الرئيسة \  تقارير  \  ثمن الهيمنة: هل تستطيع أميركا تعلم استخدام قوتها؟ (2-2)

ثمن الهيمنة: هل تستطيع أميركا تعلم استخدام قوتها؟ (2-2)

12.04.2022
روبرت كاغان


روبرت كاغان* – (فورين أفيرز) عدد أيار (مايو)/ حزيران (يونيو) 2022
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الغد الاردنية
الاثنين 11/4/2022
حرب أم سلام
في خريف العام 1940، طرح وزير خارجية اليابان آنذاك، يوسوكي ماتسوكا، مأزق بلاده بصراحة صارخة في اجتماع مع مسؤولين كبار آخرين. وأشار إلى أن اليابان يمكن أن تسعى لعودة إلى علاقات تعاون مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وإنما فقط بشروط هذين البلدين. وهذا يعني العودة إلى “اليابان الصغيرة”، كما قال وزير الحرب (ورئيس الوزراء المستقبلي) الجنرال هيديكي توجو. وبالنسبة للقادة اليابانيين في ذلك الوقت، بدا ذلك شيئاً لا يمكن تحمله، لدرجة أنهم خاطروا بخوض حرب اعتقد معظمهم أنهم سيخسرونها على الأرجح. ولن تثبت السنوات التالية أن الذهاب إلى الحرب كان خطأً كبيراً فحسب، لكنها ستظهر أيضًا أن اليابانيين كانوا سيخدمون مصالحهم بشكل أفضل من خلال دمج أنفسهم ببساطة في النظام الليبرالي منذ البداية، كما فعلوا بنجاح كبير بعد الحرب.
وقد اتخذت روسيا بوتين الخيار نفسه الذي اتخذته الإمبراطورية اليابانية، وألمانيا في عهد القيصر فيلهلم الثاني، والعديد من القوى الأخرى غير الراضية عبر التاريخ، في ما سينتهي بها على الأرجح إلى النهاية -الهزيمة النهائية نفسها. لكن اختيار بوتين كان ينبغي أن يشكل بالكاد مفاجأة. فاحتجاجات واشنطن القائمة على حسن النية، ومليارات الدولارات التي ضختها في الاقتصاد الروسي، والحرص الذي اتخذته في أوائل سنوات ما بعد الحرب الباردة لتجنب الرقص على قبر الاتحاد السوفياتي -كل هذا لم يكن له أي تأثير، لأن ما أراده بوتين لا يمكن أن تقدمه له الولايات المتحدة. لقد سعى إلى نقض هزيمة لا يمكن نقضها من دون استخدام القوة العنيفة، لكنه كان يفتقر إلى الموارد اللازمة لشن حرب ناجحة. لقد أراد استعادة مجال النفوذ الروسي في أوروبا الوسطى والشرقية التي فقدت موسكو القدرة على الحفاظ عليها.
المشكلة بالنسبة بوتين -ولأولئك في الغرب الذين يريدون التنازل لكل من الصين وروسيا عن مجالات نفوذهما التقليدية- هي أن مثل هذه المجالات لا تمنحها لقوة عظمى القوى العظمى الأخرى؛ إنها ليست موروثة، ولا خلقتها الجغرافيا أو التاريخ أو “التقاليد”. إن الحصول عليها يتم من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية. وهي تأتي وتذهب مع تذبذب توزيع القوة في النظام الدولي. كان مجال نفوذ المملكة المتحدة يغطي في يوم من الأيام معظم أنحاء العالم، وكانت فرنسا ذات يوم تتمتع بمجالات نفوذ ومصالح في جنوب شرق آسيا وجزء كبير من إفريقيا والشرق الأوسط. وقد فقدت كلتاهما هذه المجالات في ما يرجع جزئيًا إلى التحول غير المواتي للسلطة في بداية القرن العشرين، وفي جزء آخر إلى تمرد رعاياهما الإمبرياليين، وفي جزء ثالث إلى أنهما قايضتا طواعية مجالات نفوذهما بسلام مستقر ومزدهر تهيمن عليه الولايات المتحدة.
