الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تكلفة الثورة السورية

تكلفة الثورة السورية

13.04.2014
د. خالص جلبي


الاتحاد
السبت 12/4/2014
أعجب ما في النظام الرئاسي في سوريا أن الرئيس يحكم فيه سبع سنوات عجاف ما هو أطول من أي نظام رئاسي يرتكز على البرلمان في العالم. بل إن الأسد يفكر في حكم 16 سنة قادمة، وهذه إحدى المحطات التي يجب على الشعب السوري معالجتها، أن تكون فترة الرئيس أربع سنوات لولايتين، لا تزيد، ثم تنتهي ولاية رئيس الجمهورية، مثل النظام الأميركي الذي أبدعوا في صياغته مذكرين باليونان القديمة التي كانت تتخلص من روح الطغيان في كل صورة.
ولكن دون هذا التغيير ما يسميه البعض "بدائل الحائط المسدود" حيث لا يوجد ثمة أي هامش في وجه هذا النظام العاتي. وهذا البديل المريع هو "سيناريو يوم القيامة الإقليمي" في حرب لا تبقي ولا تذر.
وفي ظل العجز المصاب به مجلس الأمن الذي أصبح بتركيبه المتخلف عن تقدم الجنس البشري مكاناً لإعاقة ولادة العدل في العالم، ينقل عن هيلاري كلينتون قولها إنها وصفت "الفيتو" في مجلس الأمن بالمسخرة "الأضحوكة" وأن مجلس الأمن بات عقيماً غير منجب.
وعلينا أن نعلم أن حملة الأمم المتحدة في كوسوفو كانت تتكون من 1400 خبير يصلون إلى كل مكان، فلم تحل المشكلة فيها، حتى حلها القصف الجوي في وجه الصرب الذين لا يعرفون إلا لغة الضرب، مقابل إرسال 100 مراقب في سوريا يحجزون في 100 مكان.
لقد وصل عدد القتلى مع ديسمبر 2011 إلى 4000 مقابل 2000 قتيل من عناصر الأمن "الشبيحة"، وحسب الأمم المتحدة فقد ارتفع الرقم حتى مايو 2012 إلى 10000 قتيل و30000 لاجئ و200000 نازح. وعلينا الآن أن نقارن هذا الرقم وقد صعد الرقم من العشرات عدداً إلى مئات الآلاف. ويقدر كثيرون في ربيع عام 2014 أن رقم القتلى الفعلي ربما إلى 400 ألف، والمعطوبين والمعاقين والمشوهين 600 ألف، والمفقودين أكثر من ربع مليون (لا ننسى الميتات الشنيعة لـ11 ألفاً تم تصويرهم بشكل سادي في 55 ألف صورة توثيقية، لرفعها إلى قادة دولة المخابرات الأسدية).
هناك من أخبرني أنه من مدينة "الربيعة" الصغيرة بجنب حماة وهي علوية وقد خسرت 700 قتيل بما يشكل حالة ماحقة ساحقة أقرب للزلزال إن لم يكن أشد، فلم يبق بيت بدون حزن ودموع، فشربوا الكأس دهاقاً تلك التي أذاقوها لجيل المتظاهرين الأوائل وعائلاتهم.
وهناك من يتحدث عن 100 ألف ضحية من صفوف العلويين، وهو يعني بكلمة ثانية أن هذه الطائفة في طريقها للفناء! فهل من حماقة أكبر من هذه؟ أن يمضوا إلى الهاوية مع العائلة الأسدية؟ ولكن هذه هي سخرية التاريخ المتكررة.
وفي تقديري أنه لن يبقى حجر على حجر، وسيذكرنا الرقم في نهاية المحرقة الشامية بالحرب الأهلية الإسبانية التي كلفت أكثر من مليون قتيل؛ مع فارق النتيجة؛ فالشعوب لا تهزم، وفي النهاية ذهب "فرانكو" إلى لعنة التاريخ.
كثيراً ما يسبح بي الخيال عن ضيوف جهنم وأبوابها؟ لا أدري؟ أتذكر "جحيم دانتي" وماذا رأى فيها؟ أقول في ظني إن إحدى البوابات هي للطغاة حيث نرى ستالين وبول بوت وأتيلا وجنكيزخان وتيمورلنك وإيفان الرهيب وهتلر وتيتو والأسد أو هكذا أظن وأزعم.