الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف السوري على طريق جنيف اللبناني..إطار نظري للحلّ ينتظر حرباً ستطول

جنيف السوري على طريق جنيف اللبناني..إطار نظري للحلّ ينتظر حرباً ستطول

25.05.2013
روزانا بومنصف


روزانا بومنصف
النهار
السبت 25/5/2013
لا تراود ايا من المسؤولين في لبنان اوهام ازاء احتمال ان يحمل مؤتمر جنيف - 2 المرتقب عقده الشهر المقبل حلا للحرب السورية. فالرؤية تستند الى التجربة اللبنانية في الحرب التي سمحت بان يبقى لبنان ساحة لصراعات محلية واقليمية ودولية طوال 15 عاما في مراحل شهدت انتقال الحرب من مرحلة الى اخرى بدأت حادثا مسيحيا فلسطينيا وانتهت حربا مسيحية مسيحية وما بينهما من دخول سوري وعربي ودولي واسرائيلي وايراني في لبنان على غرار ما باتت تشهده الحرب في سوريا التي انتقلت من ثورة شعبية سلمية في آذار 2011 ضد نظام استبدادي الى حرب ايران و "حزب الله" ضد الثوار ومعهما روسيا الداعمة بقوة للنظام في مقابل الدول العربية والغربية الداعمة للمعارضة. كما تستند هذه الرؤية الى غياب العوامل الداعمة للتفاؤل بقرب التوصل الى نهاية الحرب اذ ان المعارك التي تخاض ترمي من جهة الى تعزيز الاوراق والمواقع قبيل جولة تفاوض محتملة في جنيف لكنها ايضا تخاض تحت عناوين الاستمرارية في الحرب وليس نهايتها لانه لا يمكن النظام ايا يكن الدعم له من ايران و"حزب الله" لاستعادة السيطرة على مناطق خسرها في السابق ان يحكم سوريا او يستعيد السيطرة عليها. كما ان مسؤولين كبارا يتطلعون بجدية الى انكفاء الرئيس باراك اوباما عن الرغبة في الاهتمام جديا بالملف السوري بناء على اطلالته الاولى بعيد انتخابه للرئاسة الاميركية اول مرة حين زار كلا من انقره والقاهرة ووجه منهما رسائل الى الدول الاسلامية فلم يجد اي تجاوب او تلاق. كما ان تركيزه على الشأن الداخلي الاميركي بنيّة انتصارات محلية وقد تراجعت الامال العريضة التي علقتها دول عربية عدة عليه مما قد يحمل على الاعتقاد انه سيترك الازمة السورية الى من يخلفه في الرئاسة نظرا الى العوائق التي وضعها لنفسه في وجه اي تورط او تدخل خارجي في سوريا بناء على تجربتي العراق وافغانستان. اذ ان الرئيس الاميركي تجاوز تحذيراته للنظام السوري من استخدام الاسلحة الكيماوية ضد شعبه على رغم التأكيدات الحاسمة بذلك، كما انه لم يشجع رئيس الوزراء التركي لدى زيارته الاخيرة الى واشنطن غداة الانفجار في الريحانية في تركيا الذي اودى بحياة عدد كبير من القتلى والذي اتهمت فيه تركيا النظام السوري باستغلال الحادث من اجل ان تطلب تركيا من دول الناتو مساعدتها في مواجهة التحديات من جانب سوريا. كما ان المخاوف من تهديد سوريا دول الجوار قد انحسرت على رغم وصول الحرب السورية الى كل من لبنان والعراق وحتى الاردن، لكن ذلك لا يشكل هاجسا ملحا ما دامت اسرائيل في وضع مثالي لم تحظ بمثله اطلاقا وستفيد منه لوقت طويل خصوصا مع تمسكها ببقاء الاسد ما دام يحمي حدودها وينشغل بحرب داخلية في مواجهة اسلاميين قد يفتحون لاحقا جبهة الجولان الهادئة منذ العام 1976. وذلك في الوقت الذي بدا تحذير وزير الخارجية الاميركي جون كيري الرئيس السوري من ان عدم الذهاب الى مؤتمر جنيف - 2 سيكون بديله المزيد من المجازر والتقسيم وكانما هذا التحذير موجه الى رئيس يخشى من استخدام المجازر والتقسيم للبقاء في السلطة في حين انها اداته منذ ما يزيد على سنتين.
ويسير في موازاة الانكفاء الاميركي عجز اوروبي عن الذهاب الى اجندة مختلفة غير مرتبطة بالاميركيين مما يترك الامور تدور في الفلك الذي تدور فيه من دون اي تقدم، ويفيد الروس من رغبة الرئيس الاميركي وحرصه على حل تشارك فيه روسيا في رسم سقوف للحل لن تكون مقبولة بالنسبة الى افرقاء معنيين كثر بالحرب الجارية في سوريا. في حين يراهن كثر على ان الاجندة الخفية للاستخبارات الاميركية وسواها ان تستوعب سوريا كل التنظيمات المصنفة "ارهابية" ان في الجانب السني كجبهة النصرة والقاعدة او "حزب الله" في الجانب الشيعي لكي تضعف احداها الاخرى او تنهيها من دون اي تورط خارجي في الوقت الذي يساهم انخراط الجهاديين من اوروبا وروسيا في اراحتهما من مخاطر بعيدة الامد او من تحديدها وحصرها ايضا.
لهذه الاعتبارات وسواها ايضا لا يعلق المسؤولون في لبنان على اختلاف مشاربهم امالا تذكر على مؤتمر جنيف - 2 الذي يشبه البعض ما سيطلقه بما سبق ان انطلق اقليميا ودوليا بالنسبة الى لبنان مع مؤتمري جنيف ولوزان في العامين 1983 و1984 للحوار بين الزعماء اللبنانيين واللذين انعقدا بعد مرور اعوام على الحرب في لبنان علما ان هذه الحرب لم تنته الا باتفاق الطائف العام 1989. كما يشبه البعض المؤتمر بمحادثات باريس التي انطلقت العام 1968 من اجل ايجاد حل لحرب فيتنام وبقيت تجرجر حتى منتصف السبعينات تقريبا. فجل ما يعتقد ان مؤتمر جنيف - 2 يمكن ان يؤدي اليه هو ان يخلق اطارا للحل حتى اذا نضجت الامور على الارض يمكن ان يتحول هذا الاطار الى آلية ممكنة التنفيذ. الا انه في هذا الوقت فان الحرب ستستمر ميدانيا حتى تفرز بنفسها الحل مع اقتناع راسخ بانه لا يحتمل ان يكون اي بقاء للاسد حتى في فترة انتقالية يتفق عليها.
ولذلك فان الخشية كبيرة على لبنان في ظل انزلاق امني وسياسي واقتصادي نحو خطوط حمر بحيث تتعثر المعالجات، في حال وجدت، متى تم تجاوز هذه الخطوط.