كما امتد مجال نفوذ ألمانيا في وقت ما بعيدًا إلى الشرق. وقبل الحرب العالمية الأولى، تصور بعض الألمان وجود “أوروبا وسطى” Mitteleuropa اقتصادية واسعة، حيث سيوفر سكان أوروبا الوسطى والشرقية العمالة والموارد والأسواق للصناعة الألمانية. لكن مجال المصالح الألماني هذا تداخل مع مجال نفوذ روسيا في جنوب شرق أوروبا، حيث تطلع السكان السلافيون إلى موسكو لحمايتهم من التوسع الجرماني. وساعدت هذه المجالات المتنازع عليها على إنتاج الحربين العالميتين، تمامًا كما ساعدت المجالات المتنازع عليها في شرق آسيا على جلب اليابان وروسيا إلى صراع في العام 1904.
ربما يعتقد الروس أن لديهم حقا طبيعيا وجغرافيا وتاريخيا في أن يكون لهم مجال نفوذ في أوروبا الشرقية لأنهم امتلكوه خلال معظم القرون الأربعة الماضية. ويشعر الكثير من الصينيين بالشعور نفسه تجاه شرق آسيا، التي كانوا يهيمنون عليها ذات يوم. ولكن، حتى الأميركيين تعلموا أن المطالبة بمجال نفوذ يختلف عن وجود مجال نفوذ. بالنسبة للقرن الأول من وجود الولايات المتحدة، كانت “عقيدة مونرو” (1) مجرد تأكيد كلامي -أجوف بقدر ما كان وقحاً. وكان فقط في نهاية القرن التاسع عشر، عندما تمكنت البلاد من فرض مطالبتها، حين أجبرت القوى العظمى الأخرى على قبول ذلك على مضض. وبعد الحرب الباردة، ربما أراد بوتين وغيره من الروس أن يمنح الغرب موسكو مجال نفوذ في أوروبا، لكن مثل هذا المجال لم يعكس ببساطة التوازن الحقيقي للقوى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. وقد تدعي الصين أن “خط القطاعات التسعة” (2) -الذي يشمل معظم بحر الصين الجنوبي- هو الذي يحدد مجال نفوذها، ولكن من غير المرجح أن تقبله القوى الأخرى إلى أن تتمكن بكين من فرضه.
ومع ذلك، جادل بعض المحللين الغربيين عندما انتهت الحرب الباردة، وما يزالون يجادلون الآن، بأنه كان على واشنطن وأوروبا الغربية أن تستجيبا لمطلب روسيا. ولكن إذا لم تستطع موسكو فرض مجال ما، فعلى أي أساس كان ينبغي على الغرب أن يتنازل؟ الإنصاف؟ العدالة؟ لا تتعلق مجالات النفوذ بالعدالة، وحتى لو كانت كذلك، فإن تسليم البولنديين وغيرهم من الأوروبيين الشرقيين للخضوع لموسكو كان ليمثل عدالة مشكوكاً فيها. لقد عرف هؤلاء كيف يكون الحال تحت سيطرة موسكو -فقدان الاستقلال، وفرض حكام مستعدين لأخذ التوجيه والتعليمات من الكرملين، وسحق الحريات الفردية. وكانت الطريقة الوحيدة التي سيقبلون بها العودة إلى المجال الروسي هي أن يُجبروا على ذلك بمزيج من الضغط الروسي واللامبالاة المدروسة من الغرب.
وفي الواقع، حتى لو استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد انضمام بولندا وآخرين إلى الناتو، كما اقترح البعض في ذلك الوقت، فإن البلطيق والتشيك والهنغاريين والبولنديين كانوا سيفعلون كل ما في وسعهم لدمج أنفسهم في مجتمع عبر-الأطلسي بكل طريقة أخرى ممكنة. كانوا سيعملون على الانضمام إلى الاقتصاد العالمي، ودخول المؤسسات الدولية الأخرى التي يهيمن عليها الغرب، وتحصيل أي التزام ممكن بضمان أمنهم -وهي أعمال من شبه المؤكد أنها كانت ستظل تستعدي موسكو. وبمجرد أن بدأ بوتين في اقتطاع شرائح من أوكرانيا (لن تكون هناك طريقة أمامه لإعادة روسيا إلى وضعها السابق كقوة عظمى من دون السيطرة على أوكرانيا)، كان البولنديون وغيرهم يقرعون باب الناتو. ويبدو من غير المحتمل أن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا ليواصلوا الرفض.
