الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جبهة "حزب الله" في الجولان... هل هي لمصلحة لبنان؟ 

جبهة "حزب الله" في الجولان... هل هي لمصلحة لبنان؟ 

06.12.2020
إبراهيم حيدر


النهار العربي 
السبت 5/12/2020 
توقفت المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية حول الترسيم البحري برعاية أميركية، لتتركز الأنظار على التطورات التي يمكن أن تشهدها الأسابيع المقبلة على الجبهات، خصوصاً في الجنوب اللبناني والجولان السوري، حيث يعمل "حزب الله" بدعم إيراني على تحصين المنطقة الجنوبية في سوريا على أطراف الجولان المحتل، في الوقت الذي يضع قواته في حالة استنفار شبه كاملة في الجنوب اللبناني تحسباً لمعركة أو حرب قد تنشب، إما لخطأ في حسابات أو نتيجة استهدافات واغتيالات، أو بقرار يُتخذ في المرحلة الفاصلة والمتوترة لانتهاء ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة. 
 ليس تفصيلاً إلغاء جولة مفاوضات الترسيم الأخيرة بطلب إسرائيلي اعتراضاً على ما طالب به لبنان من تعديل للمنطقة البحرية المتنازع عليها من 860 كلم2 إلى 2400، حيث دعا الأميركيون رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون للعودة إلى النقطة الأولى التي انطلقت على أساسها المفاوضات. وفيما لا تزال مشكلة تأليف الحكومة اللبنانية قائمة نتيجة الخلافات والشروط بين أطراف الطبقة السياسية، خصوصاً ما يطالب به "الحزب" والتيار الوطني الحر بالمشاركة السياسية والتمثيل الكاملين، إضافة إلى الثلث المعطل، بدا أن التطورات في ما يتعلق بالمفاوضات وترسيم الحدود تتخطى الأزمة الداخلية إلى الوضعين الإقليمي والدولي. فالجميع ينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة في المرحلة الفاصلة، خصوصاً في الملف الإيراني، انطلاقاً من الرهان على تغيير أميركي مع بايدن حول ملفات المنطقة، وما إذا كان التفجير احتمال بديل من التسوية أو التفاوض. 
ترتبط التعقيدات اللبنانية في ملف الحكومة والمفاوضات وغيرها، بما يدور إقليمياً، إذ إن الضربات الإسرائيلية لمواقع إيرانية، استؤنفت في سوريا، فيما الاستنفار على أشده بين الجبهتين الجنوبية اللبنانية والسورية. فإذا ذهبت المنطقة نحو الحرب، فستشتعل الجبهتان كونهما المنفذين الوحيدين للإيرانيين في قدرتهم على القتال عبر "حزب الله" وما يُسمى بـ"المقاومة السورية" التي يعمل "الحزب" على تشكيلها وتدريب عناصرها، وهو أمر يسير به الحزب بعد تدخله في الحرب السورية إلى جانب النظام، ولا يكترث لتداعيات هذا التورط على الداخل اللبناني وعلى الدولة والكيان. ويطرح هذا الأمر مجدداً مسألة القرار من خارج الدولة، وفي شأن ملفات تتصل بالوضع في المنطقة، فلا نقاش بالنسبة إلى "الحزب" في معادلة القوة التي أرساها مع العدو الإسرائيلي وفي المنطقة والنزاعات الإقليمية، وبالتالي لا نقاش في السلاح الذي يوظف أيضاً لحسابات إقليمية ولمشاريع تتصل بمصالح إيران بالدرجة الأولى. 
 جبهة إيران و"حزب الله" ضدّ إسرائيل تتشكل في منطقة الجولان بعد جنوب لبنان، ويجري تطعيمها بمقاتلين سوريين، بصرف النظر عن قدرتهم على تحرير هذا الجزء المحتل، أم أنهم يتحركون وفقاً لوصاية إيرانية. وما يثير المخاوف أن التحضيرات للحرب قائمة على الجانبين، فإسرائيل تحصّن الجبهة الشمالية بين لبنان وفي منطقة الجولان. وقد أعلن جيشها أخيراً اكتشاف عبوات ناسفة مزروعة في الأراضي المحتلّة في منطقة الرفيد، قرب معبر حدودي قديم يقع بين القنيطرة والجولان، فشَنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات جوّية على الفرقة السابعة في الجيش السوري في بلدة سعسع، كما استهدفت معسكراً يشغله إيرانيون قرب مطار دمشق. وقبل ذلك على الفرقة الخامسة في منطقة قريبة من درعا، إضافة إلى استهداف منصّات دفاع جوي، تابعة للجيش السوري. لكن "حزب الله" لم ينجح حتى الآن بالدعم الإيراني في إنشاء مقاومة سورية على غرار قوته في لبنان، وهو اضطر الى تعزيز قواته الموجودة في الجنوب السوري، بفرق من النخبة، حتى إذا اشتعلت الجبهة تترامى بين الجولان السوري والجنوب اللبناني. والأساس في هذا الموضوع أن جيش النظام السوري وضباطه في المنطقة، غير راضين عن إمرتهم من قوات إيرانية ومن الحزب، فلا تعاون وثيق بين قوات الجيش السوري المنتشرة في المنطقة، وقوات "حزب الله"، وكذلك لم يستطع الأخير إعادة الهيكلة العسكرية الكاملة لجبهة الجولان، ناهيك بأن الروس الذي رعوا تسوية درعا في البداية لا يوافقون على تجاوزهم في ما يتعلق بفتح الجبهات في المنطقة. 
أي سيناريو للحرب سيكون لبنان في مندرجاته، وهو معرّض لأخطار كارثية ومرعبة، في ظل الانهيار القائم. وبصرف النظر عن حق اللبنانيين والسوريين بتحرير أرضهم، إنما كل المشاريع على الجبهات ترتبط بحسابات إقليمية وإيرانية خصوصاً. وفي لبنان، فرضت معادلة القوة نفسها في الداخل وأصبح لها فائض يمكن التحكم به عند الحاجة. ويتخذ استثمار فائض قوة "حزب الله" ومعادلاتها مسارين، أولاً في مواجهة إسرائيل وفي الصراع الإقليمي من سوريا إلى العراق والتزاماً بقرار المرجعية الإيرانية، ثم استثمارها في الداخل لتغيير موازين القوى التي كرّست نوعاً من الهيمنة في لبنان. وفي بناء جبهة "حزب الله" وإيران في الجولان، بدا أن معادلة صنع القوة ليس لها علاقة بوظيفة المقاومة. فلا فصل للبنان عن الملفات الإقليمية ولا فصل مسار التفاوض اللبناني عن السوري. وعلى هذا يستمر تدخل "حزب الله" في سوريا وينفذ مشاريع إيرانية من الجولان الى البوكمال. لكن بالتأكيد في هذا الانفلاش الإقليمي لا يأخذ مصلحة لبنان بالحسبان...