الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثلاث سنوات على التدخل العسكري الروسي في سورية.. ماذا عن (فاغنر)؟

ثلاث سنوات على التدخل العسكري الروسي في سورية.. ماذا عن (فاغنر)؟

24.10.2018
غسان ناصر


جيرون
الثلاثاء 23/10/2018
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم الأربعاء الموافق 22 آب/ أغسطس الماضي، أنّ موسكو أرسلت منذ عام 2015 أكثر من 63 ألف جندي إلى سورية، للقتال بجانب بشار الأسد ضد المعارضة السورية. وبيّنت الوزارة أنّ قواتها اختبرت 231 نوعًا من الأسلحة الحديثة في سورية.
أرقام ومؤشرات كشفت عنها موسكو حول القوات النظامية الروسية المشاركة في القتال إلى جانب بشار الأسد منذ نهاية أيلول/ سبتمبر 2015. ولكن ماذا عن مجموعة (فاغنر)؟
فاغنر (بالروسية: Группа Вагнера)، قوة مسلحة خاصّة تقاتل في سورية إلى جانب قوات النظام الأسدي، وكانت آخر الأخبار عنها ما كشفه جهاز الأمن الأوكراني (SBU)، في نهاية الأسبوع الأول من الشهر الحالي، والمتعلق أساسًا بأسماء 206 أشخاص من مقاتلي المجموعة المرتزقة، ومعظمهم من الروس، إلى جانب آخرين يحملون جنسيات أوكرانيا وبيلاروس وأرمينيا ومولدوفا وكازاخستان وأوزبكستان.
جهاز الـ (SBU) أشار في بيان له، اطلعت عليه (جيرون)، إلى مقتل 58 عنصرًا من هؤلاء المرتزقة قرب بلدة خشام في محافظة دير الزور شرقي سورية، يوم الأربعاء 7 شباط/ فبراير 2018، على يد قوات التحالف الدولي المناهض لتنظيم (داعش) الإرهابي تحت قيادة الولايات المتحدة. وأشار البيان إلى تقارير سابقة حول مقتل أكثر من 600 شخص يعملون كمرتزقة ضمن مجموعة (فاغنر)، شرقي أوكرانيا وسورية.
(بلاك ووتر) روسية لـ “العمليات القذرة” في سورية
تعد مجموعة (فاغنر) أشهر شركة أمنية روسية، وتماثل شركة (بلاك ووتر) الأميركية، التي وصفت بأكبر “مقاولي الحروب” في العالم، على خلفية دورها في حرب العراق أساسًا، وتتولى -بحسب تقارير مصادر إعلامية متقاطعة- تنفيذ ما يوصف بـ “العمليات القذرة” في مناطق الصراع المختلفة، ومنها سورية.
ليس هناك كثير من المعطيات حول ظروف نشأة مجموعة (فاغنر)، وقد ذكرت وكالة (رويترز) نقلًا عن صحيفة (فونتانكا رو) التي أجرت عدة تحقيقات عن هذه المجموعة، أنّ تأسيسها يعود إلى خريف العام 2015، أي الفترة التي شنّت فيها روسيا غارات جوية ضد مجموعات المعارضة السورية (الجيش الحر)، ولاحقًا المدنيين العزل في المناطق السكانية، دعمًا لنظام الأسد. بيد أنّ صحيفة (لوس آنجلوس تايمز) الأميركية ذكرت أنّ تأسيس المجموعة كان عام 2014. وأنّهم حاربوا أولًا في شرق أوكرانيا، حيث تقود الميليشيات المدعومة من روسيا حركة انفصالية ضد القوات الأوكرانية منذ أربع سنوات.
وأكدت تقارير إعلامية أنّ لهذه القوة المأجورة نشاطات قتالية في أوكرانيا أيضًا، لكنّها برزت بشكل كبير في سورية، خاصّة عقب مقتل عدد (تتفاوت تقديراته) خلال غارة التحالف الدولي في شباط/ فبراير الماضي شرقي سورية.
وكانت تقارير صحفية قد كشفت في وقت سابق، أنّ قوة مسلحة خاصّة تدعى (فاغنر) وتضم حوالي 3 آلاف مواطن روسي وأوكراني وبيلاروسي وأرميني ومولدوفي وكازاخستاني وأوزبكستاني، تقاتل في شرقي أوكرانيا وسورية، وهذه المجموعة مرتبطة بالكرملين بطريقة غير مباشرة.
وكالة (رويترز) كشفت أيضًا، في تقارير نشرت بأوقات سابقة، أنّ قائد هؤلاء المرتزقة في سورية هو العميد السابق ديمتري أوتكين، وهو من المقاتلين السابقين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، وكان يعرف بالاسم الحركي (فاغنر).
وتفيد تقارير إعلامية روسية، نقلًا عن مصادر عسكرية في موسكو، أنّ “أوتكين” خدم سابقًا في لواء القوات الخاصّة التابعة للمخابرات العسكرية الروسية، وأنّه ذهب إلى سورية مع مجموعة من المقاتلين تجندهم شركة تدعى (سلاف كوربس)، في عام 2013 حيث كانت أولى مشاركاته هناك حسب ما نقلت (رويترز) عن مقربين منه.
وحضر أوتكين احتفالًا بالكرملين، في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2016 لتكريم “أبطال” روس في سورية، وظهر عبر التلفزيون، والتقطت له صور إلى جانب الرئيس الروسي بوتين.
