الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تورّط "حزب الله" في الحرب السورية أدخل لبنان في دائرة التفجيرات والاغتيالات

تورّط "حزب الله" في الحرب السورية أدخل لبنان في دائرة التفجيرات والاغتيالات

19.07.2013
اميل خوري

النهار
الجمعة 19/7/2013
أمل الرئيس ميشال سليمان في كلامه خلال حفل الافطار الذي أقامه في القصر الجمهوري أن يدعو في الأيام المقبلة إلى استئناف اجتماعات هيئة الحوار الوطني لإعادة تأكيد الالتزام بثوابت "إعلان بعبدا" واستكمال البحث في وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه انطلاقاً من التصور الأولي الذي وضعه لهذا الغرض وللبحث في المخارج المتاحة للأزمة الراهنة على قاعدة "التعقل والاعتدال وتغليب مصلحة لبنان العليا على أي مصلحة أخرى أو اعتبار".
أوساط سياسية ترى أنه بات من الملح الدعوة إلى عقد هيئة الحوار بعدما تبين ان لا سبيل الى الخروج من الأزمة الوزارية المفتوحة على أجل غير معروف، سوى تأكيد المتحاورين قبل أي شيء آخر التزامهم "إعلان بعبدا" بعدما خرقه "حزب الله" بإرسال مسلحيه للقتال في سوريا مع جيش النظام فأدخل لبنان كله في دائرة الخطر وبات ساحة مفتوحة للفعل ورد الفعل للتفجيرات والاغتيالات بين الحزب وخصومه داخل لبنان وخارجه، بدءاً بالصاروخين اللذين استهدفا الضاحية الجنوبية لبيروت، مرورا بانفجار بئر العبد وأخيرا وليس آخرا تعرض سيارة لـ"حزب الله" لعبوة ناسفة على طريق مجدل عنجر، ولا أحد يعرف أي منطقة من المناطق في لبنان ستكون عرضة لعمليات عنف متبادلة بين الحزب وخصومه. فهل يستطيع لبنان تحمل عواقب هذا الوضع المثير للقلق بل للذعر سياسيا وامنيا واقتصاديا؟
الواقع ان "حزب الله" يتحمل مسؤولية إدخال لبنان في دائرة الحرب المشتعلة في سوريا بدخوله طرفا فيها ضد إرادة غالبية اللبنانيين وأن عليه أن يعيد النظر في موقفه هذا قبل فوات الأوان، ويعيد تأكيد التزامه "إعلان بعبدا" بسحب مقاتليه من المعارك الدائرة في سوريا وإلا فإنه يكون قد عاد عن توقيعه على بيان هيئة الحوار الذي دعا الى تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والازمات الاقليمية وذلك حرصا على مصلحة لبنان العليا ووحدته الوطنية وسلمه الاهلي. فلو أن الحزب التزم ذلك لما كان لبنان يواجه اليوم تداعيات ما يجري في سوريا ويجعل نار الحرب المشتعلة فيها تمتد الى غير منطقة في لبنان، ولما كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي استقالت لعجزها عن تحمل عواقب خرق "اعلان بعبدا"، ولما واجه الرئيس المكلف تمام سلام ما يواجهه من عقبات لتشكيل حكومة جديدة، إذ لا يعقل ان يشارك الحزب فيها وهو يشارك في حرب سورية مرفوضة من غالبية اللبنانيين، بل على الحزب أن يختار بين مواصلة الحرب في سوريا او الانسحاب منها للمشاركة في الحكومة.
وما يجعل استئناف هيئة الحوار أمراً ضرورياً هو إعادة تأكيد المتحاورين التزامهم "إعلان بعبدا" كي يسهل عندئذ تشكيل حكومة "وحدة وطنية" تحمي لبنان من تداعيات كل ما يجري حوله لأنه لم يعد في استطاعته لا سياسيا ولا أمنيا ولا اقتصاديا تحمل عبء كل ذلك، وان ما يفرض العودة الى طاولة الحوار هو عدم التزام "حزب الله" مضمون "اعلان بعبدا" واعتباره موافقته عليه مجرد مجاملة لا اكثر ولا اقل، وقول العماد ميشال عون عندما سئل عن "اعلان بعبدا": "شو ها الاعلان".
لذلك مطلوب من بكركي ان تجمع الزعماء الموارنة لتوحيد موقفهم حيال تحييد لبنان لأن لا خلاص لهم وله إلا بذلك، وليس سوى الالتزام فعلاً لا قولاً بـ"اعلان بعبدا" ما يسهل مهمة الرئيس المكلف تمام سلام تشكيل الحكومة لأن الخلاف على التزامه هو الذي يعقّد مهمته ويرفع سقوف المطالب في وجهه، وهو ما جعل الرئيس سليمان يدعو الى تركيز الجهد في الوقت الحاضر على تشكيلها "لأن الفراغ او المراوحة للبقاء في الوضع الراهن لن يكونا ابدا في مصلحة الوطن ولن يكونا تاليا البديل من تشكيل حكومة "الوحدة الوطنية"، علما ان عامل الوقت اصبح داهما وضاغطا على هذه المصلحة".
والسؤال المطروح هو: هل يستجيب "حزب الله" الدعوة الى هيئة الحوار ليؤكد مع المتحاورين الآخرين الالتزام بـ"اعلان بعبدا"، وهذا يتطلب قرارا بسحب مقاتليه من سوريا لكي يصير في الامكان تشكيل حكومة "وحدة وطنية"؟ وهل يكون موقف العماد عون بتأييده "اعلان بعبدا" فعلا لا قولا حافزا لحليفه "حزب الله" كي يجاريه في هذا الموقف الوطني؟
إن عدم استجابة "حزب الله" الدعوة الى هيئة الحوار لتأكيد الالتزام بـ"اعلان بعبدا" من دون تحفظات تفرغه من مضمونه، سوف يعيد فتح الساحة اللبنانية لصراعات المحاور وللفعل وردود الفعل العنفية بين الحزب وخصومه داخل لبنان وخارجه، ويحول تاليا دون التوصل الى اتفاق على تشكيل حكومة، وعندها يكون الفراغ الشامل الذي يتسبب به الحزب وحلفاؤه في 8 آذار.
ثمة من يعتقد بأن الحزب دخل ساحة الحرب في سوريا بقرار ايراني ولن ينسحب منها الا بقرار ايراني، وانه مطلوب من لبنان بمعاونة اصدقائه واشقائه السعي لدى ايران كي تطلب سحب مقاتلي "حزب الله" من سوريا اذا كانت ايران تريد فعلا للبنان الامن والاستقرار كما يكرر قول ذلك سفيرها في لبنان.
وثمة من يعتقد بأن "حزب الله" يسحب مقاتليه من سوريا عندما تتحقق اهداف تدخله عندما يتأكد من ان الجيش السوري النظامي يتقدم تقدما ملموسا ويخرج "الجيش السوري الحر" من المدن التي يسيطر عليها ولاسيما حمص وحماه وحلب. فهل من المتوقع التأكد من ذلك قبل موعد انعقاد مؤتمر جنيف – 2؟
الى ذلك يمكن القول إن من يعرقل تشكيل الحكومة هو من لا يلبي دعوة الرئيس سليمان الى استئناف اجتماعات هيئة الحوار الوطني، اذ من دون تأكيد التزام "اعلان بعبدا" فعلا لا قولا، لا سبيل الى تشكيل حكومة "وحدة وطنية"، وعندها يصبح من حق الرئيس سليمان والرئيس المكلف اللجوء الى حكومة "الكي آخر الدواء"...