الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثلاث دول يراودها حلم الإمبراطوريات!!

ثلاث دول يراودها حلم الإمبراطوريات!!

03.11.2014
يوسف الكويليت



الرياض
الاحد 2-11-2014
    ثلاث دول لا تزال تعيش هاجس بعث إمبراطورياتها، مع أن هذا المسمى لم يبق إلا في سجلات التاريخ؛ حيث إن المواقيت التي ولدت فيها تلك الإمبراطوريات، لا يمكن استعادتها تحت أي سبب حتى لو تنامت قوتها، لأن هناك انفصالاً بدأ مع الدولة القومية، ثم الوطنية، غيّر معالم الدول التي تجاوزت الحدود إلى الاتساع الجغرافي، ومع ذلك يذكرنا التاريخ أن السيطرة على المساحات الهائلة لم تكن حقيقية، إذ لم يكن يدين الطرف إلى المركز، لتباعد المسافات وطبائع الشعوب ونزعتها إلى رفض الهيمنة، وصعوبة توفير حراسات عسكرية وأمنية تتوزع على تلك الجهات..
روسيا التي انتُزعت منها جمهوريات الاتحاد السوفياتي، لا تزال تحلم بالتوسع بها من جديد، إما من خلال مغريات العداء للغرب الذي يريد فرض هيمنته عليها، أو التكامل الاقتصادي وفقاً لإمكانات الاتحاد الروسي، وقد يكون ذلك مدعاة لجدلية سياسية جديدة، عن اتهام الغرب للروس بهذا السعي للتوسع على الجيران، أو أنها نزعة روسية لخلق تحالف مضاد لما يفعله ويقدمه الخصوم، وواقعة "أوكرانيا" وجذور نزاعها ونزعتها للغرب، هي التي أحدثت نشوء حرب باردة جديدة، ولكن بأدوات وأغراض تختلف عن زمن حروب القطبية الثنائية..
إيران تتطلع لأن تكون القطب والمحور على كل محيطها في آسيا الوسطى والوطن العربي، وأن تقدم نفسها بالمعادل الموضوعي الذي يقف ضد فريق الشر، وهذه المرة تسويق الثورة في إطار مذهبي يريد أن يذهب للأقليات الشيعية لتحريكها كهدف استراتيجي بخلق نزاعات حادة تستطيع استثمارها للسيطرة على تلك الدول، حتى إن ما يجري في اليمن، وقبله السودان ولبنان يلتقي مع هذه الأهداف، بل إن الشعارات التي ترفعها المؤسسة الرسمية بسيطرة محتملة على منافذ البحر الأبيض المتوسط بوساطة سورية وحزب الله، وحوثيي اليمن على البحر الأحمر وباب المندب تحديداً، تعيدها إلى مركز القوة مع القوى الكبرى، وهذا الحلم أو (الفيلم) قد يجري على الواقع ولكن باتجاه غرق دولة إقليمية متوسطة القوة العسكرية والاقتصادية في مجرى البحرين اللذين تتوهم السيطرة عليهما، وهما الموقع الدولي الحساس الذي لا يجوز لأي قوة مهما كانت، المغامرة بإحداث أي تغيير في هذه الاستراتيجية..
الدولة الثالثة، لا تتحدث عن التمدد أو الانكماش داخل الحدود الطبيعية، وإنما تراودها نظرية العودة إلى الخلافة العثمانية، واعتبار الدولة التركية مركز ومحرك العالم الإسلامي السنّي صاحب الجغرافيا والكثافة السكانية الهائلة، والبداية من الدول العربية التي لا تزال تعيش في ضمير هذا البلد بأن سكانها وشعبها، هم أول من خان الخلافة وتحالف مع الغرب في تفكيك الإمبراطورية العثمانية، وأن الظروف السائدة تساعد على التحول من الشكل القديم للاحتلال إلى تبني الحركات "الراديكالية" الإسلامية سواء تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، أو ما يقال عن تبنيها للخلفاء الداعشيين ونظامهم تحت سلطتها..
بالمقابل لا نجد مثل هذا التصور عند أمريكا كأكبر قوة على هذا الكوكب، بل إن مرارة سقوطها المدوي في غزو أفغانستان والعراق أعادتها إلى مربعها الحقيقي، ولا نرى في أدبيات الصين والهند احتواء ما حولهما بالقوة، وإنما بخيارات التعاون ضمن مشاريع اقتصادية وتنموية تبتعد كلياً عن حساسيات الأمن المشترك أو خلق قواعد تدين للدولتين، لأن فرضية الإمبراطوريات العظمى انتهت مع آخر إمبراطورية بريطانية عزلتها في جزرها وداخل نطاقها الجغرافي..