الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جريمة "الكيماوي" احتمالان فقط

جريمة "الكيماوي" احتمالان فقط

25.08.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الاحد 25/8/2013
إمَّا أن بشار الأسد أصبح كـ»الزوج المخدوع» لم يعد يعرف شيئاً عمَّا يجري في سوريا وأن هناك من بين ضباط جيشه، الذي غدا من لونٍ طائفي واحد، مَن بادر إلى زجه في هذه الجريمة التاريخية ليتخلصوا منه وليحلَّ مكانه بعد تفاهمات خارجية وداخلية إنْ على رحيله وإن على طبيعة الحكم البديل لحكمه.. أوْ أنَّ الأفق غدا مسدوداً أمامه وأنه بات يتصرف وفقاً للمعادلة الإنتحارية القائلة :»عليَّ وعلى أعدائي».. وإلاَّ ما معنى أن يرتكب هذه «الحماقة» التي سيدفع ثمنها حتماً ،إن آجلاً وإنْ عاجلاً، وفي كلتي الحالتين.
في كل تجارب التاريخ ،التي تشبه هذه الحالة السورية، كان هناك دائماً وأبداً من يبرز في اللحظة الأخيرة حتى من بين أقرب المقربين إلى من هو في الحكم ليقطفَ اللحظة السانحة وهذا بالتأكيد ينطبق على بشار الأسد الذي معظم أركان حكمه وأقاربه وأهل بيته ومن بينهم بالطبع آصف شوكت الذي قُتِلَ في تفجير المجموعة الأمنية المعروف، والذي لا تزال تحوم حوله شبهات كثيرة، يرون أنه لا يستحق هذا الموقع وأنه جاء إليه بالصدفة وأنه لولاهم لما إستطاع الإحتفاظ به لثلاثة شهور متلاحقة.
وكذلك فإن العادة درجت أنه عندما يقع «الجمل» فإن حملة السكاكين يكثرون حوله ويبدو أن المحيطين ببشار الأسد باتوا ليس يشعرون وفقط بل ومتأكدون من أن نهايته قد أصبحت قريبة وأنهم للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من هذا النظام فإنه عليهم أن يضحوا به وأنْ يلجأوا إلى هذه الجريمة ليصبح حتى أقرب حلفائه ،الأيرانيون والروس على وجه التحديد، غير قادرين على الإستمرار بحمايته والدفاع عنه.
إنَّ هذا هو الإحتمال الأول ولعل ما يرجحه أنَّ كل المعلومات المتوافرة المتداولة في أوساط غربية مطَّلعة تؤكد أنَّ بشار الأسد لم يعد يمسك بأيٍّ من خيوط الحكم في يده وأن القرارات الفعلية، العسكرية والسياسية، هي الآن بأيدي الخبراء الروس وبيد جنرال حراس الثورة الإيرانية قاسم سليماني وأيضاً بأيدي كبار ضباط الطائفة العلوية في الجيش وفي الأجهزة الأمنية ومن بين هؤلاء شقيقه الغائب الحاضر ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة التي إرتكبت معظم المجازر والمذابح التي إرتُكبت منذ بدايات كل هذا الذي يجري في سوريا أي في آذار (مارس) عام 2011.
مرَّةً أخرى إن هذا هو الإحتمال الأول ، أي أنَّ مذبحة «الكيماوي» الأخيرة قد جرَت من وراء ظهر بشار الأسد وبدون علمه، وهنا فإن المعروف أن الرئيس السوري في أحد خطاباته المبكرة قد ألمح وبوضوح إلى أنه لا يتحمل مسؤولية ما قد يرتكبه كبار جنرالات «جيشه» بدون الرجوع إليه وبدون لا معرفته ولا علمه وحقيقة أنَّ هناك من يقول أنَّ الرئيس السوري الذي تنوء كتفاه بالرتب العسكرية يقضي معظم وقته في متابعة الفضائيات وفي كتابة التعليقات رداً على ما تتناقله شبكات التواصل الإجتماعي عن الأزمة السورية.
ويبقى أن الإحتمال الأخير، الذي لا يستبعده البعض رغم ترجيحهم للإحتمال الأول، هو أن الرئيس السوري قد فقد الأمل بتحقيق الإنتصار الذي بقي ينتظره على مدى نحو عامين ونصف وأنه وقد ضاقت به الدنيا بعد أن غدا بلا أيّ خيار إلاَّ هذا الخيار قد بادر إلى هذه الضربة «الكيماوية» من قبيل الإنتحار وأيضاً من قبيل محاولة إلصاق هذه الجريمة بالمعارضة السورية إستناداً إلى حلفائه الروس الذين حاولوا منذ اللحظة الأولى وهم سيواصلون هذه المحاولات لتخليصه من هذه الورطة بإلقاء المسؤولية على التنظيمات (السورية) المتطرفة ومن بينها جبهة النصرة!!.