
وبعد تشخيص المصابين، تتمكن الرعاية الطبية الدقيقة من تصميم خطة علاجية محكمة تساهم بإنقاذ الأرواح، وذلك عبر مراعاة جينات المرضى وخصوصية بيئة معيشتهم وأنماط حياتهم بدقة متناهية.
إلا أن تحقيق النتائج المرجوة من هذا الأسلوب العلاجي على نطاق واسع مرهون بتزويد أنظمة الرعاية الصحية بالتقنيات المطلوبة، لاسيما وأن تبني الرعاية الصحية الدقيقة بأسلوب يفتقر إلى التوازن قد يؤدي إلى توسيع فجوة عدم المساواة بين المرضى ضمن ذات البلد أو مقارنة بالدول المجاورة.
ومن الأمثلة على ذلك أيضاً سرطان الرئة، والذي تشهد معدلات الإصابة به ارتفاعاً ضمن العديد من الدول العربية. ولهذا يمكن لتبني أحدث تقنيات النمذجة الجزيئية في سرطان الرئة بشكل روتيني المساعدة في وصف الدواء الأمثل لكل مريض على حدة، لكن مستويات سهولة الوصول لمثل هذه التقنيات متفاوتة بين دولة وأخرى. وفي الختام، يتعين على أنظمة الرعاية الصحية دمج التشخيص المبكر والرعاية الطبية الدقيقة في التوجيهات السريرية ليتسنى لها تغيير المفهوم السائد حول تشخيص مرض السرطان لدى المرضى والمتأثرين بهذا المرض الخطير بصرف النظر عن جنسياتهم وخلفياتهم وأماكنهم.
وصحيحٌ أن تحقيق هذه الإنجازات قد يبدو مهمة شاقة، لكن التعاون كفيلٌ بتمكيننا من بلوغ الأهداف التي تتطلع إليها جميع الأطراف المعنية بمرض السرطان، فلا تسمحوا لهذه التحديات أن تثني عزيمتكم.