الرئيسة \  مشاركات  \  ثورة 2011 السورية تطوي عامها الخامس وبوتين يطوي شهره الرابع في قتل المدنيين

ثورة 2011 السورية تطوي عامها الخامس وبوتين يطوي شهره الرابع في قتل المدنيين

01.02.2016
د. محمد أحمد الزعبي




مدخل : تمثل هذه المقالة مقتطفات تم اختيارها من مقالات سابقة لنا نشرت بمواقع مختلفة خلال سنوات الثورة الخمس المنصرمة ، هذا وقد فرض علينا تغير الزمان والظروف تدخلاً محدوداً كان لابد منه في بعض الفقرات والصياغات .
1.انتفاضة ، أم ثورة ؟
يتساءل البعض عن مدى صوابية توصيفنا للحراك الشعبي الذي أعقب حادثة البوعزيزي في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية والعراق بـ " ثورات " الربيع العربي ، وهل الأصوب هو توصيفها بالانتفاضات بدل الثورات ؟ . إنه بالعودة إلى الجذر اللغوي لمفهوم كل من الثورة والانتفاضة في المراجع اللغوية ، لا يقع المرء على كبير فرق بين هذين المفهومين بل إن هذه المراجع تفسر كل منهما بالآخر ، أو توردهما كمترادفين ، ولكن بعض المراجع السوسيولوجية أشارت إلى وجود فرقين أساسيين بينهما ، يتعلقان بدرجة شمولية مضمون كل منهما . إذ بينما يكون التمرد / الانتفاضة محدودة أفقياً وعمودياً( الشعب يريد تصحيح المسار ) ، تكون الثورة ، من جهة شاملة لمعظم الفئات والطبقات الشعبية إن لم يكن كلها ، وتكون مطالبها من جهة أخرى جذرية وكلية ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، وبتعبير أخر ، فإن الانتفاضة تكتفي بالتغيير الكمّي ، في حين تهدف الثورة إلى التغيير النوعي . وإذا ماطبقنا هذا المعيار على الحالة السورية ، فيمكننا القول ،أن الحراك الشعبي في سورية قد بدأ كانتفاضة في 18 آذار 2011 وانتهى كثورة.
2. في معنى المعارضة السياسية ،
ينطوي مفهوم المعارضة السياسية ، على لحظتين معرفيتين تجمع كل منهما بين النظر والعمل ( النظرية والممارسة )، فهو ـ أي المفهوم ـ يتضمن ، من جهة ، معنى الإعراض والنبذ والرفض ، ومن جهة ثانية ، اعتراض المعارض ( بكسر الراء ) سبيل المعارض ( بفتح الراء ) لمنعه من تحقيق أهدافه القريبة والبعيدة التي يراها ذلك المعارض ( بكسر الراء ) أهدافا غير مشروعة ، وتتعارض بالتالي مع المصالح الخاصة و / او العامة لغالبية ـ إن لم يكن لكل ـ الجماعات أو المجموعات(أمة ، شعب ، دين ، طائفة ، أسرة ، قبيلة ، طبقة ، فئة،شريحة) التي يمثلها ويتبناها ذلك المعارض ، وبما أن مكونات غالبية الأمم والشعوب ، ليست واقعيا كأسنان المشط ، وإنما كأصابع اليد ، فلابد أن تعكس مواقفهم وأيديولوجياتهم السياسية ، التباينات الثقافية والعرقية والدينية والاقتصادية والاجتماعية الموجودة في مجتمعهم ، بصورة أو بأخرى بهذه الدرجة أو تلك ، ولكن في إطار قانونية جدلية سوسيولوجية يتعايش في ظلها كل من الوحدة والصراع دون أن ينفي أحدهما الآخر سواء بالإزاحة ( عبر الإصلاحات الدستورية ) أو الإزالة ( عبر الثورة ) ).