لم تكن مشكلة روسيا في النهاية تتعلق فقط بضعفها العسكري. كانت مشكلتها، وما تزال، هي ضعفها في جميع أشكال القوة ذات الصلة، بما في ذلك قوة الجذب. على الأقل خلال الحرب الباردة، كان بإمكان الاتحاد السوفياتي الشيوعي أن يدعي أنه يَعرض الطريق إلى الجنة على الأرض. ومع ذلك، لم تستطع موسكو بعد ذلك أن توفر الأيديولوجية ولا الأمن أو الازدهار أو الاستقلال لجيرانها. كانت تستطيع أن تعرض القومية والطموح الروسي فقط، ومن المفهوم أن الأوروبيين الشرقيين ليست لديهم مصلحة في التضحية بأنفسهم على هذا المذبح. وإذا كان ثمة أي خيار آخر، فإن جيران روسيا كانوا ملزمين بأخذه. وكان الخيار هناك: كانت الولايات المتحدة وتحالفها القوي، بمجرد وجودها، بمجرد كونها غنية وقوية وديمقراطية، تقدم مسبقاً خيارًا جيدًا جداً في الحقيقة.
قد يرغب بوتين في رؤية الولايات المتحدة على أنها هي التي تقف خلف كل مشاكله، وهو محق في تقدير أن القوة الجذابة لذلك البلد أغلقت الباب أمام بعض طموحاته. لكن المصادر الحقيقية لمشاكله هي محدوديات روسيا نفسها والخيارات التي اتخذها بعدم قبول عواقب صراع على السلطة خسرته موسكو بشكل شرعي. ولم تتعرض روسيا ما بعد الحرب الباردة، مثل ألمانيا فيمار، لهزيمة عسكرية واحتلال فعلي، وهي تجربة كان من الممكن أن تنتج تحولا من النوع الذي حدث في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية. ومثل جمهورية فايمار، كانت روسيا بالتالي عرضة لـ”أسطورة الطعن في الظهر” الخاصة بها حول خيانة القادة الروس المفترضة للبلد لصالح الغرب. ولكن على الرغم من أنه يمكن للروس إلقاء اللوم في أي عدد من الاتجاهات -نحو غورباتشوف أو يلتسين وواشنطن- فإن الحقيقة هي أن روسيا لم تتمتع بالثروة والقوة ولا المزايا الجغرافية التي تمتعت بها الولايات المتحدة، ولم تكن بالتالي مناسبة أبدًا لأن تكون قوة عظمى عالمية. وقد أدت جهود موسكو للحفاظ على هذا الموقف في النهاية إلى إفلاس نظامها ماليًا وأيديولوجيًا -وهو ما يحتمل كثيراً أن يحدث مرة أخرى.
عاجلا أو آجلا
اعتاد المراقبون قول إن بوتين تعامل مع الموقف الصعب بمهارة. صحيح أنه قرأ الولايات المتحدة وحلفاءها بشكل صحيح لسنوات عديدة، ودفع قدماً بما يكفي لتحقيق أهداف محدودة من دون إثارة رد فعل خطير من الغرب كل الوقت حتى هذا الغزو الأخير. لكنه حصل، على الرغم من ذلك، على مساعدة من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين تعاملوا مع الموقف القوي بشكل بائس. لقد وقفت واشنطن وأوروبا مكتوفي الأيدي بينما زاد بوتين من القدرات العسكرية الروسية، ولم يفعلوا شيئًا يذكر أثناء جسه واختباره للعزيمة الغربية، أولاً في جورجيا في العام 2008 ثم في أوكرانيا في العام 2014. ولم يتصرفوا عندما عزز بوتين موقف روسيا في بيلاروسيا أو عندما أسس وجودًا روسيًا قويًا في سورية، والذي يمكن أن تصل أسلحته من خلاله إلى الجناح الجنوبي الشرقي لحلف شمال الأطلسي. ولو أن “عمليته العسكرية الخاصة” في أوكرانيا سارت كما هو مخطط لها، وتمكن من إخضاع البلاد في غضون أيام، لكان ذلك بمثابة انقلاب ظافر، ونهاية المرحلة الأولى من عودة روسيا وبداية المرحلة الثانية. وبدلاً من انتقاده على حماقته اللاإنسانية، كان العالم سيتحدث مرة أخرى عن “دهاء” بوتين و”عبقريته”.
