الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جرائم فوق المتخيل

جرائم فوق المتخيل

30.06.2013
راشد فهد الراشد

الرياض
الاحد 30/6/2013
    ما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتشريد وانتهاكات لأعراضه وكراماته وإرثه الحضاري يسجل في عداد الجرائم الوحشية، والإبادات الجماعية، ويصنف في سجل الخطايا التي ترتكبها الأنظمة القمعية التسلطية، دون وازع أخلاقي وقيمي ومراعاة لأبسط حقوق الإنسان في التعبير عن رأيه، والمطالبة بحقه المكتسب في تحقيق الحرية والعدالة والمشاركة في إنتاج النمو والتنمية وصناعة القرار، وتصنف هذه الممارسات القذرة في إطار الخروج المطلق من الآدمية والسلوك البشري، لتنحدر في مستنقعات عفنة من الهمجية والوحشية والتخلي عن كل صفات وممارسات الكائنات البشرية السوية.
في أشد مراحل التاريخ سواداً، وأقسى أزمنته قتامة وشراسة، وفي أعنف ممارسات الطغاة والقتلة والمجرمين والعتاة والسفاحين والراقصين على جثث البشر الثملين برائحة الدماء، لم يسجل جبروتاً وطغياناً وساديةً كما يحدث في سورية بعصابات وشبيحة الأسد، وميليشيات حزب الله، والحرس الثوري الإيراني، وجيش المهدي العراقي، إذ تجاوزت أفعالهم الإجرامية حد المتخيل، واستحلوا الأعراض والممتلكات والأرض والتاريخ والحضارة الموغلة في تجليات الفكر العربي، بضمير غائب تماماً تماماً عن كل ما يمكن أن يؤشر إلى الحس الإنساني، أو الانتماء إلى العنصر البشري.
حضارة قامت في حلب الشهباء ودمشق الفيحاء، وفي حمص، ومعرة النعمان، وفي كل الفضاء الجغرافي لسورية هي شاهد حقيقي على تاريخ حضاري في العمارة والهندسة والمعرفة والثقافة يدمره نظام الأسد كما لو كان به حقد وكره على الأمة وإرثها ومنجزها وإنسانها، يتشفى بعذابات الأطفال وصراخ الأمهات، ويسر لمشهد ركام الحضارة تتداعى شواهده بفعل بطش الآلة الحربية، رافعاً شعار "الأسد أو لا أحد".
ما يحدث في سورية هو إلغاء شعب من الوجود ومصادرة حياة أفراده بوحشية القتلة وساديتهم، ودخول حزب الله في القتال ضد الشعب السوري الأعزل والمناضل والمكافح والجبار بصموده، هو جريمة من سلسلة جرائم الحزب التي ارتكبها في لبنان، وخطيئة كبرى في حق شعب من الشعوب العربية ليس من المنطق ولا من العقل أو من الأعراف السياسية السكوت عنها وعلى ما تخلّفه من ويلات ومصائب، وما تنتجه من أحقاد وفرقة وتشتت وبغضاء بين أبناء مكونات الأمة، وما تشي به تداعيات على علاقة الأخوة في الطائفة السنية والطائفة الشيعية الكريمتين، أو إظهار الطائفة الشيعية الكريمة بمظهر العدو المستهدف للطائفة السنية وهي من ذلك براء.
دول مجلس التعاون الخليجي ليست شوفينية ولا طائفية ولا مذهبية، تتعامل مع مكونات وأطياف وشرائح شعوب الأمة من منطلق الحب والاحترام وحسن التعامل، وفتحت أبوابها لكل مواطن عربي يعيش فيها مكرماً معززاً منتجاً عاملاً مشاركاً لا تمييز بين أصحاب مذهب ومذهب أو طائفة وأخرى، وإذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي ستنظر في التعامل مع المحازبين والداعمين والمؤيدين والمرتبطين بأجندات حزب الله، فإن ذلك يرتبط بأمنها القومي من جهة، وتعبير عن رفض كامل لسياسات الحزب وممارساته على الأرض السورية ومع الإنسان العربي في سوريا.
الصورة واضحة لاتقبل المزايدات، ولا مجال للتشويه.