وإذا ما استعرنا المصطلحات الهيغلية ، فإن المجتمع / الأمة / الوطن / الدولة تمثل التركيب Synthese الذي يمثل فيه النظام السياسي/ السلطة الحاكمة القضية These بينما تمثل المعارضة نقيض هذه القضية Antithese . أي أن السلطة الحاكمة والمعارضة إنما يمثلان موضوعيا وجه الميدالية ( المجتمع ) وظهرها بحيث لايمكن تصور أحدهما دون الآخر ، بغض النظر عمّن يحكم وعمّن يعارض . إن الإشكالية التي تطرح بل وتفرض نفسها هنا ، هي : هل أن التناقضات بين جناحي المجتمع المعني هي من نوع التناقضات الثانوية التي يمكن حلها بالطرق السلمية / بالمصالحة الوطنية / بالحوار، أم أنها من نوع التناقضات الرئيسية التي لايمكن حلها إلا باللجوء إلى طرق أخرى غير سلمية ؟ إن الإجابة العلمية والموضوعية على هذا السؤال ، تستلزم تحديد مضمون كل من التناقضات الثانوية والتناقضات الرئيسية ، وبالتالي معرفة أين ينتهي التناقض الثانوي بين النظام والمعارضة ، وأين يبدأ التناقض الرئيسي .
3.ليس من رأى كمن سمع ،
1 . إن مقولة " ليس من رأى كمن سمع " إنما تحيلنا عملياًّ إلى إشكالية الفارق النوعي والجوهري بين من يتلقى الضربات ، وبين من يحصيها فقط ( اللي بوكل العصي مو مثل اللي بعدها ) ، وهو ما يدفعنا إلى القول : لا يمكن لمنظّر أن " يفتي " نيابة عن ممارس ، ولا لشبعان نيابة عن جائع ، ولا لطفل يعيش في أحضان أبويه ،عن أخر يعيش في العراء هو وأبويه ، ولا لمن لم تغتصب ابنته و زوجته عن أخر اغتصبت ابنته و زوجته. ولا لقاطن تحت سقف نيابة عن أخر يعيش تحت غيمة ماطرة ، ما نعنيه هنا ،هو أنه علينا ألاّ نستغرب تردد سكان الخنادق والمخيمات والعراء ، في قبول فتاوي سكان الفنادق من الأفندية والمثقفين ( ذوي الياقات البيضاء ) بمن فيهم القيادات السياسية للثورة ( المقيمون غالباً / عادة في فنادق الخمسة نجوم ) .
4. تعثر ثورات الربيع العربي :
بعد الذي جرى ويجري في بلدان الربيع العربي ولاسيما في سورية ومصر والعراق !! ، يمكن أن يعيد المرؤ أسباب تعثر هذه الثورات ، بصورة أساسية إلى :
1.إن العرب مازالوا على عتبات الممارسة الديموقراطية في صورتها الحديثة (التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع) أي أن ثقافة الديموقراطية لم تتغلغل في بيوتهم بعد ، اللهم إلاّ من ديموقراطية " المستبد العادل " أ و" الديموقراطية القبلية "( بفتح القاف والباء ) التي تمتد جذورها تاريخياً ، إلى عصر ماقبل الإسلام ، وهي ديموقراطية يتكافؤ على صعيدها كل من الإيجابيات والسلبيات . ونحن نقول للخائفين من ديموقراطية الربيع العربي وبالرغم من حالة عدم النضج الديموقراطي عربياً وسورياً : ليس من علاج لأخطاء الديموقراطية ـ أيها الإخوة ـ سوى المزيد من الديموقراطية .
2. إن أنصار العلمانية في بلدان الربيع العربي يصرون غالباً في مواقفهم السياسية على" ديموقراطية مشروطة " الأمر الذي يعني ـ بنظرنا ـ ، أن كلمة مشروطة هنا إنما تعني إقصاء البعض عن صندوق الإقتراع، الأمر الذي يعني عمليّاً أننا أمام ديكتاتورية مقنعة ،
3. عدم وعي البعض على أن العداء لثورات الربيع العربي ، سواء أكان داخليّاً أو خارجيّاً ، هو عداء لكل من حقوق الإنسان ، و الديموقراطية ، والعدالة الاجتماعية ، وحرية الرأي ، في آن واحد ، وبالتالي : عداء للحرية والكرامة التي نادت وتنادي بها هذه الثورات .
