الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثلاث "ورش" أميركية في المنطقة

ثلاث "ورش" أميركية في المنطقة

21.12.2013
سركيس نعوم


النهار
الجمعة 20/12/2013
الولايات المتحدة منخرطة هذه الأيام، وقد تبقى منخرطة مدة طويلة جداً، في ثلاث "ورش" كبيرة، مسرحها الأساسي الشرق الأوسط والعالمان العربي والإسلامي. لكن تأثيرها يطاول العالم كله، سواء نجحت هذه الدولة الأعظم اليوم في إنجازها وعلى نحو سليم بمساعدة شركاء دوليين وإقليميين لها، أو أخفقت في ذلك. هذا الأمر يؤكده متابعون أميركيون ومن قرب للحركة الدولية المتشعِّبة التي تقوم بها الإدارة الأميركية في المناطق المشار إليها.
ما هي هذه "الورش" الثلاث؟
الأولى، يجيب المتابعون المذكورون، هي إنهاء الخلاف حول الموضوع النووي بين المجتمع الدولي ممثلابالمجموعة الدولية 5الجمعة 20/12/20131 والجمهورية الإسلامية الإيرانية. وكان بدأ قبل نحو عشر سنوات فأثار قلقاً في المنطقة والعالم، وخصوصاً عند حلفاء أميركا من عرب وإسرائيليين، كما عند أصدقاء للجمهورية مثل روسيا الإتحادية. ويبدو، إستناداً إلى نتائج الإجتماعات التي حصلت بين الفريقين المختلفين في جنيف قبل بضعة أسابيع، أن العمل في "الورشة" بدأ منتظماً، إذ أسفر عن "إتفاق نووي" مبدئي بينهما يستغرق تنفيذه ستة أشهر، وعن إتفاق على متابعة العمل ستة أشهر أخرى في حال نجاح المرحلة الأولى لإنجاز إتفاق نهائي على الموضوع النووي الإيراني يريح العالم ويرضي إيران. ولا يستبعد المتابعون أن ترافق العمل في "الورشة" الأولى النووية بامتياز مباحثات أميركية – إيرانية تتناول القضايا غير النووية الخلافية المزمنة بين واشنطن وطهران، مثل دور إيران في المنطقة، ومثل مكافحة الإرهاب الأصولي الإسلامي "السنّي" المتصاعد، ومثل معالجة الأزمة السورية، وذلك كله في إطار التفكير في شرق أوسط جديد أو بنظام اقليمي جديد بعد انهيار النظام الذي وضعه "سايكس وبيكو" بين عامي 1916 و1917. لكن المباحثات المشار اليها ستكون جانبية، وقد يكون الهدف منها التمهيد لمباحثات جدية وشاملة في كل الموضوعات المشار إليها أعلاه ولكن بعد إقفال الملف النووي الإيراني.
"الورشة" الثانية، يجيب المتابعون الأميركيون أنفسهم، هي علاقة الصداقة والتحالف القائمة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية منذ أيام المؤسس الملك عبد العزيز. ذلك أنها شهدت في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ انطلاق "الربيع العربي" ثم الثورة فالأزمة والحرب الأهلية – المذهبية في سوريا، خلافاً وتوتراً خرجا إلى العلن لأول مرة وبمبادرة من المملكة التي كان التحفظ والكتمان والابتعاد عن الإعلام أهم قاعدة في سياستها. والإدارة الأميركية تحاول معالجة الخلاف والتوتر المستجدين من خلال طمأنة العائلة السعودية الحاكمة إلى استمرار علاقة الصداقة والتحالف والحماية بين واشنطن والرياض. لكنها تراقب الوضع السعودي الداخلي لأن عدداً من مؤشراته لا تدعها تشعر بالارتياح. فالمتاعب الصحية للملك عبدالله بن عبد العزيز تتكاثر وقد أثّر ذلك في انتاجيته وإدائه وعمله. والأمراء الشباب يتسلمون الدفّة تدريجاً، لكن لا أحد يعرف مدى التنافس الذي قد يحصل على الخلافة عندما يحين الوقت، ومدى تأثيره في الداخل وفي العلاقة مع أميركا والخارج. والامير بندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن القومي له الكلمة الأولى في الأمن، وفي الموضوعات السورية والإيرانية والإقليمية. وتاريخه عند الأميركيين معروف وخصوصاً ميله الدائم إلى حل المشكلات بالقوة. ويتّفق معه هذه المرّة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل رغم مرضه. هذه "الورشة"، يعتقد المتابعون أنفسهم، أنها ستنتهي بنجاح ولكن بعد سنوات لارتباطها بالأزمات المتكاثرة في المنطقة.
أما "الورشة" الثالثة فهي الموضوع الفلسطيني. وقد أكدت الزيارات التسع لوزير الخارجية الأميركي جون كيري لإسرائيل و"فلسطين" منذ بدء الرئيس أوباما ولايته الثانية، اهتمام بلاده بتسوية الصراع بينهما. ومساعي التسوية ستستمر لكنها لن تسفر عن سلام. وكل ما سينتج منها، إستناداً إلى المتابعين أنفسهم، هو إضعاف "حماس" وتقوية السلطة الوطنية الفلسطينية نسبياً لأن الأمراض التي تنخرها كثيرة، ولأن بنيامين نتنياهو لن يقدم لها الحد الأدنى الذي تريد.
ماذا عن لبنان؟
لا تسألوا عنه، يجيب المتابعون. إنه ليس على الشاشة، والذي منه عليها "الإرهاب" المتنامي فيه والخطر منه على إسرائيل.