الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثلاث سنوات لاتفاق أميركا وإيران... وإلاّ!

ثلاث سنوات لاتفاق أميركا وإيران... وإلاّ!

02.10.2013
سركيس نعوم


النهار
الثلاثاء 1/10/2013
لا يشكك الصديق الإيراني "المعمّم" نفسه في الإشارات الإيجابية التي صدرت عن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، والتي أعطت الضوء الأخضر لرئيس الجمهورية حسن روحاني لفتح باب الحوار مع أميركا وتحديداً مع رئيسها باراك أوباما وفريقه. فهو الذي أعطاها مباشرة وبلسانه، وخصوصاً عندما دعا المشككين من داخل النظام وتحديداً في مؤسستي "الحرس الثوري" والجيش الى التجاوب مع نصائح الرئيس. ولم يكن ليفعل ذلك لو لم يكن مقتنعاً بأن الظروف الداخلية في إيران وتحديداً الإقتصادية صارت صعبة بسبب العقوبات الدولية والأخرى الأميركية، وبأن آثارها السلبية على معيشة المواطنين العاديين قد تساعد، مع تحريض دول أقليمية عدة، كما أميركا ودول أوروبية على تهديد الإستقرار الداخلي الذي يعرف هو (أي خامنئي) قبل غيره أنه القوة الفعلية للنظام الإسلامي، وأن التعاطي مع محاولي زعزعته لا يمكن أن يكون بالعنف كما في سوريا لأن الدم يستسقي الدم كما يقال. علماً أن التعاطي مع هؤلاء بالأسلوب نفسه الذي اعتُمد عام 2009 قد لا ينجح هذه المرة لأسباب متنوعة. ولم يكن ليفعل ذلك أيضاً لو لم يكن مدركاً أن بلاده أو بالأحرى نظامها الإسلامي يخوض معركة فاصلة ونهائية أو ما قبل نهائية مع أخصامه بل أعدائه من الدول العربية الإسلامية والدول الإسلامية غير العربية الذين تقودهم الولايات المتحدة. وسوريا هي قلب المعركة، ومصير الأخيرة سوف يدفع المنطقة إما إلى حرب مذهبية شاملة لن تفيد منها إيران طبعاً بل ربما تكون أبرز الخاسرين فيها، والكل سيكونون خاسرين، وإما إلى تسوية تدفع نظامها الإسلامي إلى التخلي عن مشروعه الأقليمي أي مشروع السيطرة على قلب العالم العربي من خلال محور طهران – بغداد – دمشق – بيروت وربما غزة إذا استعادها، والى تحديد سقف غير عالٍ كثيراً لمشروعه النووي. ولا يبدو أن التخلي المشار إليه صار إرادة جدية حتى الآن رغم الكلام الإيجابي من روحاني ومعاونيه وغيرهم في طهران الدافع في اتجاه بدء الحوار. ويعني ذلك، في رأي الصديق الإيراني "المعمَّم" نفسه، أن إنتكاس المحاولة الانفتاحية للرئيس روحاني التي لاقت الإنفتاحية التي أظهرها بل أعلنها الرئيس أوباما بعد انتخابه رئيساً أول مرة، والتي تمسّك بها ولا يزال رغم معارضة إسرائيل نتنياهو وحلفائها داخل أميركا لها ليس أمراً سهلاً. إلا طبعاً إذا "طنَّش" المرشد الأعلى عن تَعمُّد دفعها إلى الانتكاس من جهات عدة في الداخل، وخصوصاً إذا بدا أنها لن تعطي الثمار المرجوة أو أن جني ثمارها لن يكون سريعاً. وقد يكون "التطنيش" يتلاقى مع موقفه الأساسي المعادي لأميركا ومع عدم ثقته بأميركا. وهذا أمر كرره قبل يومين أي بعد عودة روحاني إلى طهران، إذ قال إنه لا يثق بها مئة في المئة.
لكن تدارك المواقف السلبية من البعض داخل النظام الإيراني من تحرّك واشنطن وطهران في اتجاه حوار يبدو أنه جدّي هذه المرة، يلفت الصديق "المعمَّم" نفسه، يلزمه جهد أميركي. فروحاني فاز على منافسيه وداعميهم في حزيران الماضي بما يسمى في لغة الملاكمة بالضربة القاضية التي لم يتحضروا لها. لكنهم قد يتخلصون من تأثيرها بعد مدة من الوقت قد تطول أو قد تقصر وخصوصاً إذا تعاطت أميركا مع الحوار بجدية ولكن بطيئة، أو إذا نجحت إسرائيل، أو تطورات داخلية أميركية (معارضة الحزب الجمهوري مثلاً) في جعل إدارتها أي أوباما أكثر تشدداً وتطلباً مما يستطيع النظام الإسلامي أن يعطي أو أن يتحمَّل، أو إذا سارت الثورة – الحرب المذهبية في سوريا في اتجاه مناقض تماماً لمصلحة النظام أي إيران حاميته وراعيته ومزودته بالمال والسلاح والخبراء ودعم عراق نوري المالكي ولبنان "حزب الله". والجهد الأميركي المطلوب يعني في رأي الصديق "المعمَّم" إياه أن يحدد أوباما مهلة زمنية لانجاز اتفاق واضح وتفصيلي وشامل مع إيران الإسلامية في مدة أقصاها ثلاث سنوات، ذلك ان رئاسته ستنتهي بعد هذه المدة. علماً أن المهلة الانتخابية للرئاسة الجديدة ستبدأ قبل ذلك بأشهر. ولا أحد يضمن إستمرار الحوار مع الرئيس الجديد أو التوصل إلى إتفاق في حال استمراره. وهذا عامل قد تستغله مراكز قوى مهمة داخل النظام الإسلامي في إيران وخصوصاً التي منها وافقت مضطرة على الحوار، وذلك من أجل العودة إلى متابعة تنفيذ المشروع الأساسي لـ"الجمهورية الإسلامية".
هل هذا الطلب في محله؟