الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "تمرّد" إقليمي على التوافق الأميركي - الروسي الحلّ السوري دونه الحلقة السعودية - الإيرانية

"تمرّد" إقليمي على التوافق الأميركي - الروسي الحلّ السوري دونه الحلقة السعودية - الإيرانية

03.11.2013
روزانا بومنصف


النهار
السبت 2/11/2013
تتوقف على الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى المملكة العربية السعودية غداً الاحد جملة أمور لا تتصل فحسب بمحاولة رأب الصدع الذي اصاب العلاقات بين واشنطن والرياض في اعقاب مواقف اميركية محبطة ازاء المنطقة، بل تكتسب اهميتها من واقع انها تسبق ايضاً الاجتماع التقريري المفترض ان يعقد بين كيري ونظيره الروسي مع الموفد الاممي الى سوريا الاخضر الابرهيمي في ختام جولته على بعض دول المنطقة تمهيداً لتأمين انعقاد مؤتمر جنيف - 2. فزيارة كيري التي يبدأ بها جولة على بعض الدول ايضاً في المنطقة تتخطى بدرجات جولة الابرهيمي. فما يمكن ان يقدمه كيري على صعيد ازالة الشوائب التي اصابت العلاقات الثنائية مع الرياض مهم على صعد عدة، ليس على مستويات تخفيف التوتر انما انعكاسات هذا التوتر على جملة ملفات ومسائل وعلى دول المنطقة ايضاً. ولذلك تتجه الانظار الى المملكة السعودية مطلع الاسبوع من أجل محاولة استكشاف ما الذي سيبحثه كيري مع المسؤولين السعوديين وما هي نتيجة ذلك وهل ستأخذ الولايات المتحدة بهواجس ومصالح حليفتها او حلفائها في الاعتبار ام انها ستمضي في تنفيذ مقاربتها السياسية لمشكلات المنطقة وفق المسار الذي تعتمده. فالرياض رفضت استقبال الاخضر الابرهيمي وكذلك فعلت الامارات العربية من ضمن جولته على بعض دول المنطقة في الوقت الذي يبدي افرقاء المعارضة السورية انتقادات شديدة له. وما يبدو مستبعداً بالنسبة الى مصادر معنية هو انعقاد المؤتمر من دون ان تكون المملكة السعودية موجودة على الطاولة على رغم التلويح بامكان ذلك من جانب بعض الدول وذلك نظراً لتأثيرها الكبير على المعارضة السورية التي سيكون صعباً ان تحضر من دون داعميها الاقليميين الاساسيين ايضا في الوقت الذي يسعى النظام الى تجميع من يستطيع من اجل دعمه وعدم اقتصار ذلك على روسيا وايران وحدهما الى جانبه فقط.
ويبدو لافتا بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين ان التوافق الدولي الذي حصل بين روسيا والولايات المتحدة حول نزع الاسلحة الكيميائية السورية واصرار كل منهما على عقد مؤتمر جنيف - 2 لحسابات ومصالح خاصة بالنسبة اليهما لم يسر على الوضع في المنطقة او على دولها. فلم ينسحب هذا التوافق على ازالة الاعتراضات والتحفظات الاقليمية بل على العكس ويعود ذلك الى اختلاف الاجندة السياسية بين كل من الولايات المتحدة خصوصاً والدول الحليفة لها في المنطقة خصوصا في الموضوع السوري حيث اثار انكفاء الولايات المتحدة عن تبني رؤية الدول الحليفة لها في المنطقة من الموضوع السوري ازمة في العلاقات الثنائية مع المملكة السعودية ودول الخليج العربي. ولعلها المرة الاولى التي لا يسري التوافق الدولي على دول المنطقة فلا يلتزمه الاطراف الاقليميون او يتمردون عليه علما ان ازمة العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة تمس مجمل المقاربة الاميركية للمنطقة من موضوع سوريا الى موضوع مصر وعدم دعم السلطة الانتقالية البديلة من حكم الاخوان المسلمين وصولا الى موضوع ايران لجهة المخاوف من اعتماد مقاربة الاسلحة الكيميائية السورية على الملف النووي الايراني واضافة الى التعثر في الملف الفلسطيني الاسرائيلي وعدم بذل الولايات المتحدة الجهود المطلوبة على هذا الصعيد مع مواصلة اسرائيل سياستها الاستيطانية.
ومع ان هذا الامر يفتح الباب امام تساؤلات مهمة تتصل بواقع انه لم يعد يكفي الدول الكبرى ان تقرر عن الدول الاقليمية مصالحها بل لهذه الدول مصالحها ايضاً بغض النظر عن القدرة في تسويقها وفرضها او الدفع في اتجاه اخذها في الاعتبار ام لا، فان السؤال الاساسي يتصل بجدوى انعقاد جنيف - 2 من دون توافق اقليمي ايضا وليس فقط توافق دولي بين روسيا والولايات المتحدة من اجل ان يمتثل افرقاء الصراع لما يمكن ان يتفق عليه ومن اجل ان يحظى اي حل بدعم محلي واقليمي ودولي على ان يكون التوافق الاقليمي بين المملكة السعودية وايران موازياً او مكملاً للتوافق الروسي الاميركي. اذ انه ما لم يحصل هذا التوافق او تفاهم او اي شيء من هذا القبيل، فمن الصعب تصور امكان انجاح اي مؤتمر او التوصل الى اي حل او فرض اي حل على دول المنطقة خصوصا ان جزءا كبيرا من الازمة السورية لم يعد محصورا بالحرب الاهلية الجارية رغبة في رحيل النظام السوري بل ان للقوى الاقليمية اما نفوذها او تأثيرها او ايضاً دعمها العملاني والميداني كما هي الحال مع ايران التي لم تبخل على النظام بكل انواع الدعم وانقذته من الانهيار عبر تدخلها المباشر او التنظيمات التابعة لها ايضا. ولذلك فان جوهر الموضوع أبعد من اعادة تصويب العلاقات المباشرة الاميركية السعودية على اهميتها وانعكاساتها تكمن في ازالة العقبات من امام تفاهم سعودي ايراني مباشر او غير مباشر لان اي مؤتمر حول سوريا لا يمكن ضمان نتائجه من دون تدوير الزوايا على هذا الصعيد علماً ان هناك عقبات اخرى لا تقل اهمية امام انعقاد جنيف - 2 حتى الان. ولكن هل يمكن تأمين تدوير الزوايا بين ايران والمملكة قبل جنيف - 2؟ فهذا جانب يقول المعنيون بضرورته وعدم استحالته لكن الطريق غير معبدة حتى الان امام هذا المسار.