الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فتوحات’ داعش… و’حرية’ الجزية وقطع الرؤوس

فتوحات’ داعش… و’حرية’ الجزية وقطع الرؤوس

02.03.2014
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 1/3/2014
اصبحت ‘فتوحات’ مايعرف بـ’الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام’ او ‘داعش’، تتصدر الاخبار في سوريا، مع اكتشاف مقابر جماعية في مناطق نفوذها في ريف حلب الشمالي، وكذلك اعلانها فرض ‘الجزية’ على ‘النصارى’ في محافظة الرقة، ناهيك عن البدء في تطبيق ‘الشريعة الاسلامية’ بقطع يد شخص اعتبرته ‘لصا’، ثم اعلانها المسؤولية عن قصف لبنان بالصواريخ.
وحسب الاحصائيات فان عدد المسيحيين او ‘النصارى’ حسب بيان داعش، لا يتجاوز الواحد في المئة اصلا من سكان الرقة البالغ عددهم نحو ثلاثمئة الف نسمة. ويقول البعض انهم كانوا نزحوا فعلا من المحافظة مع استيلاء تلك الجماعة الارهابية عليها.
وهكذا يبدو ان هدف داعش من الاعلان عن فرض الجزية هو اعلامي بحت، سعيا الى اعطاء صورة زائفة عن قوتها، وهو ما يتضح من خطابها الذي يتسم بالمبالغة، كما جاء في بيانها الجمعة حول مهاجمة لبنان ‘أسود الدولة الإسلامية قاموا بدك معاقل حزب الشيطان (حزب الله) بثلاثة صواريخ من نوع غراد على منطقة بريتال’.
وهومعنى يؤكده الاصولي المتشدد ابو قتادة في تصريحه الذي قال فيه ان ‘الجزية التي فرضت على اهالي بعض المناطق المسيحية في سوريا لا تجوز، موضحا ان ‘الجزية عقد والمجاهدون لا يستطيعون حماية اعراض المسيحيين لانهم غير متمكنين فهم في حالة قتال’.
واعتبر ابو قتادة ان افكار الدولة الاسلامية في العراق والشام ‘منحرفة وفيها غلو حيث انها تستخدم العبارات الشرعية في غير موضعها كما هو حال اهل البدع.
فاذا كانت داعش ‘منحرفة’ بالنسبة لأبي قتادة، فكيف يمكن وصفها من وجهة نظر الاسلام الوسطي المعتدل؟
وما يمكن فهمه من تصريحه ان الجزية واجبة او جائزة في حال ان داعش قادرة على ‘حماية اعراض المسيحيين’.
اما مقدار الجزية الذي فرضته داعش فهو 13 غراما من الذهب، وسيكون من ‘الشيق’ معرفة الاسس الشرعية التي استندوا عليها في تحديده، بل وفي فرضها اصلا مع اجماع جمهور العلماء على ان الجزية سقطت، بانتهاء المعطيات التي بررت فرضها.
ومن الاسئلة البديهية والمشروعة التي يمكن ان تثيرها هذه المأساة الملهاة (الداعشية)، لماذا لا يدفع الاسلاميون المتشددون الذين يقيمون في كنف الغرب المسيحي وحمايته ‘الجزية’ للحكومات هناك، بدلا من ان يقبضوا منها اعانات اسبوعية بمئات الدولارات لمواجهة اعباء المعيشة ورعاية اطفالهم ناهيك عن دفع ايجارات البيوت الفخمة التي توفرها لهم؟
ان اعلان داعش الاخير عن تطبيق ما تزعم انه شريعة الاسلام ليس سوى توسيع للحرب التي تشنها ضد الشعب السوري بل والانسانية جمعاء لتكون حربا ضد الاسلام نفسه.
بل ان ما ترتكبه داعش في يوم واحد من قطع للرؤوس والاطراف واضطهاد لغير المسلمين بغير حق، لهو اكثر اساءة للاسلام من كل ما صدر عن بعض السفهاء في الغرب من رسومات او فيديوهات مسيئة للدين الحنيف او لرسوله الكريم طوال السنوات الماضية.
واذا كان هناك من يريد ان يعرف الاسباب الحقيقية لتصاعد ما يسمى بـ’الاسلاموفوبيا’ حول العالم، فانه مدعو ان ينظر الى داعش و’فتوحاتها’ او الخشبة في عيوننا قبل القذى الذي في عيون الاخرين.
ومن المثير للاسى ان داعش ترتكب جرائمها تحت عنوان ‘الحرية لسوريا’ التي هي منها براء.
فهل يمكن ان تشرق شمس الحرية على سوريا حقا من براثن هذا الثقب الاسود الذي لا يعرف الا خطاب الكراهية ونهج الطائفية ورائحة الدم.
ام ان داعش وغيرها من التنظيمات التكفيرية مثل ‘انصار الشريعة’ و’انصار بيت المقدس ليست سوى اسماء متعددة لمرض واحد اصبح ينتشر كالسرطان في اوصال العالم العربي والاسلامي واتجاهاته الاربعة؟
هل يمكن ان تتقدم امة فعلا، وما زال فيها امثال (داعش)، من يقتل الناس بدم بارد لمجرد انهم مختلفون عنه في العقيدة كما حدث مع الاقباط السبعة في ليبيا مؤخرا؟
اي طائفية واي عنصرية واي همجية تعجز امامها الكلمات!
ولا عجب ان النظام السوري لا يبدو منزعجا او متعجلا في القضاء على داعش واخواتها من ادوات الارهاب، حيث انها تقدم له خدمات جليلة باقناع كثيرين انه يبقى الخيار الافضل رغم كل جرائمه.
وكأن قدر الشعب السوري ان يكون اما ضحية لارهاب ‘علماني’ باسم الوطنية او ضحية لارهاب ‘ايديولوجي’ باسم الدين.
ان الطريق الى المستقبل سواء في سوريا او العالم الاسلامي غير ممكن الا عبر تجاوز هذا ‘السرطان الارهابي’ الذي يعربد في جسد الامة ضاربا عرض الحائط بكافة القيم الاسلامية بل والانسانية ايضا.
اما الشعب السوري الذي عاني في سكونه، ويعاني اليوم بعد ثورته، فانه يستحق مستقبلا بلا ارهاب مهما كان لون الراية التي يحملها.