الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "توازن الرعب" في لبنان والمنطقة

"توازن الرعب" في لبنان والمنطقة

05.10.2013
غسان حجار


النهار
الخميس 3/10/2013
وقع تفجيران في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الشيعة، في مدة شهر، تبعهما انفجاران قويان في طرابلس "عاصمة السنّة" في يوم واحد، أوقعا عدداً أكبر من القتلى. انفجرت بين السنّة والشيعة في بعلبك، فتحركت جبهة طرابلس في اليوم التالي تنذر بمضاعفات. سقطت صواريخ في الضاحية ومحيطها، وعلى مقربة منها خطأ، فتحركت جبهة عرسال وبدأ الخطف المتبادل.
هكذا تبدو المعادلة. توازن في الرعب. لا قوي ينتصر في لبنان. قالها يوماً الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله إن الحرب مع اسرائيل أسهل بكثير من حروب الداخل.
ما يجري في لبنان ينطبق على المنطقة العربية. هي لعبة الأمم، لا خاسر ولا رابح بشكل دائم. والتجربة اللبنانية خير برهان، اذ اعتبر كل فريق شارك في الحرب انه بنى مملكته وانه يتهيأ لحسم قريب، قبل أن تقرر الارادة الدولية عقد مؤتمر الطائف، وانهاء حالة الحرب.
في الشرق الأوسط معادلة مماثلة. اسرائيل لم تتمكن من الانتصار المضمون والمريح، وإن تفوقت عسكرياً، والعرب رغم هزائمهم المتلاحقة لن يخسروا أمام اسرائيل لأنهم يملكون عدة للحرب، أي المخزون البشري الذي لا تستطيع الدولة العبرية أن تجاريهم فيه.
في الحرب السورية أيضاً معادلات توازن رعب حقيقي، لأن الحرب بما هي حرب داخلية، وحرب الآخرين على الداخل، بلغت حد الرعب مع ازدياد أعداد المنتمين الى تنظيم "القاعدة" بوجوه مختلفة وتسميات متعددة.
انتصرت دول الخليج العربي في مصر، قلبت نظام الثورة، وأطاحت حكم "الاخوان المسلمين" خوفاً من أن تتمدد مفاعيل الثورة الى بلدانها، من مصر، بوابة العالم العربي، وموطئ العروبة. وهذا النجاح الخليجي المحقق في بلاد النيل لم يتمدد الى بلاد الشام، فكانت الفرملة، وصفقة التوجه الى عقد مؤتمر جنيف2 الذي تتمثل فيه كل الأطراف، أي السلطة مع المعارضة، وبالتالي قد يُصاغ لسوريا اتفاق مشابه لاتفاق الطائف اللبناني، يعيد ترتيب البيت الداخلي، وربما يطيح الرئيس أو يلغي صلاحياته كما حصل في لبنان.
تركيا التي حققت انتصارات وهمية على عتبة الاتحاد الأوروبي، والتي تدعم "اخوان" سوريا، كما فعلت في مصر، تختلف مع دول الخليج، وربما تدعم النظام السوري الأسدي خوفا من شبح تقسيم سوريا ، لأنه يفتح المجال واسعاً عليها مع أكراد "يتآمرون" ما بين العراق وتركيا وسوريا وربما لبنان.
أما ايران، المنتصر الأكبر ظاهراً، فهي تتنازل، شاءت أم أبت، ما دامت العقوبات الاقتصادية والمالية قائمة عليها، وما معارضة الحرس الثوري لحركة الرئيس حسن روحاني إلا جزء من اللعبة الاعلامية التي تدفع باتجاه دعم خيارات الرئيس الايراني.
لعبة الأقوياء تتطلب التوازنات والمحافظة عليها، مع تبدل محدود في الهوامش يتيح لصغار اللاعبين "حرية في الحركة"، فيظن هؤلاء انهم تجاوزوا دور أحجار الشطرنج، وصاروا يحركونها.