4. الدين ، سلاح ذو حدين ، فالحد الذي قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ، يمكن أن يستخدمه بعض المحسوبين على الإسلام اليوم لإجهاض ثورات الربيع العربي ومنها الثورة السورية. ، وهو ما تقوم به " داعش" في كل من سورية والعراق اليوم .
5. أن الأسباب الأساسية لثورات ا لربيع العربي عامة ، وثورة آذار السورية خاصة هي مثلث
الاستغلال والاستبداد والفساد ، والذي للدول الكبرى ( الخارج ) دور أساسي في صنع أضلاعه الثلاثة ، ولذلك ناصبت هذه الدول الربيع العربي العداء بوصفه محاولة وطنية ( داخلية ) للتصحيح
6. تحاول الدول الكبرى محاصرة ثورات الربيع العربي ، ومن بينها الثورة السورية ، وإجهاضها وتعتمد في محاولتها ، على العلاقة غير المتكافئة ، بينها وبين بلدان هذه الثورات علمياً وتكنولوجياً وبالتالي عسكرياً واقتصادياً ولاسيما أن هذه الدول الكبرى وعلى رأسها دول الفيتو الخمس ( دول المصنع والمدفع )، تهيمن على مجلس الأمن الدولي ، وعلى كافة المنظمات والمؤسسات الدولية /الأممية وتهيمن بالتالي ، ومن خلال كل هذا ، على مصير الشعوب المستضعفة ، والتي منها شعبنا العربي . إن هذه الهيمنة العالمية للدول الكبرى ، هي من يقف وراء استمرار الأنظمة القبلية والطائفية والعسكرية في الوطن العربي، وهي من يرعى سياسة " فخّار يكسّر بعضه " في دول الربيع العربي منذ عام 2011 وحتى هذه الساعة ، وتحول بالتالي دون قيام أنظمة مدنية ديموقراطية تعددية تقود عملية التصحيح السياسي والاقتصادي والإجتماعي في الوطن العربي .
7. في إطار محاصرتها لثورات الربيع العربي ، عمدت الدول الكبرى إلى اللعب بورقة " الوحدة الوطنية " التي مثلت منذ مئات السنين نسيجاً وطنيّاً متماسكاً ، لحمته العروبة و الإسلام ، وسداه المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية. لقد تمثل هذا اللعب ، بل العبث بورقة اللحمة الوطنية وبالنسيج الوطني ، بإثارة الفتن الطائفية والقبلية والإثنية والمذهبية بين أبناء الوطن الواحد ، وخلق بالتالي إشكالية الأكثرية والأقلية ، التي تمثل المتاهة ، التي أدخلوا ثورات الربيع العربي في دهاليزها ، وأودعوا مفاتيح الخروج منها ( المتاهة ) في جيوبهم . لقد بدأوا بشيطنة الإسلام قبل قرن ، ثم أتبعوه بشيطنة المسلمين ، وأخيراً وليس آخراً بشيطنة ثورات الربيع العربي ، بدمغها بالدمغة الإسلامية . ولعل تأجيجهم للصراع الطائفي في سورية والعراق إنما يصب في طاحونة هذه الشيطنة .
