الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جديد أوباما

جديد أوباما

28.09.2014
ميشيل كيلو



العربي الجديد
السبت 27-9-2014
قدّم رئيس أميركا، باراك أوباما، خطة لمكافحة الإرهاب، قال إنها ستأخذ صورة حرب، بدأها بنقطة جد مهمة، تقول إن الحل في سورية سيكون سياسياً، بيد أنه سيُبنى على قوة المعارضة.
إلى ما قبل أسابيع قليلة، كان حل المعضلة السورية يستند إلى وعدٍ بإقامة توازن قوى على الأرض، هو جزء من دور دولي، هدفه إرغام الطرفين المتصارعين على قبول حل سياسي "متوازن"، لا غالب فيه ولا مغلوب، تحققه ضغوط ينتجها تفاهم أميركي روسي، يرغمهم على قبول ما كانوا سيرفضونه، لو كانت إرادتهم حرة. لكن أميركا اكتشفت، في مؤتمر "جنيف 2"، أن روسيا لا تريد حلاً دولياً، وتعتبر الحل السياسي مساوياً للحل العسكري الذي يطبقه النظام. وكانت واشنطن قد تجاهلت، طوال أعوام، أن توازن القوى الداخلي والدولي يسمح للنظام بشن حربٍ لا نهاية لها، ستكون في مصلحته، وسيعني استمرارها تحقيق ما يريده من تدمير سورية وتهجير شعبها وتشريده، وجعل الأصولية والإرهاب قَدَراً لا مهرب منه، داخل بلادنا وخارجها.
واليوم، وبعد بلوغ أوضاعنا حالاً تكاد تقوّض وجود شعبنا ووطننا، وبعد تصاعد الإرهاب إلى درجة يمكن أن تطيح أوضاع المنطقة وتوازناتها، وتفتح الطريق أمام حروبٍ بلا نهاية، تغطي جميع أرجائها، يبدو أن أوباما قرّر، أخيراً، القيام بخطوةٍ حاسمةٍ لوضع حدٍ للصراع في سورية، تَعِدُ بتقوية وضع الجيش الحر إلى الحد الذي يجعل الحل السياسي يستند إلى قوته التي ستفرض على روسيا والنظام.
هل هذا كل ما قاله أوباما في خطابه؟ كلا، لقد رسم خريطة طريقٍ تقود إلى حلٍّ يقوم على تسليح الجيش الحر وتدريبه، و"مساندته خلال معاركه"، ومنع النظام من الإفادة من الضربات التي ستوجّه إلى "داعش"، وتزويد الجيش الحر بمعلوماتٍ استخباريةٍ، وصور جوية ضرورية لمعاركه، وتقديم الخبرات اللازمة له ميدانياً، وتنشيط إمداده بمساعدات مستمرة وثابتة. لن يكون لدى أوباما أي تحفّظ، من الآن فصاعداً، إلا على اشتراك قوات أميركا البرية في القتال، التي قال إنه لن يحدث، علماً أن خبراءها دخلوا إلى العراق، بعد انهيار جيشه مباشرة، وإن أعدادهم ستزيد إلى أن تبلغ 1600 ضابط وجندي، شارك كثيرون منهم في التخطيط للمعارك، والإشراف على إدارتها.
هذا هو شكل التدخل العسكري الذي قرّره أوباما، بعدما كان يرفض رفضاً قطعياً حتى مجرد الحديث عنه، فهل قرّر حقاً نقل دوره من سلبيته الانسحابية إلى إيجابية مشروطة؟ أعتقد أنه قرر اعتماد ضربٍ من انخراطٍ محسوبٍ ومتدرّج، في الصراع ضد الإرهاب بالدرجة الأولى، وضد النظام السوري الذي أنتجه بدرجة تالية، مع أن الانخراط قد لا يتزامن في الحالتين. وأؤمن أن أوباما يقوم بهذه النقلة، خشية انتقال الإرهاب إلى أميركا وتهديد مصالحها.
سيكون من الخطأ تجاهل التحوّل في سياسات أوباما التي علينا ملاقاتها بتطوير وضعنا الذاتي، نحن السوريين، في اتجاه يخدم شعبنا وثورته، لحمته و"سداه" وحدة وطنية، تمكّكنا من تحقيق حل سياسي، يستند إلى قوة الجيش الحر، تقدم، في الوقت نفسه، الغطاء اللازم لدور دولي أكثر حسماً حيال النظام، يشجع الثورة في حربها ضد الإرهاب وضده، ويعد بإنهاء الصراع خلال زمن منظور.
هل نحن حيال تحوّل دولي محمّل بالانعكاسات الايجابية؟ أعتقد أننا أمام فرصة واعدة، تتوقف نتائجها على استخدام أوراقنا الكثيرة، والمعطّلة بطرق فاعلة وعقلانية، تخدم قرارنا المستقل، ومصالحنا الوطنية العليا وحرية شعبنا، وقتله المجاني!