الرئيسة \  واحة اللقاء  \  توسل إدخال المساعدات نموذجاً للتخاذل لماذا يتراجع الأسد في الوقت الضائع ؟

توسل إدخال المساعدات نموذجاً للتخاذل لماذا يتراجع الأسد في الوقت الضائع ؟

25.09.2016
روزانا بومنصف


النهار
السبت 24/9/2016
هل يبدو طبيعيا لمجموعة دول دعم سوريا التي اجتمعت في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة ان يناشد رئيس مجموعة العمل حول المساعدات الانسانية في سوريا يان انغلاند من جنيف الرئيس السوري بشار الاسد من اجل السماح بادخال المساعدات التي تقف الشاحنات المحملة بها على الحدود التركية فيما هي مرسلة من الامم المتحدة الى المواطنين السوريين الذين تحاصرهم قوات النظام مع الميليشيات الحليفة له في حلب قائلا: " ارجو منك ان تقوم بما ينبغي للسماح لنا بالوصول الى شرق حلب والى المناطق المحاصرة الاخرى ايضا "؟. هذه النقطة ككل اي اعتماد المؤسسات او المنظمات الدولية مواقف ديبلوماسية تصل الى حد المناشدة امر مفهوم من اجل الوصول الى تحقيق الغاية التي يتوخاها هؤلاء. الا ان المفارقة ان هذا الموقف يأتي غداة موقف للامين العام للامم المتحدة بان كي - مون في خطابه الاخير امام الجمعية العمومية للمنظمة الدولية قبل انتهاء ولايته، بمعنى انه لم يعد يأبه كثيرا بالمعايير الديبلوماسية التي تفرض عليه بعض الضوابط فيما هو في منصبه يسعى الى الامساك بالعصا الديبلوماسية من منتصفها ، حمل فيه نظام الاسد مسؤولية الانتهاكات والجرائم في حق المدنيين في سوريا متهما اياه بأنه هو الذي يواصل قصف الاحياء بالبراميل المتفجرة ويمارس التعذيب الممنهج في حق الاف المعتقلين. وفيما كانت هذه الدول اتفقت في وقت سابق ولوحت باستخدام الطيران من اجل انزال المساعدات في ظل استمرار تعنت النظام بالسماح بادخال اي منها الى المدن والبلدات التي يحاصرها ، فان هذا لم يحصل تبعا لتعقيدات واجهتها هذه الدول في انزال المساعدات جوا ما ادى الى غض النظر عنها كليا على رغم تهديدها النظام بذلك في حال لم يسمح للمساعدات بدخول البلدات المحاصرة. ويبدو الامر متناقضا وغريبا في توقيت يتهم فيه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الولايات المتحدة باسقاط اسلحة من الجو للاكراد في كوباني من اجل مقاتلة تنظيم الدولة الاسلامية. ويسأل مراقبون ديبلوماسيون ايضا في هذا الاطار اذا كان يبدو طبيعيا مثلا ان تقدم الولايات المتحدة اعتذارها للنظام السوري عبر روسيا عن قصف تقول انه حصل خطأ من قوات التحالف بقيادة اميركية لقوات سورية في دير الزور وادى الى سقوط جنود سوريين فيما روسيا بالذات ووفقا للاتهامات الاميركية تواصل قصف المعارضة السورية المعتدلة وتنفي كما ينفي النظام استهداف قافلة المساعدات الموجهة الى السوريين في حلب على رغم تأكيد الولايات المتحدة مسؤولية روسيا في هذا الاطار. وهذا عدا ما يقوم به النظام من قصف للمدنيين منذ خمس سنوات ونصف السنة ولم يسمع احد منه اي مراجعة او اعتذار من اي نوع كان.
 
والاسئلة البارزة التي تؤدي اليها هذه المعطيات وبعد هذه المواقف تاليا تتصل بما اذا كان تعنت رئيس النظام السوري بشار الاسد في مواقفه الرافضة لرفع الحصار وادخال المساعدات لا يزال يثير الاستغراب ، واذا كانت الدول المؤثرة في العالم ستمضي في الاعتذار منه او تتوسل اليه لادخال مساعدات لشعبه الذي يرغب ويستمر في الضغط عليه من اجل تركيعه واعادته الى كنف سيطرته. فلماذا قد يكون الاسد راغبا في تطبيق هدنة تؤدي الى مفاوضات سياسية قد تتضمن مرحلة انتقالية وتقليصا لصلاحياته في الحد الادنى، ان لم يكن رحيله في النهاية، في الوقت الذي يستمد قوته ليس من مواقف الدول الداعمة له من جهة كروسيا مثلا في شكل اساسي بل ايضا من ضعف مواقف الدول التي لا تملك اي قدرة على التأثير في الداخل السوري او لا ترغب في التدخل كما فعلت ايران وروسيا فيعمد الاسد الى ابتزازها حتى في موضوع اتاحة المجال لادخال المساعدات الانسانية. وحين تغيب القوة الرادعة وهي تتمثل راهنا في تراجع الولايات المتحدة في الموضوع السوري من جهة الى جانب انشغالها راهنا بموضوع الانتخابات الرئاسية مما يربك الحلفاء من مجموعة الدول الداعمة لقوى المعارضة، فان نظام الاسد سيحاول في المقابل الاستفادة الى اقصى ما يمكن من هذا الوقت الضائع مدعوما من حلفائه، ومتشجعا بالخشية التي اعرب عنها وزير الخارجية الاميركي جون كيري من ان البديل للاتفاق الاميركي الروسي كما قال في 14 ايلول الجاري هو الذهاب من 450 الف قتيل في سوريا الى الاف اخرى وسعي النظام الى السيطرة على حلب وتولي روسيا والنظام القصف لايام طويلة. وهو امر لم يتأخر في ان يبرز على وقع مفاوضات حثيثة في نيويورك لانقاذ الهدنة على نحو لا يتوقع معه من الولايات المتحدة وحلفائها سوى المزيد من المساومات والتنازلات اذا شاؤوا انقاذ الهدنة على الاقل نظريا في المدة الفاصلة عن الانتخابات الاميركية وتاليا رحيل الادارة الحالية. فالقوة الرادعة المهددة باجراءات عقابية قد تنجح نسبيا او بعض الشيء متى كانت مرتفعة السقف احيانا ، لكن اذا كانت المواقف المعلنة في الاصل منخفضة السقف ومتوسلة وتبحث عن سبل لانقاذ الوضع في وقت حرج خصوصا بالنسبة الى الاميركيين ، فمن غير المرجح ان تنجح اي هدنة ولا اي تهديدات ما دام وزير الخارجية كيري طمأن كما فعل من قبله الرئيس باراك اوباما من خلال القول ان الولايات المتحدة لن تتدخل في سوريا لكنها تتحرك لانها لن تجلس ولا تقوم بأي شيء كما قال.