5. جدلية القوي والضعيف ،
لأسباب تاريخية وجغرافية متداخلة ومتعددة (وربما كان من بينهاعامل الصدفة) امتلكت الدول الغربية الرأسمالية ، قبل غيرها ، ناصية العلم والتكنولوجيا ، ومن خلالهما ناصية المصنع والمدفع ، وسيطرت من خلالهما على معظم دول العالم ، ولا سيما في القرنين التاسع عشر والعشرين ، وتحولت انجلترا إلى " بريطانيا العظمى " أو الإمراطورية التي لاتغيب عنها الشمس ، ويثبت الجدول الذي ورد في كتيب لـ " هارولد نويبرت " الأستاذ في جامعة هومبولد ـ برلين أبعاد هذه العملية الإستعمارية ، التي كان وطننا العربي أحد ضحاياها البارزين ،( أنظر: هـ . نويبرت ، النظام العالمي الجديد ، بيروت 1996 ، ترجمة محمد الزعبي وممتاز كريدي ، ص 79 )
بعض الدول الأوروبية ومستعمراتها عام 1947
الدولة المستعمرة مساحة الدولة المستعمرة ( كم2 ) عدد سكان الدولة المستعمرة ( مليون ) مساحة المستعمرات
( مليون كم 2 )
سكان المستعمرات
( مليون نسمة )
بريطانيا العظمى 244.000 49.5 10.2 106.9
فرنسا 551.200 40.3 11.7 54.4
البرتغال 92.200 8.2 2.1 12.5
بلجيكا 30.500 8.5 2.4 14.5
 
ــ إن ماورد في الجدول أعلاه إنما يمثل ـ برأينا ـ إجابة جامعة ، ولكنها بالتأكيد ليست كافية لتقديم الجواب الجامع المانع على تساؤل آبائنا في مابات معروفاً بعصر النهضة العربية (أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20 ) ذلك أن عملية النهب والاستغلال اقتضت من القوي أن يحافظ على قوته ، وبالتالي أن يمنع الضعيف من امتلاك اسباب القوة فكانت بالنسبة لوطننا العربي : سايكس ــ بيكو ، وكان وعد بلفور، وكان تغييب الحرية والديموقراطية ، وكان احتلال العراق ، وكانت محاولات احتواء وإفشال ثورات الربيع ا لعربي التي تجري حالياً ، ولا سيما في مصر وسورية ، وكانت لعبة العصا والجزرة ، وكانت لعبة السم في الدسم ، وكانت لعبة تكلم يساراً وسر يميناً ، وكانت لعبة الأقلية والأكثرية...الخ ، وكان الاحتلال الروسي لسورية ، من بين تلك الأساليب غير الإنسانية وغير الأخلاقية ، التي يتبعها القوي، للسيطرة على الضعيف ، ومنعه من النهوض مادياً ومعنوياً .
6. الثورة السورية : ثورة من ؟ ضد من ؟ ،
إن ثورة آذار 2011 ، هي ثورة الشعب السوري ، ضد الأقلية الطائفية ، التي تسللت تحت جنح الظلام إلى حزب البعث العربي الإشتراكي ، ومنه إلى الجيش العقائدي ، ومنهما إلى ثورة الثامن من آذار 1963 ، التي مثلت الجسر الذي عبر عليه حافظ الأسد إلى سدة الحكم عام 1970 ، والتي ( سدة الحكم ) ورثها ( بتشديد الراء ) لولده بشار بعد وفاته عام 2000. إن ثورة آذار 2011 هي إذن ، ثورة استعادة سوريا ، من براثن هذه العائلة الفاشية الحاكمة ، والتي اختطفتها عام 1970 ، وما زالت تهيمن عليها حتى هذه اللحظة ، سواء بطائراتها ودباباتها وصواريخها، أو بطائرات وصواريخ ودبابات بوتين والخامنئي وحسن نصرالله .
 7.مسيرة الثورة السورية بين عامي 2011 و 2016 ،
في الثامن عشر من شهر آذار 2011 ، وفي ماأطلق عليها " جمعة الكرامة " ، اندلعت شرارة الثورة السورية في مدينة درعا ، وانطلقت معها رصاصة شبيحة الأسد الثانية ( الأولى كانت عام 1982 في حماة ) التي أودت بحيا ة أول شهيدين في تلك الثورة ،هما محمود قطيش الجوابرة ،وحسام عبد الوالي عياش ، ثم توالت سلسلة المظاهرات السلمية المطالبة بالحرية والكرامة ، لتشمل معظم قرى ومدن الجمهورية العربية السورية ، وتوالى معها مسلسل إطلاق الرصاص الحي على تلك المظاهرات ( لقد وثق المناضل سميح شقير هذه المرحلة بأغنيته المعروفة " ياحيف " ) ، وليبدأ عدد المصابين برصاص بشار الأسد وشبيحته الحي ، وبالموت تحت التعذيب ( الطفل حمزة الخطيب نموذجاً ) بالتزايد يوماً بعد يوم ، ثم يفاجئ " سيادة الوريث " الشعب السوري ، بل والعالم أجمع ، في خطابه الأول بعد اندلاع ثورة آذار الشعبية ، بتاريخ 30.03.2011 ، أي بعد أسبوعين من إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين والذي أودى بحياة المئات من الشهداء . باعتذاره عن تأخره الخروج على الشعب ، ولكنه أشار ـ والحق يقال ـ إلى أن هذا التأخر كان متعمداً (حتى تتضح الصورة !!) . لقد اتضحت لديه الصورة إذن بعد أقل من أسبوعين ، وتبين له أنه إنما يواجه 64000 إرهابي (عصابات مسلحة) موجودين على الأراضي السورية !! وأنه لن يوقف إطلاق الرصاص الحي قبل أن يقضي على هؤلاء الإرهابيين !! .
