الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثورة فقدت روحها

ثورة فقدت روحها

01.01.2015
موناليزا فريحة



النهار
الاربعاء 31-12-2014
كثيرة هي الامثلة عبر التاريخ عن ثورات لفظت ثوارها الاوائل أو انقلبت عليهم الا أن قلة قليلة جداً من الثورات عرفت هذه التحولات بالسرعة والقسوة اللتين شهدتهما الثورة في سوريا.
الثورة السورية التي تكمل سنتها الرابعة قريبا أخفقت حتى الان في تحقيق هدفها الرئيسي باستبدال نظام مستبد بدولة ديموقراطية غير طائفية، الا أن خسارتها الكبرى تكمن في فقدانها لا شعاراتها الاولى فحسب، إنما أيضاً أكثر شبابها الاوائل الذين زرعوا الامل بالتغيير في نفوس الشعب السوري والشعوب التواقة الى الحرية.فمن لم يقتل من شباب الثورة على ايدي قوات النظام وميليشياته أو دك في سجونه، قضى برصاص المجموعات المسلحة وسواطيرها، أو اختفى أثره في دهاليزها أو اكتفى بالجلوس على الحياد.
في سنتها الرابعة، خسرت الثورة روحها. صارت "الدولة الاسلامية" و"جبهة النصرة" وجهها البشع. الغرباء استباحوا المدن العتيقة ونصّبوا انفسهم اسيادا على سكانها، حفنة من الشعوب سرقت احلام الشباب بالحرية وفرضت عليهم كوابيسها الطائفية. أمراء حرب سوريون وغرباء يتقاسمون ساحة المعركة مع النظام وسط خيبة كبيرة لاولئك الذين جازفوا بحياتهم وكل ما لديهم في سبيل دولة حلموا بها طويلا وصارت اليوم أبعد من أي وقت مضى.
مجموعات متطرفة تتقاتل في ما بينها:"داعش" تحارب "النصرة"، و"النصرة" تقاتل "أحرار الشام"، و"جيش الاسلام" يتعارك مع "جيش الامة"، والكل يحارب الكل في حرب عبثية تزداد فوضوية وتهدد بتحويل سوريا بركانا من الحقد الطائفي يقذف حممه في كل الاتجاهات.
في شمال البلاد حيث حققت الثورة انتصاراتها الاولى، يضطر أفراد "الجيش السوري الحر" أو ما تبقى منه للعمل تحت مظلة الجماعات المتشددة أو البقاء في الخفاء أو الفرار الى تركيا.لم يعد للشباب الذين كانوا أول من رفع شعار اسقاط النظام، مكان على الارض،بعدما تحولت المنطقة امارات طائفية بامتياز. صارت " النصرة" السيد المطلق، ولا فصيل مسلحا قادر على التحرك من دون إذنها. وفيما يحتفظ المقاتلون غير المنتمين الى منظمات جهادية ببعض الحرية على الجبهة الجنوبية، فانهم مدينون لـ"النصرة" بأكثر المكاسب التي حققوها أخيرا.فلولا العمليات الانتحارية للجبهة، لما كانوا استطاعوا اختراق دفاعات النظام.
... كانت 2014 سنة قاسية جدا على ثورة سوريا. فيها أطلق النظام والجهاديون معا رصاصة الرحمة على حلم التغيير. الساحة باتت خالية لقوات الاسد وحلفائه في جبهة وللجهاديين في جبهة ثانية.وإذا كان "أًصدقاء الشعب السوري" سعوا حقا الى ارساء هذه المعادلة الجديدة لابقاء الاسد في السلطة (اللازمة الجديدة التي ترددها المعارضة السورية في المنفى) فيخشى أن تكون سوريا مقبلة في 2015 على حرب افناء ضارية لن توقفها لا اتفاقات جنيف ولا مبادرات دوميستورا ولا أفكار موسكو.