وعلى الرغم من أنّ السلطات الروسية ظلّت تتكتم على وجود صلات لها بالمجموعة، وتنفي أيّ علاقة معها، فإنّ المؤشرات تتضافر على وجود علاقة بين الطرفين؛ إذ تشير مصادر إعلامية إلى أنّ الجيش الروسي ينسق مع هذه القوات التي يتم نقلها عبر طائرات عسكرية تابعة له، وتحصل على امتيازات الجيش ذاتها.
2000 مرتزق لحراسة المنشآت النفطية في سورية
تضم (فاغنر) حوالي 3000 مقاتل روسي، ومن دول الاتحاد السوفيتي سابقًا، ويصل راتب الضابط الواحد منهم إلى قرابة خمسة آلاف دولار شهريًا. وقالت صحيفة (لوس آنجلوس تايمز) إنّ معظم المحللين العسكريين يقدرون أنّ هناك ألفي مرتزق في سورية يعملون لصالح (فاغنر).
تعمل (فاغنر) لصالح شركة عسكرية خاصّة، ولم يتضح إلى الآن عدد قتلاها من الضربات الجوية التي نفذها طيران التحالف الدولي شرقي سورية. كما لم يتضح سبب هجومها على قاعدة عسكرية تابعة لـ (قوات سوريا الديمقراطية/ قسد) المدعومة من واشنطن.
وأورد موقع (فونتانكا) الروسي الإلكتروني، أنّه حتى صيف عام 2016 كان معسكر تدريب (فاغنر) يقع في مولكينو قرب كرازنودار جنوب روسيا، في الموقع ذاته حيث تتمركز كتيبة للقوات الخاصة والاستخبارات العسكرية الروسية. وهذا ما أكدته قناة (بي بي سي) عربي.
إضافة إلى الأدوار التقليدية لهذه المجموعة المأجورة، فقد سلطت وسائل إعلام متعددة الضوء على دور جديد تقوم به هذه القوات في سورية يتعلق بحماية المنشآت النفطية. وذكرت أسبوعية “سوفيرشينكو سيكريتنو” (أي: سري جدًا)، أنّ مهمة عناصر (فاغنر) تغيّرت، وباتت تتمثل في “حراسة المنشآت النفطية”. وهو دور تقوم به أيضًا شركة (إيفرو بوليس) الروسية التي ترجح مصادر إعلامية أنّ ملكيتها تعود لرجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من بوتين، ويُعدّ أبرز الأسماء الواردة في لائحة الاتّهام الأميركية، كما أنّه -بحسب وسائل إعلام روسية- يتولى تمويل مجموعة (فاغنر).
وقد أصبح بريغوجين، بفعل نفوذه لدى الكرملين، من أصحاب المليارات، وباتت شركاته تحصد كل عقود وزارة الدفاع في قطاعات التغذية والخدمات، ومع شنّ روسيا حربها على أوكرانيا، ثم على سورية؛ تحول الرجل إلى “متعهد عسكري”. وأُطلق على بريغوجين في الصحافة الروسية اسم “طباخ بوتين”، لأنّه يدير شركة (كونكورد) التي كانت تنظم حفلات الاستقبال بالكرملين، وهي خاضعة لعقوبات أميركية منذ كانون الأول/ ديسمبر 2016.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في حزيران/ يونيو 2017: إنّ الشركة العسكرية الخاصّة (سلاف كوربس) التي تعمل لصالحها هذه المجموعة، أرسلت جنودًا للقتال إلى جانب الانفصاليين الأوكرانيين في شرق أوكرانيا. وأدرجت الوزارة مجموعة (فاغنر)، وقائدها ديمتري أوتكين، على قائمة الأفراد والكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات بسبب المشاركة في الصراع الأوكراني.
وتقول التقارير إنّ (فاغنر) شاركت في عملية سيطرة روسيا عسكريًا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية، في آذار/ مارس 2014، وفي إثارة التمرد الذي اندلع في منطقتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين لصالح روسيا في الشهر الذي تلاه. ونظرًا إلى أنّ الشركات العسكرية الخاصّة غير قانونية في روسيا، فإنّ الشركة مسجلة في الأرجنتين، بحسب صحيفة (لوس آنجلوس)، ولكنّ أغلب نشاطها -حتى الآن على الأقل- تركز في أوكرانيا وسورية.
صحيفة (بلومبيرغ) الأميركية تعتبر أنّ المجموعة تمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجية روسيا الأوسع المتمثلة بالحرب الهجينة، فهي مزيج من العدوان الحركي والإعلامي لتعزيز المصالح الروسية، عبر نشر مقاتلين يرتدون أزياء غير الزي الرسمي للجيش الروسي، كما حدث في شبه جزيرة القرم في 2014.
وتنسب الصحيفة الأميركية إلى إيفلين فاركاس، النائبة السابقة لمساعد وزير الدفاع الروسي، قولها إنّ أيّ مرتزق روسي -سواء أكان في أوكرانيا أم في سورية- فإنّه يعمل لحساب الحكومة الروسية.