إن ما نرغب توضيحه حول موضوع العصابات المسلحة ، والتي كانت بمثابة " قميص عثمان " بالنسبة له ولشبيحته ، لكي يذبحوا ويقتلوا ويدمروا ماطاب لهم الذبح والقتل والتدمير ( وهو مانشاهده اليوم ) ، وبعد أن ، اتضحت الصورة للجميع ، مايلي :
 ـــ لم يكن بشار الأسد غبياً ، ، ولا متسرعاً ، عندما برر إطلاقه الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين في درعا يوم 18.03.2011 ، بأكذوبة العصابات المسلحة ، ذلك أن موضوعة هذه العصابات (لاحقاً الإرهابيين!! ) إنما تمثل القاسم المشترك ، بينه وبين الدول العظمى ، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ورأس حربتهما في الوطن العربي " إسرائيل " ، وبالتالي فهو في رفعه لشعار مكافحة العصابات المسلحة ، إنما يقدم نفسه ، كوكيل عربي لهذه الدول العظمى ، في الحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية في الوطن العربي ، وأيضاً في حماية إسرائيل . إن تصريح بشار الأسد في أحد خطاباته ، بعد اندلاع ثورة آذار 2011 ، بانه ليس رئيساً لكل السوريين ، وإنما هو رئيس لمن انتخبه منهم ، أي لمن يقبل به رئيساً فقط (!!) ، إنما كان بهذا يهدد واقعياً بتقسيم سورية ، وهو مابتنا نقرأه ، في الرسائل المشفرة ، التي بدأت ترسلها البراميل المتفجرة ، والقنابل العنقودية والفراغية ، والصواريخ المدمرة من جميع الأنواع .والشبيحة المنفلتون من عقالهم ، وأيضاً القوات الطائفية المساندة القادمة من طهران ومن لبنان ، وأخيراً وليس آخراً القوات الروسية " الصديقة !! " بصواريخها وبوارجها وطائراتها ، الأمر الذي يعني أن عائلة الأسد تريد أن تحقق في القرن الواحد والعشرين ما فشلت عن تحقيقه فرنسا في القرن العشرين ( تقسيم سوريا ) . إن تبنيه المتواصل لأكذوبة " العصابات المسلحة " ( ولاحقاً الإرهاب )، وإصراره على ذلك في جميع خطبه وتصريحاته ومقابلاته الصحفية، ووصوله بعدد هؤلاء "الإرهابيين "من عشرات الآلاف إلى الملايين ( لو كان مليون منقول ملايين !! ) ، إنما يشير بصورة لاتقبل الالتباس ولا الشك ، إلى صحة توصيف الثوار لموقفه وموقف عصابته الأمني والعسكري من ثورة الشعب السوري بـعبارة : " نحكمكم أو نقتلكم / الأسد أو ندمر البلد " !! .
 ـــ وبدوره ، فإن الرئيس الأمريكي ، باراك أوباما ، لم يكن غبياً ، ولا متسرعاً ، عندما وصف "جبهة النصرة "بأنها منظمة إرهابية ( قبل ظهور داعش ) ، لأنه كان بذلك يؤسس للتنصّل من وعوده الكبيرة والكثيرة ، بأن أمريكا تقف إلى جانب حقوق الإنسان والديموقراطية في سورية ، وأن نظام بشار الأسد قد فقد شرعيته بانتهاكه لهذين المبدأين ،و باستخدامه السلاح الكيماوي الذي يعتبردولياً " خطاً أحمر " ولم يبق على بشار الأسد إلاّ أن يحمل حقائبه و" يرحل " فوراً. (!!).
