الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف كلُهم معه وضدّه

جنيف كلُهم معه وضدّه

30.10.2013
حازم مبيضين


الرأي الاردنية
الثلاثاء 29/10/2013
يواصل المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي جولاته للتحضير لمؤتمر جنيف الثاني، وسط انتقادات لخطواته تستبق وصوله لدمشق، يشترك فيها طرفا النزاع، فقد حذره الرئيس السوري من الخروج عن إطار المهام الموكلة إليه، ودعاه إلى التزام الحياد، ورأى أن مهمته تقضي بأن يخضع فقط لعملية الحوار بين القوى المتصارعة على الأرض، في حين استبعد الائتلاف المعارض الموافقة على مشاركة إيران في المؤتمر، باعتبارها جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحل.
الائتلاف لم يعلن بعد قراره بشأن المؤتمر، لكنه يؤكد ضرورة تنحي الأسد، وعلى الأرض أعلنت مجموعة من كتائب المعارضة المسلحة رفضها المشاركة قبل إنهاء الحكم القائم بكل أركانه ومرتكزاته، في حين يرفض النظام مشاركة أطراف أجنبية في القرارات المتعلقة بمصير البلاد، كما يرفض أي حوار مع المعارضة التي يتهمها بالارتباط بدول إقليمية ودولية، أو مسلحي المعارضة، وبين هذا وذاك يميل الإبراهيمي إلى تأجيل عقد المؤتمر، للخروج من مأزق إصرار النظام على اعتبار خصومه مجرد عصابات إرهابية مسلحة، ويواصل عملياته العسكرية ضدهم.
الأسد مصمم على الترشح مجدداً لانتخابات الرئاسة، وقواته تواصل حملتها واثقة بالنصر، وهو في موافقته الشكلية على حضور المؤتمر، يعتمد على موقف معارضيه الرافض أي دور له ولمجموعته الملطخة أياديها بدماء السوريين، والمُطالب بضمانات إقليمية ودولية قبل أي حوار أو تفاوض، في حين يُجري الابراهيمي جولاته على أسس مختلفة عن تصورات الجانبين، فالمؤتمر كما تراه القوى الدولية، ليس معنياً بإقصاء الأسد فوراً، وليس مستعداً لانتظار انتصارات للمعارضة تغير الواقع على الأرض.
كان اتفاق الكيماوي مفاجأةً صاعقة للمعارضة، التي راهنت على الضربة الأميركية، وهللت ومعها مجموعة من أصدقائها للبوارج المحتشدة قرب الشواطئ السورية، لكن الرياح جرت بما لاتشتهيه سفنها، فقد زاد الاتفاق تعقيدات الأزمة، إذ رأى فيه النظام خلاصاً ولو مؤقتاً، ورأى أصدقاؤه فرصة لإعادة تأهيله، بينما اعتبرته المعارضة اختزالاً للأزمة، وتخلياً عن دعم مطالبها التي قاتلت لتحقيقها، وكبدت الشعب السوري أكثر من 110 آلاف قتيل، ولم يكن مُقنعاً لها موقف أصدقائها في اجتماعهم الأخير في لندن، لعدم اتخاذهم خطوات دعم عملية لمواقفهم السياسية والعسكرية.
في الأثناء تمتد المناورات على الأرض، وتنتقل المعركة الموعودة في القلمون إلى طرابلس اللبنانية، حيث تتركز الأنظار عليها، خشية امتداد شررها إلى كومة القش اللبنانية الجاهزة للاشتعال، بينما يسعى المعارضون لإشعال أطراف دمشق، وتحقيق بعض الإنجازات في الجنوب وأرياف حلب وحمص، وهم بذلك يؤكدون عملياً ما قاله رئيس أركان الجيش الحر « ليذهب جنيف إلى الجحيم»، وإذا كان بعض أطراف الائتلاف يفضل التناغم مع الإرادة الدولية بخوض تجربة التفاوض، فإن الصوت المعارض هو الأقوى والأكثر تأثيراً.
 واشنطن تؤكد أن لا دور للأسد في جنيف الثاني ولا في مستقبل سوريا، وموسكو ترى أن القرار في الموضوع ليس من اختصاص المؤتمر، ودمشق ومعها طهران تتمسكان بهذا الرأي، والمعارضة المتشظية تشترط رحيل الأسد ونظامه، رغم إدراكها أن واشنطن عملياً تخشى أن تكون قوى التطرف هي البديل، و على الأرض اقتنعت الأقليات بتمثيل النظام لها وحمايتها، على خلفية دخول المتطرفين بمواقفهم الظلامية، كجبهة النصرة وداعش على خط الصراع العسكري ، وفي الأثناء يواصل الطرفان المتصارعان حربهما على أمل الحسم عسكرياً، فيما جنيف الثاني يحظى بموافقتهم اللفظية، بينما يعملان على دفنه قبل ولادته ولكل منهما أصدقاء يدعمون هذا التوجه.