الرئيسة \  تقارير  \  توماس فريدمان: شي وبوتين وترامب.. حماقات الحكام المستبدين

توماس فريدمان: شي وبوتين وترامب.. حماقات الحكام المستبدين

26.03.2022
الجزيرة


الجزيرة
الخميس 24-3-2022
"شي وبوتين وترامب.. حماقات الحكام المستبدين"؛ بهذا العنوان اللافت استهل توماس فريدمان مقاله في صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times)، قائلا إن السنوات الخمس الماضية كانت بمثابة فصل دراسي رئيسي في السياسة المقارنة، لأن شيئا ما حدث لم نشهده من قبل في نفس الوقت، حيث اتخذ أقوى 3 زعماء في العالم -الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ والأميركي السابق دونالد ترامب- خطوات جذرية للتشبث بالسلطة بعد فترات ولايتهم المحددة. وقد أخفق واحد ونجح اثنان، وهنا تكمن حكاية تقول الكثير عن عالمنا اليوم.
وأوضح الكاتب أن ترامب أخفق لسبب واحد بسيط للغاية وهو أن المؤسسات والقوانين والأعراف الأميركية أجبرته بشكل صعب على التنازل عن السلطة في نهاية سنواته الأربع، على الرغم من جهوده لتشويه الانتخابات وإطلاقه العنان لمؤيديه لترهيب المشرعين لإلغاء خسارته في الاقتراع.
أما بوتين وشي فلأنهما غير مكبلين بالمؤسسات والأعراف الديمقراطية؛ وضعا قوانين جديدة تجعلهما، بشكل فعال، رئيسين مدى الحياة.
وعلق فريدمان بأنه على الرغم من المشاكل التي تواجه الديمقراطيات اليوم، لكن لا يزال لديها بعض الأشياء التي تفتقر إليها الأنظمة الاستبدادية، مثل القدرة على تغيير المسار، التي غالبا ما تكون بتغيير القادة، والقدرة على فحص ومناقشة الأفكار البديلة علنا قبل الشروع في مسار العمل.
وهذه السمات قيمة بشكل خاص في عصر تسارع التكنولوجيا وتغير المناخ، حين تكون الاحتمالات منخفضة في أن يتخذ شخص واحد في أواخر الستينيات من عمره -كحال بوتين وشي- قرارات أفضل، كلما كبر في العمر.
يبدو أداء بوتين في أوكرانيا إعلانا يشير بكل وضوح لمخاطر وجود رئيس مدى الحياة، يعتقد أنه لا غنى عنه ومعصوم من الخطأ
وذكر الكاتب أن هذا الأمر يمكن رؤيته بوضوح في حالة بوتين الذي يبدو أداؤه في أوكرانيا إعلانا يشير بكل وضوح لمخاطر وجود رئيس مدى الحياة يعتقد أنه لا غنى عنه ومعصوم من الخطأ.
وانتقد فريدمان حرب بوتين في أوكرانيا، مشددا على أنه أخطأ الحسابات في كل شيء؛ حيث بالغ في تقدير قواته المسلحة وقلل من استعداد الأوكرانيين للقتال والموت من أجل حريتهم، وأخطأ تماما في قراءة رغبة الغرب، سواء الحكومات أو الشركات، في الاتحاد من أجل دعم أوكرانيا.
وعلل ذلك بأنه إما أنه تغذى على هراء مساعديه الخائفين من إخباره الحقيقة، أو أنه كان موقنا من عصمته لدرجة أنه لم يسأل نفسه أبدا، أو أعد حكومته أو مجتمعه لما وصفه المتحدث باسمه بأنها حرب اقتصادية "غير مسبوقة" من قبل الغرب.
الديمقراطيات الفوضوية
وأضاف الكاتب أن كل ما نعرفه يقينا هو أن بوتين حظر جميع الانتقادات الإعلامية وجعل من المستحيل على الروس أن يعاقبوه في صناديق الاقتراع على حماقته الهمجية.
أما عن الصين فقد اعتبرها الكاتب أكثر جدية لأنها أخرجت نحو 800 مليون صيني من الفقر المدقع منذ السبعينيات. واعتبر رئيسها الحالي شي أكثر جدية من بوتين.
ومع ذلك يرى فريدمان أن مخاطر الاستبداد واضحة هناك، ومنها أن شي لم يكن راغبا في إجراء تحقيق جاد في كيفية ظهور فيروس كورونا، أو على الأقل مشاركة أي نتائج مع العالم، خوفا على ما يبدو من أن قيامه بذلك قد ينعكس بشكل سيئ على قيادته.
ولخص الأمر بأن الديمقراطيات الفوضوية، في الوقت الحالي على الأقل، تأتي برؤساء مدى الحياة، يعملون على خنق جميع مصادر المعارضة.
واختتم الكاتب بالإشارة إلى أنه ولكي تتلاشى الموجة الاستبدادية بشكل دائم فهناك أمران ضروريان؛ الأول هو إخفاق همجية بوتين في أوكرانيا، الأمر الذي قد يتسبب في فقدانه للسلطة، والثاني أكثر أهمية وهو أن أميركا ستحتاج لأن تبرهن على أنها ليست جيدة في إقامة تحالفات في الخارج فحسب، بل قادرة أيضا على بناء تحالفات سليمة مرة أخرى في الداخل لتوفير الحكم الرشيد والنمو وانتقال السلطة بلا نزاع، ورعاية اتحاد أكثر مثالية.
المصدر : نيويورك تايمز