الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تناقضات في مهمة "ائتلاف الراغبين"

تناقضات في مهمة "ائتلاف الراغبين"

08.10.2014
سركيس نعوم



النهار
الثلاثاء 7-10-2014
محاولة الرئيس الأميركي باراك أوباما تكوين "تحالف أو ائتلاف الراغبين" في مكافحة ارهاب تنظيم "داعش" وأمثاله، وهو أمر تقدم عليه أميركا للمرة الثانية في تاريخها الحديث، تبدو غارقة في تناقضات المهمة التي التزم تنفيذها. هذا ما يقوله بعيداً من الاعلام مسؤولون في العاصمة واشنطن استناداً الى متابعين أميركيين لادارتهم وطريقة تعاطيها مع ملف الارهاب. ويضيف هؤلاء أن الشركاء الأوروبيين للولايات المتحدة في ائتلافها المشار اليه حدّدوا العراق وحده دائرة عملهم العسكري الجوي. أما شركاؤها العرب فقد قصروا مشاركتهم العسكرية على سوريا. اذ بالنسبة اليهم وخصوصاً الدول والممالك السنّية في الخليج وخارجه، يبقى الهدف اطاحة الرئيس بشار الأسد ونظامه باعتباره في رأيهم شريك الجمهورية الاسلامية الايرانية. كما أنهم لا يرون أي مصلحة لهم في انقاذ الشركاء الشيعة لهذه الجمهورية في بغداد. والمقصود بذلك هو النظام "الشيعي" عملياً الذي يحكم من بغداد أو بالأحرى يهيمن على المكوِّن السنّي في العراق ويسعى الى تقليص الاستقلالية التي يمارسها أكراده وخصوصاً منذ اسقاط نظام الراحل صدام حسين.
ما هو سبب استثناء سوريا من المشاركة العملية لـ"الراغبين" الأوروبيين في مكافحة ارهاب "داعش" وأمثاله؟
يجيب المتابعون الأميركيون أنفسهم أن دول أوروبا بغالبيتها تكره نظام الأسد وتشعر بالاشمئزاز منه بل بالنفور، وتعتبر أن القانون الدولي يسمح من حيث المبدأ بالعمل العسكري ضده. لكنها لا تستطيع أن ترى على الأقل حتى الآن استراتيجيا أميركية ناجحة أو بالأحرى قابلة للنجاح في انهاء الوضع البالغ الصعوبة في سوريا حالياً. وقد عبّر عن ذلك أحد الديبلوماسيين الأوروبيين بالقول: "على الأقل نحن نحاول في العراق خلق حكومة شاملة تضم ممثلين لكل مكوّنات شعبه وأطيافه. ومن شأن ذلك تقوية السنّة الذين يشعرون بالضعف، والذين هم وبعد كل حساب، المفتاح الحقيقي للانتصار على "داعش" وأمثاله". وفي أوروبا يتابع هؤلاء، فان البريطانيين متعاطفون مع أميركا ومستعدون للـ"الصعود الى المركب" معها كما العادة. لكن "حزب العمل" أبلغ الى رئيس وزرائهم دايفيد كاميرون وبكلام نهائي أنه لن يدعم أي قرار في "مجلس العموم" يسمح بانخراط بريطانيا في عمليات عسكرية خارج العراق. وهذا ما سمح له بالحصول على تأييد نيابي ساحق للاشتراك في "ائتلاف الراغبين" في مكافحة الارهاب في العراق. وكان ذلك اشارة في الوقت نفسه من غالبية المشرّعين البريطانيين الى رفضهم الانخراط في ضربات جوية في سوريا. وهو موقف اتخذوه رسمياً أي بالتصويت عندما اقترح عليهم كاميرون، يوم "اكتشف" العالم مخزون السلاح الكيميائي السوري، الاشتراك في الضربات الجوية التي كان الرئيس الأميركي أوباما قررها في الربيع الأسبق في سوريا ثم عدل عن السماح بها.
حتى في العراق، يقول المتابعون الأميركيون أنفسهم، فان الوقائع لا تشجِّع على توقُّع النجاح، علماً أن عدداً من المحللين في واشنطن يعتقدون أن بلادهم ستقع في البلدين المذكورين في ورطة أو مأزق في أحسن الأحوال. ورغم أن للجنرال جون ألِن احتراماً كبيراً لنجاحه في تعبئة السنّة العراقيين ضد تنظيم "القاعدة" قبل سنوات، وكذلك لدوره الايجابي في قرارات الرئاسة الأميركية في ذلك الحين، فان المراقبين يتوقعون أن تكون مهمة تجميع قوة برية تضم مكوّنات الشعب العراقي كلها لمحاربة الارهاب صعبة ومخيفة بل ربما مرعبة. فالأكراد الذين اضطربوا في البداية في مواجهة هجوم "داعش"، وخصوصاً عندما وصل الى تخوم أربيل، لا يبدون راغبين في أن يكونوا شركاء مع حكومة في بغداد يقودها الشيعة، علماً أنهم احتاجوا الى تدخل الطيران الحربي الأميركي لمنع قوات "داعش" من دخول "دولتهم". وقد أعطى ذلك حلمهم بالاستقلال جرعة مهمة من الحقيقة.
ماذا عن الزعماء العراقيين السنّة؟
واضح جداً لكل المتابعين ومنهم الأميركيون أنفسهم أن هؤلاء الزعماء مرتاحون لأنهم لم يعودوا مضطرين الى التعامل مع رئيس الحكومة المستقيل والمكروه منهم كثيراً نوري المالكي. لكن ذلك لا يعني أن تعامل خلفه الدكتور حيدر العبادي معهم سيكون سهلاً، اذ عليه، كما على حلفائه العراقيين وداعميه من خارج العراق، أن يقنعوا هؤلاء فعلاً بأن العبادي ليس المالكي ولن يكون مالكي آخر. كيف يمكن أن يحصل ذلك؟ وهل ينجح؟
ا�� H}����لإحصاءات المعلنة نحو 30 مقاتلاً في الشهر الواحد إضافة إلى الجرحى) مهما كابر، تتجاوز قدراته خصوصاً أنها ستتواصل على سنوات عدة مقبلة.
الفرصة الوحيدة لتخفيف خسائره هي في انكماشه العسكري بدلاً من انتشاره من دمشق إلى كسب. هذا الانكماش يمكن أن يحصل في انخراط إيراني ميداني متزايد. تشييع القتلى الخمسة من "الحرس الثوري" علناً في مشهد قد يؤشر إلى تحضير القيادة الايرانية الرأي العام الإيراني لتقبّل الخسائر القادمة، من منطلق أنها واجب مذهبي، قبل أن تكون سياسية، أساسها تمدد القرار الإيراني إلى حوض البحر الأبيض المتوسط. ما يزيد من إمكانية هذا الاحتمال أن التشييع جرى في مشهد حيث مقام الإمام الرضا، بكل رمزيته المؤثرة.
قرار "حزب الله" بالقتال شأنه. أما جرّ اللبنانيين الشيعة إلى المستنقعين السوري والمذهبي فإنه أكثر من خطأ، خصوصاً أن لبنان كله في زمن الخليفة البغدادي، يقف فعلاً وليس احتمالاً، على حافة "السكين".