لحسن الحظ، لم يكن الأمر كذلك. ولكن الآن بعد أن ارتكب بوتين أخطاءه، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في ارتكاب أخطائها الخاصة أو ما إذا كان الأميركيون سيتعلمون، مرة أخرى، أنه من الأفضل احتواء الأنظمة الاستبدادية العدوانية مبكرًا، قبل أن تنشط وتنجح وتجمع الزخم، وترتفع كله وقفها. وليس التحدي الذي تمثله روسيا غير عادي ولا غير عقلاني. إن صعود الدول وسقوطها هو الأساس في العلاقات الدولية. وتتغير المسارات الوطنية بفعل الحروب وما ينتج عنها من إنشاء هياكل جديدة للسلطة، والتحولات في الاقتصاد العالمي التي تثري البعض وتفقر البعض الآخر، والمعتقدات والأيديولوجيات التي تدفع الناس إلى تفضيل سلطة على أخرى. وإذا كان هناك أي لوم يمكن أن يتوجه إلى الولايات المتحدة عما يحدث في أوكرانيا، فلا يعني ذلك أن واشنطن وسعت عمدًا نفوذها في أوروبا الشرقية. كان الأمر هو أن واشنطن فشلت في رؤية أن نفوذها قد ازداد بالفعل وتوقع أن الجهات الفاعلة غير الراضية عن النظام الليبرالي سوف إلى الإطاحة به.
لأكثر من 70 عامًا منذ الحرب العالمية الثانية، عملت الولايات المتحدة بنشاط لإبقاء الرجعيين بعيدين. لكن العديد من الأميركيين كانوا يأملون بأن تنتهي هذه المهمة مع نهاية الحرب الباردة، وأن تصبح بلادهم دولة “طبيعية” ذات مصالح عالمية عادية -أي محدودة. لكن المهيمن العالمي لا يستطيع أن ينسل على رؤوس أصابعه خارجاً من المسرح، بقدر ما قد يرغب في ذلك. ولا يمكن أن يتراجع بشكل خاص عندما ما تزال هناك قوى كبرى لا تستطيع، بسبب تاريخها وشعورها العالي بالذات، أن تتخلى عن الطموحات الجيوسياسية القديمة -ما لم يكن الأميركيون مستعدين للعيش في عالم تشكله هذه الطموحات وتحدده، كما كان الوضع في الثلاثينيات.
سيكون أفضل شيء لمصلحة الولايات المتحدة أن تدرك مكانتها في العالم، ومصلحتها الحقيقية في الحفاظ على النظام العالمي الليبرالي على حد سواء. وفي حالة روسيا، كان هذا يعني القيام بكل ما هو ممكن لدمجها في النظام الليبرالي سياسياً واقتصادياً مع منعها من محاولة إعادة تأسيس هيمنتها الإقليمية بالوسائل العسكرية. لم يكن الالتزام بالدفاع عن حلفاء الناتو يقصد أبدًا الإحجام عن مساعدة الآخرين المعرضين للهجوم في أوروبا، كما فعلت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حالة البلقان في التسعينيات، وكان بإمكان الولايات المتحدة وحلفائها مقاومة الجهود العسكرية للسيطرة أو الاستيلاء على الأراضي في جورجيا وأوكرانيا. تخيل لو أن الولايات المتحدة والعالم الديمقراطي قد استجابوا في العام 2008 أو2014 كما استجابوا لاستخدام روسيا الأخير للقوة، عندما كان جيش بوتين أضعف مما تبين الآن، حتى بينما يستمرون في مد يدهم في حال أرادت موسكو مصافحتها. ويجب على الولايات المتحدة أن تتبع السياسة نفسها تجاه الصين: توضيح أنها مستعدة للعيش مع صين تسعى إلى تحقيق طموحاتها اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، ولكنها ستستجيب بشكل فعال لأي عمل عسكري صيني ضد جيرانها.
صحيح أن التصرف بحزم في العام 2008 أو 2014 كان سيعني المخاطرة بخوض صراع. لكن واشنطن تخاطر باندلاع صراع الآن؛ فقد خلقت طموحات روسيا وضعاً خطيراً بطبيعته. ومن الأفضل للولايات المتحدة أن تخاطر بمواجهة القوى ذات النزعات الحربية عندما تكون في المراحل الأولى من الطموح والتوسع، وليس بعد أن تكون قد عززت بالفعل مكاسب كبيرة. وقد تمتلك روسيا ترسانة نووية مخيفة، لكن خطر استخدام موسكو لها ليس أعلى الآن مما كان يمكن أن يكون في 2008 أو 2014، لو كان الغرب قد تدخل في ذلك الوقت. كان هذا الخطر دائمًا صغيراً بشكل استثنائي: لم يكن بوتين ليحقق أهدافه بتدمير نفسه وبلده، إلى جانب الكثير من أنحاء العالم. ولو كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها -بقوتهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية مجتمعة- قد قاوموا بشكل جماعي التوسع الروسي منذ البداية، لكان بوتين قد وجد نفسه دائمًا غير قادر على غزو البلدان المجاورة.
