الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثلاثة ملفات تمتحن العلاقـات مـع أميـركا

ثلاثة ملفات تمتحن العلاقـات مـع أميـركا

19.11.2013
أسامة الشريف


الدستور
الاثنين 18/11/2013
اختارت إدارة الرئيس أوباما الدبلوماسية طريقا للتعامل مع ثلاثة ملفات إقليمية ساخنة ووضعت نفسها في مواجهة محتملة مع حلفائها في المنطقة. الملف الأول والأكثر سخونة الآن هو الملف النووي الإيراني وقد رأينا احتدام المفاوضات في جنيف وعلى مدى ثلاثة أيام بين إيران ومجموعة الخمس زائد واحد وعلى مستوى وزراء الخارجية. ورغم فشل الاجتماع الماراثوني فإن أجواء من التفاؤل أحاطت باللقاء ويبدو أن الأطراف جميعها مصممة على التوصل الى اتفاق، ولو مؤقت، في الاجتماع الذي سيستأنف في العشرين من الشهر الحالي.
القضيتان العالقتان تتناولان حق إيران بتخصيب اليورانيوم وفتح مفاعل آراك للماء الثقيل للمراقبة الدولية، ومع أن إيران تصر على حقها الشرعي في التخصيب فإن هناك مؤشرات على موافقة طهران على وقف التخصيب بنسبة عالية (عشرين بالمئة) ولو لمدة مؤقتة مع احتفاظها بهذا الحق. فرصة التوصل الى اتفاق تاريخي قوية جدا ما يفسر الهجوم الهائج من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الصفقة التي يصفها بأنها سيئة. ويبدو أن ماكنة اللوبي الصهيوني في أميركا قد بدأت بالعمل فقد ردد مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون انتقادات نتنياهو على الصفقة وقد تواجه إدارة اوباما معارضة داخلية من الحزبين تجاه اي اتفاق سيبرم مع ايران.
حلفاء اميركا العرب، بخاصة دول الخليج، هم أكثر تحفظا من إسرائيل دون الخوض في تصريحات نارية. السعودية ترى في ايران خطرا اقليميا على مصالحها وامن المنطقة وتربط ذلك بالدور الايراني المشبوه في سوريا ما دفع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وصف ايران بالمحتل في سوريا وعبر عن تحفظاته حول مشاركة طهران في مؤتمر جنيف 2 للسلام. السؤال هو: هل يمكن أن تقنع واشنطن حلفاءها بأن الصفقة مع إيران جيدة؟
الملف الثاني وهو مرتبط بالأول يتعلق بالازمة السورية حيث شهد الموقف الأميركي تحولا جذريا أغضب السعودية وأثار أسئلة مشروعة حول الأهداف الحقيقة وراء الاتفاق الأميركي-الروسي. نجح الضغط الغربي على المعارضة بإقناعها بالذهاب الى جنيف لكن بعد تقديم ضمانات وشروط من أهمها عدم وجود دور للرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية وهي اشكالية كبرى قد تطيح بالمؤتمر. يصر جون كيري، وزير الخارجية الأميركي على أن الحل في سوريا هو سياسي بامتياز، لكن بعد أن أحبطت واشنطن محاولات الحلفاء العرب عسكرة القضية وتسليح المعارضة ماذا سيكون الموقف إذا ما فشل مؤتمر جنيف 2 وبقي الأسد في سدة الحكم؟
والملف الاشكالي الثالث معني بالقضية الفلسطينية ومحادثات السلام الجارية والتزام اميركا بالتوصل الى حل في الربيع القادم. تضرب اسرائيل بكل شيء عرض الحائط وتصرّ على توسيع وبناء المستوطنات وتهويد القدس ورفض الحديث عن حق العودة، وهي بذلك تراهن على ضعف الموقف الفلسطيني والعربي. لكن تحذير كيري من اندلاع انتفاضة ثالثة إذا ما فشلت المفاوضات حقيقي لأن ابتزاز السلطة الفلسطينية وارغامها على القبول باتفاق مذل لن ينهي الاحتلال أو يدفن حقوق الفلسطينيين. والسؤال هنا: كيف ستواجه واشنطن حلفاءها العرب في حال فشلت المحاولة الأخيرة للوصول الى سياسي في فلسطين؟
هناك اعتقاد خاطئ بأن المصالح والأهداف الاميركية والعربية في المنطقة مشتركة، وسيظهر بطلان هذا الاعتقاد بعد أن تنتهي الجهود الدبلوماسية في التعامل مع الملفات الثلاثة الأكثر تأزما، وحينها ستتعرض العلاقات المشتركة لامتحان عصيب!