الرئيسة \  تقارير  \  توقفوا عن التماس الأعذار لأخطاء بايدن

توقفوا عن التماس الأعذار لأخطاء بايدن

02.04.2022
هنري أولسن


ترجمة: علاء الدين أبو زينة
هنري أولسن – (الواشنطن بوست) 28/3/2022
الغد الاردنية
الخميس 31/3/2022
ينظر الكثير من الناس زلة الرئيس بايدن في نهاية الأسبوع الماضي، حيث دعا على ما يبدو إلى الإطاحة بالرئيس فلاديمير بوتين من السلطة، على أنه خطاً يمكن التسامح معه. كلا، إنه ليس كذلك. إنه جزء من نمط مقلق من الأخطاء التي تزيد بلا داعٍ من مخاطر حدوث مواجهة مباشرة مع روسيا.
وليس هذا بأي حال من الأحوال أول خطأ لفظي يقع فيه بايدن فيما يتعلق بالصراع الروسي الأوكراني. في كانون الثاني (يناير)، ألمح الرئيس إلى أن “توغلاً بسيطاً” تقوم به روسيا في أوكرانيا قد لا يؤدي إلى فرض عقوبات غربية عليها. وفي الآونة الأخيرة، بدا أنه فاجأ إدارته من خلال وصف بوتين بـ”مجرم حرب”. كما أخبر أعضاء الفرقة الأميركية 82 المحمولة جواً في بولندا أنهم سيشهدون مباشرة شجاعة الأوكرانيين “عندما تكونون هناك”، مما يشير إلى أن القوات الأميركية ستدخل القتال. وقال أيضًا أنالناتو سيرد “عينيًا” إذا استخدمت روسيا أسلحة الدمار الشامل في حربها مع أوكرانيا، مما يشير على ما يبدو إلى أن الحلف سيستخدم أسلحة نووية أو كيميائية تكتيكية في الرد إذا فعل بوتين ذلك أولا. وقد ترتب على البيت الأبيض أن يوضح أن بايدن ليست لديه نية لإرسال قوات إلى أوكرانيا، وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الرئيس يعني أننا “سنرد وفقًا لما يحدث”.
وهذا نمط مرعب. فالعالم يتطلع إلى رئيس الولايات المتحدة لتوفير القيادة العالمية. ويجب أن يُظهر هذا الشخص الهدوء والحصافة أثناء اتخاذ القرارات، بينما يعرف أنه سيتم التدقيق في كل كلمة يقولها من أجل فهم سياسات الولايات المتحدة. ويعني عدم قدرة بايدن المستمرة على أداء هذه المهمة أنه يجب على المساعدين “تنظيف” ملاحظاته باستمرار وتوضيح سياسة الولايات المتحدة بعد ذلك. ويتساءل المرء عما يجب أن يقوله قادة الحلفاء لبعضهم البعض عندما يتحدثون على انفراد عن بايدن.
كما يجب على المرء أيضًا أن يتساءل عن رأي بوتين في كل هذا. نحن نعلم أن الزعيم القومي الروسي يؤمن بأشياء غير صحيحة، مثل أن التاريخ الأوكراني لا يمنح هذه الجمهورية السوفياتية السابقة أي حق في الاستقلال، كما كتب بوتين في مقال لاتاريخي العام الماضي، وأن حكومتها بحاجة إلى “نزع النازية” منها. وهو مصاب بجنون الارتياب، كما يتضح من اعتقاده بأن توسع الناتو يهدد روسيا، على الرغم من أن الناتو تخلى عن أي تمركز دائم لقوات التحالف على أراضي دول الاتحاد السوفياتي السابق أو دول حلف وارسو. وبذلك، يمكن لبوتين أن يعتقد بسهولة أن زلات بايدن هي سياسة أميركية حقيقية، وأن عمليات التراجع التي يقوم بها البيت الأبيض تهدف إلى خداعه. وسيكون مثل هذا الاستنتاج كارثيا.
وصل بوتين إلى السلطة في العام 1999 بعد وقت قصير من حملة القصف التي شنها حلف الناتو على صربيا، الحليف الروسي التقليدي. وفي نهاية المطاف، تم اعتقال سلوبودان ميلوسيفيتش، الرئيس الصربي الذي أدت حروبه في البلقان والتطهر العرقي الذي مارسه جيشه إلى اندلاع تلك الحملة، وحوكم بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ثم توفي ميلوسيفيتش في سجن للأمم المتحدة بالقرب من لاهاي في العام 2006. ومن المؤكد أن بوتين، الذي يعتقد بوضوح أنه شخصية تاريخية ستستعيد عظمة روسيا، لن يسمح بأن يلاقي هو نفسه نفس المصير. وإذا وصل إلى قناعة بأنه ليس لديه ما يخسره من تصعيد الصراع في أوكرانيا، فمن يدري ما هو قادر عليه؟
ثمة طريقتان محتملتان لشرح أخطاء بايدن. الأولى هي أنه ليس الذي يدير العرض حقًا وأن تصريحات مساعديه تقدم انعكاساً أكثر دقة لسياسة الولايات المتحدة. والثانية هي أنه هو الذي يدير العرض لكنه يفتقر إلى جهاز التصفية اللازم للإبقاء على الأفكار الخاصة كذلك.
ويبدو التفسير الثاني هو الأكثر ترجيحًا، لأنه سيكون متسقًا مع ميل بايدن إلى الإدلاء بتصريحات مهينة قبل أن يصبح رئيسًا. من يستطيع أن ينسى تصريحه أمام جمهور أسود في العام 2012 بأن الرئيس الجمهوري “سيعيدكم إلى السلاسل”؟ كما ارتكب زلة بعد الأخرىفي حملته الانتخابية للعام 2020، واصفًا رجلاً في ولاية أيوا بـ”الكاذب اللعين” وامرأة في نيو هامبشاير بـ”الكاذبة بشعة الوجه”. وعندما يقع تحت الضغط أو يشعر بالتعب، فإنه يكون عرضة للهجوم على الآخرين وارتكاب الأخطاء. هذا جزء من شخصيته فحسب. لكن ما هو لطيف أو مبرر خلال حملة انتخابية قد يؤدي إلى كارثة عندما تنخرط قوتان نوويتان في مواجهة متوترة.
لا يريد الأميركيون من جميع الأطياف السياسية حربًا عرضية مع روسيا تنطلق من المشاعر الغاضبة لرجلين. يجب أن توضح الشخصيات المسؤولة، في السر والعلن، أن تصريحات بايدن الساخنة غير مقبولة. ربما سيقنعه ذلك بالالتزام بالنص. ويجب أن نأمل أن يفعل، من أجلنا جميعا.
*هنري أولسن Henry Olsen: كاتب عمود في صحيفة “الواشنطن بوست” وزميل رفيع في مركز الأخلاق والسياسة العامة.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Stop making excuses for Biden’s gaffes