الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جغرافية المتمردين السوريين

جغرافية المتمردين السوريين

30.09.2013
بنجامين بارت


صحيفة "لوموند" الفرنسية (18 أيلول 2013)
المستقبل
الاحد 29/9/2013
فهم المتمردون السوريون من اتفاق كيري-لافروف انه عليهم الإعتماد على أنفسهم إذا أرادوا ان ينتصروا. ولكن المشكلة هي ان المتمردين يتشكلون من عدد هائل من المجموعات المسلحة، تجد صعوبة في تنسيق جهودها. في ما يلي، عرض مفصل عن مختلف الإتجاهات بين المسلحين المتمردين، وعن المواقع التي يسيطرون عليها كما عن أوزانهم المتفاوتة.
القوميون: الكتائب التي يمكن وصفها بالـ"قومية"، تتمركز في الغوطة، في ريف دمشق، وكذلك في الجنوب على الحدود مع الأردن. غالباً ما يقود هذه الكتائب ضباط سابقون في الجيش السوري ومنشقون عنه، على ارتباط وثيق بسليم ادريس، قائد الجيش السوري الحر؛ وهو الجيش الذي يقدم نفسه بصفته الذراع العسكرية للائتلاف الوطني السوري، وهو أهم بنية تنظيمية للمعارضة السورية. القوميون المنشقون هؤلاء متشبّعون بالفكر القومي العربي، وهم تبنّوا الأهداف الديموقراطية للثورة السورية.
داخل هذا التيار القومي، المجموعتان الوطنيتان اللتان تشكلان البنية التنظيمية للجيش السوري الحر، هما "أحفاد الرسول" و"جبهة أحرار سوريا". والمجموعة الأخيرة تتشكل من عشرة آلاف مقاتل، وقد تأسست في أيار من العام الحالي، بهدف الموازنة مع التشكيلات الجهادية. والمجموعتان تمولهما العربية السعودية، وهي من كبار ممولي تسليح المعارضة، عبر الأردن، والأرجح أيضا عبر الولايات المتحدة. والدول الثلاث عينت سليم ادريس المؤتمن الوحيد لهذا الدعم. المجموعات القومية الأخرى صغيرة، تحتل مواقع في الأحياء، مثل مجموعة لواء شهداء دوما، في ريف دمشق.
الإسلاميون: الكتائب الاسلامية هي أقوى التيارات؛ بلاغتها دينية كلاسيكية، قريبة من خطاب الإخوان المسلمين. وهؤلاء أعضاء مؤسسون في الائتلاف الوطني السوري. وهم يدعون الى نظام ديموقراطي وليس طائفياً. أشهر المجموعات الاسلامية هي: لواء التوحيد في حلب، وصقور الشام في إدلب ولواء الاسلام في ضاحية دمشق. وهي تتألف من ستة عشر ألف رجل.
ولكن وزن المجموعات الاسلامية أثقل في جنوب سوريا، ولكنها منتشرة في الرستن بالقرب من حمص، وحتى درعا مع كتيبة الفاروق. بالأصل، كانت هذه المجموعات تدور في فلك الائتلاف الوطني السوري. ولكن في ايلول 2012، توحدت مجمل هذه الفصائل الإسلامية وأسست الجبهة الاسلامية لتحرير سوريا؛ ما سمح لها بتلقي أموال من جهات خاصة في الخليج. بعض هذه المجموعات الإسلامية ما زالت تحتفظ بختم الجيش الحر. ولكن درجة ولائها للجنرال سليم ادريس نسبية جداً. دولتان تدعمان الجبهة الاسلامية لتحرير سوريا: إمارة قطر، وهي الممول التقليدي للاخوان المسلمين، وكذلك تركيا، وهي واحدة من حلفاء الاخوان.
السلفيون: الكتائب التي تدعو الى إسلام متشدد تميل للانضمام الى الجبهة الاسلامية من اجل سوريا. هذه الجبهة تأسست عام 2012، وهي تشكل مع الجبهة الاسلامية لتحرير سوريا، الاخوانية، واحدة من أقوى التحالفات داخل التمرد السوري. كتيبة احرار الشام التي تضم عشرين الف مقاتل هي العامود الفقري للجبهة السلفية. مجموعة لواء الحق، وقاعدتها ريف حمص، تلعب أيضا دوراً هاماً داخل الجبهة السلفية.
أنصار الجبهة السلفية يتوقون الى إنشاء دولة إسلامية، وخطابهم معاد للشيعة والعلويين. والمجموعات السلفية التي لا سلطة للجيش الحر عليها يمولها عادة أثرياء كويتيون. وهي مسيطرة على مناطق في الشمال السوري، مثل ادلب وحلب وحماه والرقة. ومقاتليها يتجاورون مع مقاتلي جبهة النصرة، فيشاركونهم أحياناً في القتال وفي إدارة شؤون المناطق المحرّرة.
الجهاديون: تنظيمان مشنقان عن تنظيم "القاعدة" يعملان الآن في سوريا، خصوصاً في الشمال وفي وادي الفرات، حيث ما زالوا يتقدمون. والتنظيمان هما جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش).
التنظيم الاول، النصرة، تأسس عام 2012 من قبل مندوبين من "القاعدة" في العراق ومن جهاديين سوريين أطلق النظام سراحهم. وان كان عدد مقاتليها لا يتجاوز الآلاف، فقد استطاعت "النصرة" ان تفرض نفسها داخل الثورة، بفضل حماسة مقاتليها، خبراء العمليات الإنتحارية؛ ما دفع واشنطن الى وضع هذا التنظيم على لائحة الإرهاب الدولي.
التنظيم الثاني، "الدولة..."، تأسس في ربيع العام الحالي، من قبل منشقين عن النصرة، كانوا يرغبون بالإندماج مع تنظيم القاعدة في العراق. ونتيجة هذا الإنشقاق، صارت "النصرة" تضم جهاديين، سوريين في غالبيتهم، مندمجين تماماً في الثورة، فيما تجذب "الدولة" جهاديين أجانب، لا يترددون في الإشتباك مع كتائب سورية مناهضة لظلاميتهم.
الكرد: "وحدات الحماية الشعبية"، الجناح العسكري لـ"حزب الإتحاد الديموقراطي"، وهو الفرع السوري لـ"حزب العمال الكردستاني"، هي القوة المهيمنة على المناطق ذات الغالبية الكردية. وهذه الوحدات المدرَّبة على حرب العصابات، والتي تعتنق الماركسية، تتبع خطاً وسطاً: فهي تلتقي في نصف الطريق مع الولاء لبشار الأسد، الذي أهدى "حزب العمال الكردستاني" التركي المناطق الكردية في مناطق نفوذه الشمالية، وبين العداء لتركيا. تحصل إشتباكات دورية بين مقاتلي "الحزب" والمقاتلين الجهاديين، خصوصاً في رأس العين، وهي بلدة حدودية استراتيجية.