 لقد كانت هتافات وصيحات المتظاهرين في كافة المدن والقرى السورية " مالنا غيرك ياالله " التعبير الواضح ، عن خيبة أمل الثورة السورية ، بالرئيس أوباما وبالمجتمع الدولي ، بكل أطرافه الدولية والاسلامية والعربية ، بعد أن تبين لهم عدم مصداقية الخطوط الحمراء التي طالما أعلنها أوباما ثم سكت عنها في إطار تفاهمه مع روسيا ، وكأنه لم يقلها بعظمة لسانه .
8. الغرب ومسك العصا من منتصفها ،
تمسك الدول الكبرى ، ولاسيما أمريكا، فيما يخص علاقتها بثورة آذار ٢٠١١ السورية بالعصا من منتصفها ، بحيث تستخدم المال والسلاح لإبقائها ( أي العصا ) في حالة توازن بين المعارضة والنظام ، أي عمليا لإطالة مدى ومدة الاقتتال وتعظيم بالتالي حجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية في صفوف الثورة ، كيما تظل في حالة استجداء دائم لمال هذه الدول وسلاحها ، من جهة ، وغير قادرة على حسم الحرب الدائرة مع النظام منذ خمس سنوات لصالحها من جهة أخرى . هذا ولم يزد دور ممثلي بان كيمون( الأمم المتحدة ) إلى سورية عمليا على تنفيذ سياسة هذه الدول الكبرى ، المعلن منها وغير المعلن ، فيما يتعلق بحفظ التوازن بين النظام والمعارضة (ربما باستثناء كوفي عنان) . إن كل التقارير المتعلقة باستخدام النظام للأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً وإنسانياً ، غالباً ما كانت تشير إلى مسؤولية " طرفي النزاع " ، أي إلى النظام والمعارضة معاً . إن استخدام أية جهة ، أو أي تقرير دولي ، لتعبير " طرفي النزاع " إنما يمثل ـ برأينا ـ تبرئة مقصودة لنظام بشار الأسد من تهمة استخدامه لمثل هذه الأسلحة المحرمة دولياً ، وهي بالتالي تبرئة لروسيا ، وإعفاء للمجتمع الدولي ولدول الفيتو الخمس من مسؤوليتهم أمام الشعب السوري ، بل وأمام عشرات آلاف الأطفال السوريين الذين استشهدوا في سوريا على يد نظام بشار الأسد وشبيحته ومن يقاتلون معه ، بالتحديد .
9. ضحايا الثورة ،
ورأيت أن أورد حول أعداد ضحايا ثورة آذار 2011 الأرقام التالية المتباينة زماناً وعدداً :
1.ذكر الدكتور عزمي بشارة مدير المركز العربي للأبحاث ، مساء يوم الإثنين الموافق ( 20.05.2013 ) ضمن برنامج " في العمق " أن ضحايا ثورة آذار ، قد بلغت أكثر من مائة ألف شهيد ، و400000 معاق ، ونصف مليون بيت مدمر .
2. تشير أرقام موقع إحصائيات الثورة إلى : أن ضحايا الثورة حتى نهاية تشرين أول/أكتوبر 2015 أي طوال 55.5 شهراً / 1,691 يوما هم كما يلي :
 ــ عدد الشهداء الموثقين بشكل كامل: 151,685 شهيداً بينهم :
3600 فلسطيني، و16155أنثى و 16970طفلاً ، و 12010 شهداء التعذيب ، وبالنسب المئوية ، فإن نسبة الشهداء من الأطفال 11% ، ومن النساء 10 % ، ومن الشهداء تحت التعذيب 7.9 % (اللهم غير مئات الألوف من غير الموثقين والجرحى والمعوقين والمفقودين والمعتقلين.وأيضاًغير عشرات الملايين من النازحين والمهجرين، وغير الآلوف الذين ابتلعتهم أمواج وأسماك البحار .)
