الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جبل جليد في محكمة لاهاي؟

جبل جليد في محكمة لاهاي؟

22.01.2014
راجح الخوري


النهار
الثلاثاء 21/1/2014
قطار العدالة الذي انطلق في لاهاي لن يتوقف. سيتقدم في بطء وثبات وسيمضي وقت طويل قبل الوصول الى الاحكام. فبعد العرض المثير لهيئة الاتهام، الذي قدم من وراء مجسّم تفصيلي لمسرح الجريمة هدفه سحب المخيلة الى تفاصيل الجريمة المروعة، جاء دور هيئة الدفاع.
تتشكل تلك الهيئة من 120 محامياً من مختلف الجنسيات يتولون الدفاع عن المتهمين غيابياً، لكن بصفتهم الشخصية لا الحزبية، إلا ان كل ما ادلت به هيئة الدفاع امس كان متوقعاً، واذا كانت الهيئة الاتهامية قدمت شروحاً تفصيلية اضافية تدعم محتوى البيان الاتهامي المعروف، مركّزة على خريطة الاتصالات زمنياً وجغرافياً مع تبيان مصادر الهواتف وحلقتها المغلقة، فإن هيئة الدفاع ردت بما كان متوقعاً اي رفض ادلة الادعاء واعتبارها ظرفية، ولهذا فانها ترفضها على قاعدة انتفاء الدافع وراء الجريمة التي اودت بالرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
طبيعي ان تبني هيئة الدفاع مطالعتها على قاعدة دحض الادلة الاتهامية، فهي تعتبر انها تقوم على مبدأ النظريات والتحليل والافتراض، وما دام لا وجود لادلة مباشرة ومادية وموثّقة وثابتة، فلا اساس للبناء عليه وبالتالي لاصدار احكام نهائية.
ولكن كل هذا مجرد بدايات، او لنقل انه لم يظهر من نار العدالة بعد سوى الدخان، ولم نر من انطلاق قطار المحكمة سوى هذا الدخان، بمعنى ان هيئة الادعاء لم تعرض بعد كل ما لديها من الادلة والقرائن. ففي المحاكم الكبرى لا يمكن ان تضع الهيئة الاتهامية كل ما تملكه على الطاولة دفعة واحدة، ومن الطبيعي ان المحكمة لم تعمل سبعة اعوام لترسم فقط الخرائط الملونة للهواتف وحركة الاتصالات التي اجراها المتهمون ولا اكتفت مثلاً بالبحث عن قصة ابو عدس وخلفياتها.
نحن لسنا أمام استعراض قانوني يكشف كل ابجديته دفعة واحدة، وثمة من يقول إن ما سمعناه حتى الآن من هيئة الاتهام ليس سوى القسم الظاهر من جبل الجليد وان المخفي من الاثارة اكثر من اعظم، وان هذه الاثارة ستبدأ مع مثول طوفان من الشهود امام المحكمة.
لقد وصف الادعاء الجريمة بأنها "جحيم من صنع الانسان يستهدف كل الشعب اللبناني"، في حين يجزم القانونيون الكبار اننا امام محكمة لم تبن عدالتها مثلاً على ما سمي الشاهد الملك زهير الصديق، وان لديها مفاجآت مذهلة من الافادات ستقدمها دزينات من الشهود الملوك من الضباط السوريين وغيرهم، ممن كانوا على صلة بمراكز القرار العليا وبيئته اللبنانية وعرفوا بالتفصيل مَنْ أمر ومن خطط وكيف، وهو ما سيقيم الرابط الدامغ على ان مسلسل الجرائم التي حصدت شهداء "ثورة الأرز"، امر بها اولئك الذين يريدون لبنان الوطن قتيلاً !