الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثورة للبيع

ثورة للبيع

07.01.2015
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
الثلاثاء 6-1-2015
تنشط الدبلوماسية الروسية من أجل التوصل إلى حل لما تطلق عليه "الأزمة السورية" في إشارة إلى الثورة التي يخوضها السوريون منذ 4 سنوات ضد نظام الأسد الإرهابي، رغم كونها طرفا في العداء للشعب السوري وثورته، وقدمت أفكارا أطلق عليها البعض "مبادرة موسكو" ينص ما تسرب منها على "قيام حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة، مع بقاء سلطة الإرهابي بشار الأسد على الجيش والمؤسسات الأمنية. على أن تضم الحكومة ممثلين عن النظام وشخصيات معارِضة، وتتولى رئاسة الحكومة الانتقالية شخصية "غير مستفزة". وستكون أولى مهمات هذه الحكومة تأليف هيئة تأسيسية انتخاباً أو تعييناً، وتعديل الدستور السوري، وبعد سنتين من تأليف الحكومة الانتقالية، تُجرى انتخابات برلمانية ثم انتخابات رئاسية يكون للأسد حق الترشح فيها.
وانطلاقا من هذه الأفكار قامت روسيا بتوجيه دعوات لنظام الأسد وشخصيات من المعارضة السورية للمشاركة في "مؤتمر للتعارف"، إلا أن مصدرا حزبيا في دمشق قال لوكالة الأنباء الإيطالية "آكي": "إن روسيا عرضت على الحكومة السورية قائمة المدعوين من المعارضة لاجتماع جنيف قبيل توجيه الدعوات لهم، وأكّدت على أن القيادة في دمشق قامت بما وصفها ب"عملية غربلة" للأسماء".
وأكّد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه للوكالة الإيطالية أن الحكومة السورية وافقت على أسماء المدعوين من المعارضة، إلى اجتماع موسكو الذي تنوي الخارجية الروسية عقده نهاية الشهر الجاري بين وفد من المعارضين بصفتهم الشخصية وممثلين عن النظام، و"أعلمت موسكو برأيها بالمدعوين قبيل توجيه الدعوة لهم"، وتم إبعاد من لم توافق عليه هذه القيادة، وحذف عدة أسماء واقتراح أسماء أخرى بديلة عنها، ونوّه بأن الروس "التزموا بالقائمة النهائية التي اعتمدتها الحكومة السورية".
إذن نحن أمام مؤتمر يشارك فيه نظام الأسد الإرهابي ومعارضة اختارها هذا النظام، أي أنه يفاوض نفسه برعاية روسية، وهذا يعني قتل الثورة السورية وتمزيق المعارضة، لأن "المبادرة الروسية" يشوبها الغموض وفقدان الرؤية الواضحة، وبلا أي ضمانات ودون تصورات عملية للمرحلة الانتقالية، وبدون إقصاء الأسد ونظامه من المشهد السياسي والتعامل معه على أنه أساس العملية السياسية والعمود الفقري للحل، والسماح للمعارضة المختارة بالمشاركة في السلطة، على أن يبقى الجيش والقوات العسكرية والمليشيات شبه العسكرية والأجهزة الأمنية تحت سيطرة الأسد ونظامه الطائفي، ومعنى ذلك سيطرة الأسد على كل شيء، من خلال سيطرته على العسكر والأمن، الأمر الذي يفضي إلى القضاء على الثورة السورية بالكامل.
من الواضح أن أطرافا عديدة في المعارضة السورية توافق على "المبادرة الروسية"، إذ باستثناء الإخوان المسلمين الذين أعلنوا رفضهم المشاركة في مؤتمر موسكو، فإن كل القوى والأخرى بين قابلة ومترددة، مع أنها تميل إلى القبول، كما أن مجريات الأحداث تشير إلى أن الدول العربية والأطراف الإقليمية والدولية سلمت "الملف السوري" لروسيا، مما يعني أن هذه الأطراف "تعبت وزهقت" من الاستمرار في اللعبة الدامية وتريد دفع الأمور باتجاه حل يحقق شعار "نظام لا يهزم وثورة لا تنتصر"، ويتقاسم فيها نظام الأسد السلطة، على أن تكون القوة بيد النظام العلوي الأسدي، ويؤكد ذلك الترحيب الأمريكي والأوروبي والإيراني ومعها أطراف عربية بالجهود الروسية، وهي أطراف مشغولة بالحرب على ما يسمى "الإرهاب" وليست لديها خطة لأي حل سلمي أو عسكري "للأزمة" ولا توجد لديها أي رؤية للانتقال السياسي في سوريا، وهي جميعها لا تريد لنظام الأسد أن يهزم.
وحدهم الإخوان المسلمون في سوريا أعلنوا رفضهم المطلق للمبادرة الروسية، وشددوا على أن أي مبادرة يجب أن تضمن زوال نظام الأسد وتفكيك أجهزته الأمنية وإقامة دولة مدنية. وكان رد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف عليهم هو أن روسيا "تعتقد أن استبدال النظام السوري بالمعارضة لن ينهي الأزمة وسيؤدي إلى استمرار النزاع".
وطالب بأن يكون الحوار غير مشروط، بما يعني إلغاء "بيان جنيف 1" الذي نص على تشكيل هيئة حكم انتقالية في سوريا بصلاحيات كاملة، لا دور لبشار الأسد فيها.