3. وحسب موقع (دبي س ن ن عربي ) فقد
بلغ عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا في سوريا، منذ 18 آذار/ مارس 2011 وحتى يوم الخميس ( تاريخ العدد هو السبت 7فبراير 2015 )، نحو مليوني قتيل وجريح، بحسب ما أفادت آخر إحصائية صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يوثق هذه الحالات ولعل أعداد المعتقلين والمفقودين والمعاقين والجرحى تدخل في إطار هذا الرقم .
 4.كنت أستمع عبر إحدى الفضائيات مساء 27/1/16 إلى العميد أسعد الزعبي رئيس
الوفد المقترح للتفاوض مع النظام بتاريخ 29.01.2016 ، وقد حدد الأخ أسعد عدد شهداء الثورة خلال سنواتها الخمس بـ 715000 ولست متأكداً فيما إذا كان مايعنيه بهذا الرقم هو فقط الشهداء ، أم الشهداء والجرحى معا .ً
10. أربعة شروط لبقاء الحاكم العربي متربعاً على عرشه ،
1) تجاوز مبدأ المواطنة ، الذي يشير إلى أن كافة من يحملون جنسية / هوية هذا القطر العربي أو ذاك وهم بالتالي متساوون في كافة الحقوق والوجبات ، وأن الدستور يضمن لهم هذه المساواة بصورة فعلية
2) تغييب الديموقراطية ، وذلك إما بتغييب صندوق الإقتراع ، أو باللجوء إلى تزوير الإنتخابات و / أو الإستفتاءات بأساليب معروفة بحيث تأتي نتائجها النهائية ملبية لرغبات ومخططات الفئة الحاكمة من جهة ومخططات ورغبات الجهة أو الجهات الداخلية و / أو الخارجية التي أوصلتها إلى سدة الحكم من جهة أخرى .(ومثال انتخابات الـ 12 مليون العراقية ( عراق بريمر )عام 2005 خيرشاهد على هذا النوع من الانتخابات.) .
3) الإعتماد على المحاسيب والأزلام والأقارب والفاسدين والانتهازيين عبرشرائهم بالمال و/ أو توظيفهم في القوات المسلحة وفي قوى الأمن وحفظ النظام ، المدنية منها والعسكرية ، كما هي الحال في" سورية الأسد " منذ 1970 وحتى اليوم .
4) التعاون مع الدول الإمبريالية المتطورة عسكريّاً وتقنيّاً من أجل حماية أنظمتهم وتثبيتهم على كراسي الحكم ، ومن ثم ضمان تنصيب أبنائهم من بعدهم على هذه الكراسي كي يظل التستر على عمالتهم وفسادهم مستمرا من جيل إلى جيل ( الأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة ) .
 
11. مقترحات لوفد المعارضة المدعو من قبل ديمستورا إلى جنيف3 :
ينبغي أن يتم الاتفاق بين المعارضة المدعوة لحضور مؤتمر جنيف3 ، في 29يناير 2016 ، والجهة الداعية والراعية لهذا المؤتمر ( الأمم المتحدة )، وذلك قبل التوجه إلى جنيف ، على ما سيأتي ، بحيث يصبح لقاء الطرفين في جنيف لبحث مسألة الانتقال السياسي من النظام الديكتاتوري الشمولي إلى النظام الديموقراطي التعددي وليس المماحكات حول القضايا الإنسانية التي من المفروض أن تدخل في باب البديهيات ، وليس في باب الحوارات والمناقشات والمفاوضات والمماحكات .
أولاً : قبل الذهاب إلى جنيف ،
1.وقف اطلاق النار بين الطرفين بصورة شاملة وكاملة ،
2.انسحاب كافة المسلحين من الطرفين من المدن والقرى إلى خارجها ، بانتظار أوامر جديدة ،
3.تسمية رئيس وأعضاء هيئة الحكم التي ستتولى كامل السلطات التنفيذية في المرحلة الانتقالية
4.ينبغي أن يكون رئيس الهيئة من المعارضة ،أو محايداً .وأن يكون كفوءاً وبعيداً عن الشبهات .
5.ينبغي أن يكون ممثلو النظام في وفد المفاوضات وفي هيئة الحكم ممن لم تتلطخ أيديهم ولا مراكزهم المدنية والعسكرية بدماء أبناء الشعب السوري ،
6.ينبغي أن تكون هيئة الحكم كاملة الصلاحية في المجالين المدني والعسكري .
