الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تكاليف عدم الحل في سوريا

تكاليف عدم الحل في سوريا

09.06.2013
رأي البيان

البيان
الاحد 9/6/2013
لم يسبق للأمم المتحدة أن أطلقت نداءً عبر تاريخها لجمع المساعدات بحجم المبلغ المطلوب لسوريا، فالمليارات الخمسة لدعم نحو 10.25 ملايين سوري بحلول نهاية عام 2013، بما يعادل نصف سكان البلاد، تزيد عن المعونات التي جمعتها الأمم المتحدة لمواجهة تداعيات كارثة «تسونامي» عام 2004.
وبالنظر إلى تشعبات الأزمة السورية، فإن المبلغ الذي قدرته الأمم المتحدة (المليارات الخمسة) سيكون كافيا لفترة محددة، في حال تم الإيفاء بالتعهدات من جانب الدول المانحة، بمعنى أنها ليست مبلغاً استراتيجياً قياساً إلى حجم المعاناة. ومن الممكن أن يأتي يوم تصبح فيه تكاليف الإغاثة الإنسانية لوحدها تفوق عشرة مليارات دولار، ليس فقط لنصف السكان، بل لكل السوريين، الأمر الذي يحتم أن تكون هناك ميزانية دورية لسوريا تحل محل ميزانية النظام السوري الذي يضع كافة الموارد في خدمة المجهود الحربي.
لا يخفى أن للدول مسؤولياتها الخاصة، ولن تكون الاستجابة لنداءات الأمم المتحدة المتكررة سهلة بطبيعة الحال، وذلك دليل آخر على عجز المجتمع الدولي عن التقدم بحل سياسي للأزمة، ومنذ البداية كان واضحاً أن تراجع أطراف دولية عديدة عن القيام بأي جهد جدي وعملي لإنهاء معاناة السوريين، والاكتفاء بمواقف تصلح أن تكون للدول الهامشية.
وهو ما يرفع الآن تكاليف مواجهة التداعيات على العالم برمّته. فبدلاً من التعامل بجدية أكبر مع الأزمة في سوريا وتداعياتها الإقليمية والدولية، تجاهلت القوى الدولية النتائج الحتمية لهذه السياسة، وبات عليها اليوم مواجهة ذلك بنفسها تفاديا لكارثة أكبر، ليس فقط بالنسبة للشعب السوري وتردي الأوضاع داخل سوريا، بل في مخيمات اللاجئين في دول الجوار، فضلاً عن المشكلات الأمنية الخطيرة التي تلوح في الأفق.
أحياناً يكون الإحجام عن التدخل لتفادي تحمل الأعباء المالية، والآن على المجتمع الدولي مواجهة تكاليف عدم التدخل، التي تفوق تكاليف التدخل بأضعاف مضاعفة.. تأخر الأمر كثيرا لكنه ليس مستحيلاً حتى الآن، وهو يشكل درساً للمعنيين في المستقبل، أنه «إذا لم تتدخل الآن.. فستفعل ذلك لاحقاً وبثمن أكبر».