لسوء الحظ، من الصعب جدًا على الديمقراطيات اتخاذ إجراءات لمنع حدوث أزمة في المستقبل. دائمًا ما تكون مخاطر التصرف الآن واضحة وغالبًا ما تكون مبالغًا فيها، في حين أن التهديدات البعيدة هي كذلك بالضبط: بعيدة ويصعب حسابها. ويبدو دائمًا أنه من الأفضل أن نأمل في الأفضل بدلاً من محاولة إحباط الأسوأ. وتصبح هذه الأحجية أكثر إحباطاً عندما يظل الأميركيون وقادتهم غير مدركين لحقيقة أنهم جزء من صراع لا ينتهي على السلطة العالمية، سواء رغبوا في ذلك أم لا.
ولكن لا ينبغي للأميركيين أن يتحسروا على الدور الذي يلعبونه في العالم. إن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تجد نفسها في كثير من الأحيان متورطة في أوروبا، بعد كل شيء، هو أن ما تقدمه جذاب حقًا لمعظم أنحاء العالم -وأفضل بالتأكيد عند مقارنته بأي بديل واقعي. وإذا تعلم الأميركيون أي شيء من تعامل روسيا بوحشية مع أوكرانيا، فيجب أن يكون أن هناك حقاً أشياء أسوأ من هيمنة الولايات المتحدة.
 
*روبرت كاغان Robert Kagan: زميل ستيفن وباربرا فريدمان الرفيع في معهد بروكينغز، ومؤلف الكتاب الذي سيصدر قريباً بعنوان “الشبح في العيد: أميركا وانهيار النظام العالمي، 1900-1941” The Ghost at the Feast: America and the Collapse of World Order, 1900–1941.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Price of Hegemony: Can America Learn to Use Its Power?
هوامش:
(1) عقيدة مونرو أو “مبدأ مونرو” بيان أعلنه الرئيس الأميركي جيمس مونرو في رسالة سلّمها للكونغرس الأميركي في 2 كانون الأول (ديسمبر) 1823م. ونادت عقيدة مونرو بضمان استقلال كل دول نصف الكرة الغربي ضد التدخل الأوروبي بغرض اضطهادهم، أو التدخل في تقرير مصيرهم. ويشير مبدأ مونرو أيضاً إلى أن الأوروبيين الأميركيين لا يجوز اعتبارهم رعايا مستعمرات لأي قوى أوروبية في المستقبل. والقصد من هذا البيان هو أن الولايات المتحدة لن تسمح بتكوين مستعمرات جديدة في الأميركتين، إضافة إلى عدم السماح للمستعمرات التي كانت قائمة بالتوسع في حدودها. وقد استاءت الدول التي يفترض أن تحميها هذه الفلسفة من الطريقة التي فرضت بها الولايات المتحدة استعلاءها عليها؛ وتخوفت هذه الدول من هيمنة الشمال أكثر من تخوفها من أي دولة أوروبية.
(2) يشير خط القطاعات التسعة -ذُكر أيضًا في أوقات مختلفة بخط القطاعات الأحد عشر وخط القطاعات العشرة- إلى خط الترسيم غير المحدد بدقة الذي تستخدمه جمهورية الصين الشعبية، (الصين) وجمهورية الصين، (تايوان)، ليعبر عن مطالباتهما بالجزء الأكبر من بحر الصين الجنوبي. وتشتمل المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي على جزر باراسيل وجزر سبراتلي والعديد من المناطق الأخرى، بما في ذلك جزيرة براتاس وجروف فيريكر وجرف ماكليسفيلد ومياه سكاربورو الضحلة. وتشتمل المزاعم على مناطق استصلاح الأراضي البحرية الصينية المعروفة باسم “سور الرمال العظيم”. ورغم إشهار هذا الادعاء المبهم في العام 1947، إلا أن جمهورية الصين الشعبية وجمهورية الصين لم تقدما، اعتبارًا من العام 2018، أي مطالبات رسمية ومحددة للمنطقة.