ثانياً : في جنيف ،
7.تصدر هيئة الحكم في اجتماعها الأول ، وفي جنيف، وكجزء من أعمال المؤتمر، القرارات التالية :
ــ قراراً بالإفراج الفوري عن كل المعتقلين والسجناء السياسيين ،
ــ حل مجلس الشعب السوري ( مجلس بشار الأسد ) ،
ــ حل مجلس الوزراء ( وزارة وائل الحلقي ) .
ثالثاً : في دمشق ،
8.تصدر هيئة الحكم ، ووزير الدفاع التوافقي الجديد ، قراراً فورياً بعودة العسكريين المنشقين إلى
تشكيلاتهم التي انشقوا عنها ، ويعطون كافة الحقوق التي افتقدوها بسبب انشقاقهم عن جيش النظام ،
9.تصدر هيئة الحكم قراراً بحل كافة التشكيلات المسلحة ، التي تشكلت بعد 15.03.2011 ، وسيكون
على هذه التشكيلات تسليم أسلحتها للجهة الرسمية المخولة من الهيئة ،
10.تصدر هيئة الحكم قراراً بعودة كافة الموظفين المدنيين إلى وظائفهم السابقة ، وتصرف لهم
تعويضاتهم المالية عن الفترة التي توقفوا فيها عن استلام رواتبهم بسبب التحاقهم بالثورة ،
11.تضمن هيئة الحكم حرية التنقل في جميع أنحاء البلاد لكافة الصحافيين،السوريين وغيرهم .
رابعاً : المرحلة الانتقالية ،
12. تحدد المرحلة الانتقالية لهيئة الحكم الجديدة بـ (.............) وسيكون هدفها :
ــ إقامة نظام سياسي ديموقراطي تعددي ، يتساوى فيه المواطنون بغض النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم ، ويتم تداول السلطة فيه بشكل سلمي ،
ــ إعادة الأمن والاستقرار في البلاد ، وإعادة تنظيم الجيش وأجهزة الأمن ، بما يكفل هذا الاستقرار،
ــ إنشاء هيئة مستقلة مفوضة للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون ، وإنصاف الضحايا
( في إطار قوانين توافقية مؤقتة ، خاصة بالعدالة الانتقالية )
ــ وضع خطة علمية وسريعة من قبل خبراء ومختصين لإعادة إعمار المدن والقرى والبنى التحتية ، بما في ذلك تأمين التمويل اللازم لهذه الخطة ،
ــ قيام هيئة الحكم الجديدة بالإعداد لإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية ، على أن تكون انتخابات شفافة
ونزيهة وبرقابة عربية ودولية ،وذلك خلال ( .........) من تشكيلها ،
ــ تتولى الجمعية التأسيسية المنتخبة ، إعداد مشروع دستور جديد للبلاد ، يتم إقراره من الشعب .
ــ تجرى انتخابات برلمانية ورئاسية على أساس هذا الدستور الجديد ،
ــ يتم تشكيل وزارة جديدة على أساس نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية والدستور الجديد ،
ــ وبتشكيل هذه الوزارة ، تعتبر الفترة الانتقالية قد انتهت ، وتعود الحياة الطبيعية إلى ( ج ع س )
 
12. حتمية انتصار الثورة ،
لقد كسر ثوار الربيع العربي بدمائهم وبعزيمتهم حاجز الخوف الذي ضربته حولهم
الأنظمة الديكتاتورية العميلة ، بل إن الأمر في الحالة السورية ، وبعد وصول أعداد الشهداء والجرحى والمصابين والمعتقلين والمهجرين إلى أكثر من عشرة ملايين من أبناء الشعب السوري ، قد أدّى إلى اتساع الخرق على الراقع ، وما عاد بإمكان أية قوة ، بما فيها طائرات وصواريخ وبراميل بوتين وبشار وقاسم سليماني وحسن نصر الله ، إعادة عجلة الثورة إلى الوراء ، أو الحيلولة دون انتصارها ، بل وتحقيق شعارها الأبرز " الشعب يريد إسقاط النظام " .